انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، أعمال القمة الـ44 لدول مجلس التعاون الخليجي على مستوى القادة، والتي يتصدر أجندتها ملفات حرب إسرائيل على قطاع غزة، والوحدة الاقتصادية الخليجية.
وافتتح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تترأس بلاده دورة القمة الحالية، القمة، وقال في كلمته الافتتاحية، إن القمة "تأتي في وقت نأمل فيه أن يسهم التفاهم والتواصل بين القادة في تنمية وتعزيز العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصالح دولنا، وتطلعات شعوبنا، ويعزز مكانة مجلس التعاون إقليمياً ودولياً، ويتيح فرصاً أكبر للنمو والازدهار".
وشدد على أن "المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة تحتم تشاوراً وتنسيقاً مستمراً بين دول المجلس للتعامل معها". وقال إن القمة تعقد وسط "مأساة خطيرة وكارثة إنسانية غير مسبوقة ناجمة عن العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق، وخاصة في غزة".
وتأتي القمة الخليجية في ظل ظروف استثنائية تشهدها المنطقة، مع استئناف إسرائيل حربها على غزة بعد هدنة دامت أياماً قليلة، كانت قد تحققت بوساطة قطرية مصرية أميركية. وتبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهوداً دبلوماسية لوقف الحرب كان من بينها استضافة العاصمة السعودية الرياض "القمة العربية الإسلامية" في نوفمبر الماضي.
أمير قطر: إسرائيل تمارس قتلاً ممنهجاً في غزة
وأضاف أمير قطر أنه في فلسطين المحتلة "انتهكت كافة المعايير والقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية من خلال ما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم ضد الإنسانية. وعلى الرغم من انكشاف حجم الجريمة ما زالت بعض الأوساط الرسمية تستكثر على الشعب الفلسطيني مطلب وقف إطلاق النار".
واعتبر أنه من العار على المجتمع الدولي "أن يتيح استمرار هذه الجريمة النكراء التي تواصل فيها القتل الممنهج، والمقصود للمدنيين الأبرياء العزل بمن في ذلك النساء والأطفال، لقرابة الشهرين".
وقال إن بلاده تواصل العمل لتجديد وتمديد الهدنة في قطاع غزة، وأكد أنها "ليست بدلاً على وقف دائم لإطلاق النار". ودعا مجلس الأمن إلى إجبار إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات بخصوص الحرب في غزة.
"الدفاع عن النفس لا ينطبق على الاحتلال"
وأضاف أمير قطر: "أسر بكاملها شطبت من السجل المدني، وجرى استهداف البنى التحتية الهشة أصلاً، وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والوقود وتدمير المستشفيات والمدارس والمراكز الحيوية، كل هذا بحجة الدفاع عن النفس مع أن الدفاع عن النفس لا ينطبق على الاحتلال وفقاً للقانون الدولي، ولا يجيز ما تقوم به إسرائيل من مجازر إبادة".
وشدد على أن "المجازر تعمق الشعور بالظلم وعجز الشرعية الدولية، لكن الوجه الآخر لهذه المأساة، هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل كل حقوقه المشروعة ومركزية قضية الفلسطينية".
وتابع: "كان ممكناً توفير كل هذه المآسي لو أدركت إسرائيل وداعموها أنه لا يمكن تهميش قضية الشعب الفلسطيني، وأن زمن الاستعمار قد ولى، وأن الأمن غير ممكن بدون سلام دائم وكلاهما لا يتحققان بدون حل عادل لهذه القضية".
وجدد الأمير تميم بن حمد، إدانة استهداف المدنيين من جميع الجنسيات والقوميات والدينيات، وشدد على ضرورة توفير الحماية لهم وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني، ودعا الأمم المتحدة إلى ضرورة "إجراء تحقيق دولي بشأن المجازر في حق الشعب الفلسطيني".
واستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ونائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد، الذي يحضر نيابة عن السلطان هيثم بن طارق، ووزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبد الله الجابر، ممثلاً لأمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر.
تفعيل عملية سلمية
من جانبه، دعا أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم بن محمد البديوي، المجتمع الدولي إلى "الاضطلاع بمسؤولياته، والعمل أولاً على ضمان وقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة"، بالإضافة إلى "تفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة، ويحمي المدنيين".
واستهل البديوي كلمته أمام قمة مجلس التعاون الخليجي بقوله: "نحن اليوم نجد أنفسنا محاطين بشدائد شاخصة، خاصة ما نشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة".
واقتبس البديوي جزءاً مما تضمنه أول بيان ختامي لمجلس التعاون الخليجي عام 1981، والذي نص حينها على أن "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يؤمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة، ويؤمن الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي طليعتها القدس الشريف".
وأضاف أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في كلمته: "ما زلنا الآن نؤكد خطورة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه من جهة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته من جهة أخرى".
زيارة رسمية سعودية إلى قطر
وأعلن الديوان الملكي السعودي الثلاثاء، أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، غادر إلى الدوحة بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، واستجابة للدعوة الموجهة من أمير قطر، لترؤس وفد المملكة في القمة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن الأمير محمد بن سلمان سيقوم بزيارة رسمية لدولة قطر يلتقي خلالها مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لـ"بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية الأخوية، وعقد مجلس التنسيق السعودي - القطري".
أردوغان يحضر القمة
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي لـ"الشرق" الاثنين، حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لهذه القمة، علماً أنها تتزامن مع زيارته الرسمية إلى قطر يومي 4 و5 ديسمبر.
وترأس الأمير تميم بن حمد آل ثاني الاثنين، مع أردوغان اجتماع اللجنة العليا الاستراتيجية القطرية التركية، في دورتها التاسعة.
وقال أمير قطر على "إكس" الاثنين، إن الاجتماع "فرصة لتقييم مستوى علاقاتنا الاستراتيجية وتعزيزها بمزيد من الشراكات الثنائية النوعية التي تسهم في زيادة التكامل التجاري والاقتصادي بين بلدينا وتحقيق مصالحنا المشتركة".