"محور فيلادلفيا".. منطقة حدودية بين مصر وغزة تصر إسرائيل على احتلالها

جندي إسرائيلي يراقب محور فيلادلفيا الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة. 11 سبتمبر 2005 - REUTERS
جندي إسرائيلي يراقب محور فيلادلفيا الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة. 11 سبتمبر 2005 - REUTERS
دبي -الشرق

عاد "محور فيلادلفيا" الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة إلى الواجهة من جديد، بعد أن شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، على ضرورة أن يكون المحور تحت سيطرة إسرائيل، معتبراً أن أي ترتيب آخر لن يضمن عملية "نزع السلاح" في المنطقة، فما هو هذا المحور، ولماذا ترغب إسرائيل في السيطرة عليه؟.

نتنياهو، قال، السبت، إنه يتعين على بلاده أن تسيطر بشكل كامل على المحور لضمان "نزع السلاح" في المنطقة، موضحاً في مؤتمر صحافي: "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

بدأت عملية تقسيم وترسيم الحدود بين قطاع غزة ومصر، بعد "معاهدة السلام" التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979، وتنص على إنشاء "منطقة عازلة" على طول الحدود، عُرفت باسم "محور فيلادلفيا" أو "محور صلاح الدين" والذي يمتد إلى نحو 14 كيلو متراً، ولا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة.

وقسّمت الاتفاقية حينها شبه جزيرة سيناء إلى 3 مناطق، كل منطقة يُسمح فيها بدرجة محددة من التسليح، والمنطقة الأولى أو A تحاذي خليج السويس غرب سيناء، والمنطقة الثانية B تقع وسط سيناء، والمنطقة الثالثة والأخيرة هي C وتقع شرق سيناء بمحاذاة الشريط الحدودي مع غزة، ويقتصر التواجد الأمني المصري فيها على قوة من الشرطة المدنية.

وسمح اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بوجود قوة إسرائيلية "محدودة" لمراقبة الحدود في المنطقة D والتي تقع داخل قطاع غزة، وسيطرت حينها على معبر رفح البري من الجهة الفلسطينية حتى عام 2005، حين انسحبت إسرائيل من القطاع، ووقعت على "اتفاق فيلادلفيا" مع مصر، والذي حدد مهام كل طرف وأسلحته المسموح بها في المنطقة والتزاماته.

تقسيمات اتفاقية كامب ديفيد لشبه جزيرة سيناء ومحور فيلادلفيا
تقسيم شبه جزيرة سيناء ومحور فيلادلفيا وفق اتفاقية كامب ديفيد - oldwebsite.palestine-studies.org

ويخضع "اتفاق فيلادلفيا" لأحكام معاهدة السلام، دون تعديل أو تنقيح، لكنه يتضمن، وفقاً لمادته الرابعة، "تدابير أمنية إضافية.. من أجل تعزيز الترتيبات الأمنية الواردة في الملحق الأمني"، بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

تواجد مصري

ويسمح الاتفاق بوجود قوة حرس حدود مصرية، بدلاً من الشرطة قوامها 750 جندياً، تحمل أسلحة خفيفة على طول المحور، وتنتشر على طول المنطقة الحدودية، ومعها متخصصون في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود ومنع عمليات التهريب، ويتحمل الطرفان مسؤولية مكافحة أنشطة التهريب والتسلل والإرهاب من أراضي أي من الدولتين.

جاء "اتفاق فيلادلفيا" بالتزامن مع انسحاب إسرائيل من المحور وقطاع غزة ككل في العام ذاته، وفق خطة إعادة الانتشار التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، أرئيل شارون.

وسحبت إسرائيل حينها قواتها التي تحتل القطاع، بالإضافة إلى آلاف المستوطنين اليهود، بشكل أحادي الجانب، وكانت إسرائيل تهدف من توقيع "اتفاق فيلادلفيا" إلى ضمان تأمين الحدود وعدم استغلاله للأنشطة العسكرية.

وبالتزامن مع الاتفاق، انتقلت إلى السلطة الفلسطينية عملية الإشراف على معبر رفح البري الحدودي مع مصر، واشترطت إسرائيل حينها وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

ونصت الاتفاقية المعروفة باسم "الاتفاق بشأن الحركة والوصول" والمعروفة اختصاراً بـ AMA، والتي وقعت في 15 نوفمبر 2005، في وقت كانت السلطة الفلسطينية لا تزال تسيطر على قطاع غزة، على آلية لتشغيل معبر رفح بين الجانبين المصري والفلسطيني، على أن يكون الاتحاد الأوروبي، ممثلاً في بعثة حدودية، طرفاً ثالثاً يشرف على تطبيق والالتزام بالقواعد والآليات المعمول بها في الاتفاق.

ولكن بعد نحو شهرين فقط من تطبيق "اتفاق فيلادلفيا"، تبدّل الوضع السياسي والأمني في قطاع غزة الذي سيطرت عليه حركة "حماس" عام 2006 بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وطردت حركة "فتح" من الحكم.

 وسيطرت الحركة حينها كلياً على القطاع بما فيها المنطقة الحدودية والمحور المحاذي لسيناء، ما تسبب في توقف العمل باتفاق AMA، وانسحاب الاتحاد الأوروبي من المعبر، في يونيو 2007، فسيطرت عليه الحركة أيضاً.

ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي لسنوات على القطاع، حفرت "حماس" مئات الأنفاق في القطاع، والتي لعبت دوراً بارزاً في اقتصاد غزة، إذ استخدمتها في جلب عدد كبير من السلع بينها المواد الغذائية والوقود ومواد البناء، بحسب وكالة "فرانس برس"، التي قالت إن "حماس" استخدمت الأنفاق أيضاً في نقل الأشخاص والأسلحة والذخائر.

وتتهم إسرائيل الحركة بتعمد حفر أنفاق ووضع بنية تحتية عسكرية أخرى بين المدنيين واستخدام المدنيين كدروع بشرية، بحسب وكالة "رويترز" التي أشارت إلى أن بعض الأنفاق يصل عمقها إلى 80 متراً.

وأفاد مركز القدس للشؤون العامة، وهو مؤسسة بحثية إسرائيلية متخصصة في الدبلوماسية العامة والسياسة الخارجية، بأن "حماس" تصنع جزءاً كبيراً من أسلحتها، وتعمل على تطوير طائرات مسيرة، ومركبات مسيرة تحت الماء، وتعزز من قدرات الحرب الإلكترونية، مشيرةً إلى أن الحركة أتقنت تهريب الشحنات القادمة لها من الخارج باستخدام الأنفاق البرية، أو حتى أنفاق تمتد عشرات الأمتار في البحر، بدعم لوجيستي من إيران، و"حزب الله" اللبناني.

فصل غزة عن سيناء

وتتهم إسرائيل، "حماس"، بحفر أنفاق عدة تحت المحور، وذكرت قناة I24 NEWS الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي يسعى من خلال عملياته في القطاع التي بدأت في 7 أكتوبر، إلى وقف خطوط الإمدادات القادمة إلى الحركة من أجل إحكام السيطرة على القطاع.

ونقلت القناة عن خبراء عسكريين لم تسمهم قولهم، إن تحرك الجيش الإسرائيلي، باتجاه "محور فيلادلفيا" يهدف إلى فصل قطاع غزة عن صحراء سيناء المصرية، لافتةً إلى أن الحكومة الإسرائيلية، سبق لها أن تعاونت مع القاهرة في تدمير الأنفاق التي تربط القطاع بمصر، بحسب وصفها.

تصنيفات

قصص قد تهمك