توعّد رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية "راديو كان"، الأحد، قادة حركة "حماس" الفلسطينية في قطر وتركيا ولبنان، بـ"الملاحقة حتى لو استغرق الأمر سنوات"، فيما ردت الحركة بالقول إن "هذه التهديدات لا تخيف أحداً من قادة حماس".
وقال بار في تسجيل لم يتضح وقت ومكان تسجيله: "لقد حددت الحكومة هدفها المتمثل بالقضاء على (حماس)، ونحن مصممون على القيام بذلك، وهذه هي (عملية) ميونيخ الخاصة بنا".
وبذكره ميونيخ، كان بار يشير إلى رد فعل إسرائيل على سقوط 11 من أعضاء الفريق الأولمبي الإسرائيلي عام 1972 عندما شن مسلحون من منظمة "أيلول الأسود" الفلسطينية، هجوماً خلال دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ. وردت إسرائيل بتنفيذ حملة اغتيالات مستهدفة ضد نشطاء وأعضاء المنظمة على مدى عدة سنوات، وفي عدة دول.
وأضاف رونين بار أنه سيلاحق "كل قادة حماس في كل مكان، في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو تركيا أو قطر"، لافتا إلى أن ذلك "سيستغرق بضع سنوات"، بحسب ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن التسجيل.
واعترف بار بـ"فشل" جهاز الاستخبارات في مهمته قبل الهجوم الذي شنته "حماس" في 7 أكتوبر، لكنه قال: "الجهاز يسير الآن في اتجاه تصاعدي، وقد تعلم من الدرس، ومن إخفاقات ذلك اليوم".
ولم يكن هذا التهديد الأولى من نوع الذي يدلي له مسؤول إسرائيلي، إذ سبق أن أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في نوفمبر الماضي، أنه طلب من جهاز الاستخبارات "الموساد" العمل ضد قادة "حماس" في "أي مكان يتواجدون فيه حول العالم".
كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إن قادة الحركة "يعيشون في الوقت الضائع"، مشيراً إلى أن جهاز "الموساد" سيلاحق قادة الجماعة المسلحة في أي مكان في العالم.
حماس: التهديدات الإسرائيلية لا تخيفنا
من جهته، رد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لـ"حماس" طاهر النونو، على تصريحات بار، وقال إن "التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة حماس في الداخل والخارج لا تخيف أحداً من قادة الحركة، وتعكس المأزق الذي تعيشه إسرائيل".
وأضاف النونو في بيان، أن هذه التهديدات تمثل "انتهاكاً صارخاً لسيادة الدول التي ذكرها قادة العدو ومساساً مباشراً بأمنها ما يستدعي ملاحقة العدو ومحاسبته على تطاوله وغروره".
وأشار إلى أن هذه التهديدات تعكس "المأزق السياسي والميداني الذي يعيشه العدو بفضل صمود شعبنا البطل ومقاومته الباسلة".
ويعيش عدد من قادة حركة "حماس" بين لبنان وتركيا وقطر التي تستضيف المكتب السياسي للحركة ويقوده إسماعيل هنية، كما تلعب الدوحة دور الوسيط بين الحركة والمسؤولين الإسرائيليين، من أجل العودة للهدنة الإنسانية في غزة، وإطلاق سراح مزيد من الأسرى.
وفي السياق، قال سفير قطر لدى واشنطن، الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، في نهاية أكتوبر الماضي، إن بلاده تتعرض لحملة تضليل بشأن دورها كوسيط سلام في الحرب الدائرة بقطاع غزة، مشيراً إلى أن فتح مكتب سياسي لـ"حماس" في الدوحة تم بطلب من واشنطن.
وأضاف السفير القطري في مقال بصحيفة "وول ستريت جورنال": "تم افتتاح المكتب السياسي لحماس في قطر في عام 2012 بعد طلب من واشنطن لإنشاء خطوط اتصال غير مباشرة مع حماس. وكثيراً ما استخدم المكتب في جهود الوساطة، ما ساعد على تهدئة الصراعات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية".
لكن نائب مدير الدائرة الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، جوشوا زاركا، أشار إلى أن "إسرائيل ستُصفي حساباتها مع قطر، بعد أن تنهي دورها كوسيط في محادثات الأسرى"، مع حركة "حماس"، مضيفاً، الأربعاء الماضي، أن "قطر لعبت دوراً سيئاً في كل ما يتعلّق باستضافة أعضاء (حماس) وإضفاء الشرعية على أنشطة الحركة".
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة وقطر "اتفقتا على إعادة النظر" في ارتباط الدوحة بحركة "حماس" بعد حل أزمة الأسرى، نقلاً عن 4 دبلوماسيين مطلعين على المناقشات.
خلاف مع تركيا
وخلافاً لمعظم حلفائها الغربيين، لا تعتبر تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي "حماس" جماعة إرهابية، وتستضيف بعض أعضاء الحركة.
وسبق أن وجه وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر منشور على منصة X قائلاً: "تفضل واستضف في بلدك إرهابيي حماس الذين لم يتم القضاء عليهم، وفروا من غزة"، مضيفاً: "سنحرر غزة من حماس، من أجل أمن إسرائيل، ومن أجل خلق مستقبل أفضل لسكان المنطقة".
وجاء ذلك رداً على رفض الرئيس التركي، السبت، دعوات الولايات المتحدة لقطع العلاقات مع "حماس" في ظل الحرب بينها وإسرائيل في قطاع غزة، موضحاً أن "واشنطن تدرك بأن أنقرة، على عكس الولايات المتحدة، لا تعتبر حماس منظمة إرهابية"، مضيفاً: "حماس أمرٌ واقع في فلسطين، فهي حزب سياسي هناك، خاض الانتخابات كحزب سياسي وفاز فيها".
وكان وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسون، أعرب خلال زيارة لتركيا هذا الأسبوع، عن قلق واشنطن "العميق" بشأن علاقات أنقرة مع "حماس".
وأكد نيلسون أنّ الولايات المتحدة لم ترصد أيّ تحويل للأموال عبر تركيا إلى الحركة الفلسطينية منذ بداية الحرب بين إسرائيل و"حماس" في السابع من أكتوبر الماضي، لكنه أشار إلى أن أنقرة سبق أن ساعدت "حماس" في تلقي تمويل، ودعاها إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ التحويلات المستقبلية المحتملة للأموال.
وفرضت الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، عقوبات على العديد من الكيانات والأفراد الأتراك في إطار جهودها للحد من تمويل "حماس"، في أعقاب هجوم الحركة على إسرائيل في السابع من أكتوبر.