على وقع خلاف.. الجزائر تدعو فرنسا لكشف مواقع مخلفاتها النووية

رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة نظيره الفرنسي فرانسوا لوكوانتر، في العاصمة الجزائر - 08 أبريل 2021 - facebook@mdn.gov.dz
رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة نظيره الفرنسي فرانسوا لوكوانتر، في العاصمة الجزائر - 08 أبريل 2021 - facebook@mdn.gov.dz
دبي - الشرق

دعا رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة نظيره الفرنسي فرانسوا لوكوانتر، خلال استقباله في العاصمة الجزائر، الخميس، إلى تسليم خرائط مخلفات التجارب النووية التي أجريت بجنوب الجزائر، والتي تعتبرها باريس سراً عسكرياً، رافضة كشف أماكنها.

يأتي ذلك فيما تقرر تأجيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس إلى الجزائر، الأحد، لأجل غير مسمى، بعدما كانت تهدف إلى "تكريس عودة الدفء إلى العلاقات المعقدة بين البلدين".

وتطرق شنقريحة خلال محادثاته مع لوكوانتر، إلى "إشكالية إعادة تأهيل منطقتي رڨان وإن إيكر، موقعي التجارب النووية الفرنسية القديمة"، وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.

وقال شنقريحة: "بودي أن أتطرق لإشكالية المفاوضات ضمن الفوج الجزائري-الفرنسي، حول مواقع التجارب النووية القديمة، والتجارب الأخرى بالصحراء الجزائرية، حيث أنتظر دعمكم (..) بهدف التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي رڨان وإن إيكر (..) وموافاتنا بالخرائط الطبوغرافية، لتمكيننا من تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم".

وكانت صحيفة "لا ديباش" الفرنسية، نقلت في مارس الماضي عن مصادر قولها، إن قرار الرئيس إيمانويل ماكرون تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري التي يزيد عمرها على 50 عاماً، خصوصاً المتعلقة بالحرب الجزائرية، لن يشمل الملفات المتعلفة بالتجارب النووية في الصحراء الجزائرية، على الرغم من أنها تندرج ضمن المدة الزمنية التي شملها القرار.

17 تجربة نووية

ونفّذت فرنسا التي احتلت الجزائر بين عامي 1830 و1962، 17 تجربة نووية في الصحراء بين 1960 و1966 في منطقتي رقان وإن إيكر. 

وكانت السلطات الفرنسية أكدت بعد ثلاثة أيام من أول تجربة نووية بالجزائر، في 13 فبراير 1960، أن الإشعاع أدنى من مستويات السلامة المقبولة. لكن وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013، أظهرت أن الإشعاع أعلى بكثير مما أعلن حينها، ويصل إلى كامل غرب إفريقيا وجنوب أوروبا.

وجرت 11 من تلك التجارب، وجميعها تحت الأرض، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، التي قادت إلى استقلال الجزائر، لكنها تضمنت بنوداً تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى عام 1967. 

ووفق دراسات تاريخية تم إجراؤها في الجزائر، تسببت 17 تجربة نووية أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، ما بين 1960 و1966، في مقتل 42 ألف جزائري، وإصابة آلاف آخرين بإشعاعات نووية.

ويعد ملف التجارب النووية واحداً من أبرز المسائل الشائكة المطروحة للتفاوض بين البلدين، وفي هذا الصدد اقترح المؤرخ بنجامين ستورا، المكلف من قصر الإليزيه بإعداد تقرير بشأن حرب الجزائر، إجراء أبحاث حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء وتداعياتها. وفي المقابل تبدي الجزائر تمسكاً بتحميل فرنسا مسؤوليات هذه التجارب النووية.

خلاف بشأن زيارة كاستيكس

وفي خطوة مفاجئة، أُرجئت زيارة رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس إلى الجزائر، الأحد، إلى أجل غير مسمى. 

وعزت باريس التأجيل إلى أزمة كورونا، بينما أكدت مصادر مطلعة لوكالة "فرانس برس" أن أسبابها دبلوماسية ترجع إلى "خلاف حول تشكيلة الوفد الفرنسي"، الذي اعتبر "دون المستوى".

وقال مكتب رئيس الوزراء الفرنسي لوكالة "فرانس برس" إن "جائحة كورونا لا تسمح بأن تكون هذه الوفود في ظروف مُرضية تماماً"، مضيفاً أن اللجنة الحكومية الفرنسية - الجزائرية، الهيئة التي كان مفترضاً أن تُعقد الاجتماعات الثنائية في إطارها، "أرجئت بالتالي إلى موعد لاحق يكون فيه السياق الصحي أكثر ملاءمة".

لكن مصادر فرنسية وجزائرية متطابقة عزت إرجاء الزيارة إلى أسباب دبلوماسية، مشيرة إلى أن حجم الوفد الفرنسي الذي جرى تخفيضه بسبب الجائحة اعتُبر غير كافٍ من قبل الجزائر التي أبلغت باريس بذلك؛ الأمر  الذي عجّل صدور القرار المتأخر بإرجاء الزيارة.

"وفد دون المستوى"

وقال مصدر فرنسي مطلع على القضية إن "تشكيلة الوفد هي دون المستوى" في نظر الجزائر.

بدوره، قال مصدر جزائري إن باريس "خفضت مدة الزيارة إلى يوم واحد وحجم الوفد إلى أربعة وزراء. إنها تشكيلة مصغّرة، في حين أن هناك الكثير من القضايا الثنائية التي يجب دراستها".

وكان مفترضاً بهذه الزيارة أن تمثّل خطوة جديدة في التقارب الثنائي الذي بدأه الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون.

وخلال الزيارة التي أرجئت، كان مقرراً أن يترأس كاستيكس بالاشتراك مع نظيره عبد العزيز جراد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى، الهيئة التي تجتمع بانتظام لتقييم التعاون الاقتصادي بين البلدين بشكل خاص.

ولم تنعقد هذه اللجنة منذ ديسمبر 2017 بسبب التظاهرات في الجزائر والتي أدت إلى سقوط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019، وجرّاء الأزمة الصحية المرتبطة بكورونا.