مفاوضات لإعادة تنظيم الوجود الأميركي ورحيل التحالف الدولي

وزير خارجية العراق لـ"الشرق": علاقتنا بالولايات المتحدة متوترة.. ونخشى التحول إلى ساحة تصعيد

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مقابلة مع "الشرق" - الشرق
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مقابلة مع "الشرق" - الشرق
دبي -الشرق

أقرّ وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة مع "الشرق"، بتوتر علاقات بلاده مع الولايات المتحدة، وقال إن الدولة العراقية تحتاج إلى علاقات بصيغة أخرى مع الجانب الأميركي، ولفت إلى "قلق كبير" من تحول العراق إلى ساحة للتصعيد، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية؛ بسبب الحرب على غزة.

وتحدث حسين، عن مساعي بغداد بشأن إنهاء وجود قوات التحالف الدولي والذي تقوده الولايات المتحدة، موضحاً أن "التعامل مع التواجد الأميركي يجب أن يكون من خلال المفاوضات".

وأشار وزير الخارجية العراقي، إلى أن وفداً عسكرياً عراقياً، زار واشنطن منذ فترة، للتفاوض بشأن التعامل مع الوجود الأميركي، وإعادة تنظيم هذا الوجود، على أن يعقب ذلك رحيل التحالف في فترة زمنية معينة متفق عليها عن الأراضي العراقية.

ولفت إلى خطورة "التصادمات المسلحة"، في إشارة إلى استهداف فصائل عراقية مقار تابعة للولايات المتحدة والتحالف الدولي، والرد الأميركي على ذلك. وأكد أن استخدام العنف والعنف المضاد "لن يؤدي إلى حل، بل سيعقد المسألة".

وشدد على أن استهداف مقار الحشد الشعبي، أو أي مواطن عراقي داخل العاصمة بغداد "أمر غير مقبول".

ورأى حسين أن "العلاقات متوترة بين العراق والولايات المتحدة، لأن التعامل أصبح من خلال الإعلام"، وتابع: "إذن نحتاج إلى تهدئة الأمور، والوصول إلى هدف بناء علاقات صحية وطبيعية مع الجانب الأميركي، نحن لسنا في حرب معه".

وواصل حديثه: "الدولة العراقية تحتاج إلى علاقات بصيغة أخرى مع الجانب الأميركي، والوصول إلى علاقات طبيعية يسير عن طريق الحوار".

تداخلات إقليمية

وقال حسين، إن "الوضع الأمني أصبح معقداً في العراق بسبب التشابكات والتداخلات بين الوضعين الإقليمي والداخلي".

وأوضح وزير الخارجية العراقي، أن "القضية لها علاقة بالتوترات الإقليمية"، مؤكداً أن "التوتر الموجود بين الجانبين الأميركي والإيراني يؤثر على الساحة العراقية"، وأن الحرب الإسرائيلية على غزة تؤثر هي الأخرى.

وتابع: "جزء من التوترات الأمنية الموجودة على الساحة العراقية لها أبعاد إقليمية، لهذا إدارة هذه الأزمة ليست سهلة، وتحتاج إلى طرق مختلفة للمعالجة، لأنها ليست داخلية فقط، بل إقليمية وعالمية".

وبيّن حسين أن "جزء من الفصائل العراقية يتحرك خارج إطار الحشد الشعبي"، معرباً عن اعتقاده بأهمية إيجاد الحكومة سبلاً للتواصل، وبدء حوارات واضحة تؤدي إلى حماية المصلحة والسيادة العراقية.

واعترف بأن "الوضع الداخلي العراقي سواء السياسي أو الأمني له أبعاد خارج الحدود"، قائلاً: "عندما كنا ندير بعض الأمور لتخفيف التوتر بين دولتين أو دول مختلفة في المنطقة كان جزءً من ذلك مصلحة عراقية، لأن التوترات الموجودة في المنطقة تؤثر في الداخل العراقي".

وأضاف: "ندفع ثمن التوترات الأميركية الإيرانية في الساحة العراقية، لهذا نحتاج إلى إدارة الأمور داخلياً وإقليمياً وعالمياً".

وعبّر وزير الخارجية العراقي عن "قلق كبير" من تحول العراق إلى ساحة للتصعيد، مضيفاً: "ليس العراق فقط، لأن المنطقة على فوهة البركان".

وأوضح أن ساحة الصراع، ازدادت في المنطقة، وازدادت أيضاً وسائل الصراع، واصفاً الحرب الحالية بأنها "حرب اغتيالات، وحرب عبر الحدود، وحرب استبدال مسار المفاوضات والحوار بالرصاص والقصف والاغتيالات"، واستدرك: "لكن ليس هناك بديل إلا عن طريق الحوار من أجل الوصول إلى بعض الحلول".

مجالس المحافظات

وعلّق وزير الخارجية العراقي على انعقاد انتخابات مجالس المحافظات، مشيراً إلى أنها "لم تشهد أي حدث أمني يؤثر عليها"، وقال إن "المفاوضات بشأن تشكيل الحكومات المحلية بدأت، والأحزاب تتواصل من أجل التحالفات والائتلافات".

وأضاف أن "المسيرة الديمقراطية مهمة، ولا تبدأ فقط من الأعلى، بل تبدأ أيضاً من الحكومات المحلية"، وذكر أن تجميد مجالس المحافظات كان خطأً، مشدداً على أن "إعادة انتخاب مجالس المحافظات مسألة مهمة لتوزيع المسؤولية"، منبهاً أن "النظام العراقي في الواقع نظام فيدرالي لا مركزي".

وتطرق حسين إلى مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، قائلاً إن عدم مشاركة تيار بهذا الحجم يؤدي إلى وجود نقص، متمنياً أن يعود للمشاركة في الانتخابات الوطنية العامة القادمة.

وتوقع وزير الخارجية العراقي، أن تسفر بعض الخطوات خلال الأسابيع المقبلة في في حل بعض المشاكل بين بغداد وأربيل خاصة المتعلقة بالموازنة وقانون الموازنة.

الاتفاقات مع الكويت

فؤاد حسين، تطرق كذلك إلى قرار المحكمة العليا العراقية، بشأن عدم دستورية اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية مع الكويت في خور عبدالله، قائلاً إن "العلاقة مع الكويت جيدة، وجرى توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين خلال المسيرة السابقة التي بدأت بعد عام 2003، إلى أن وصلنا إلى هذه الاتفاقية، مشدداً على أن هناك خلافاً بشأن تفسير هذه الاتفاقية وتطبيقها.

وأشار وزير الخارجية العراقي، إلى أنه ستكون هناك مفاوضات وحوار بين الطرفين خلال الفترة القادمة لحل هذه "سوء التفاهمات"، وبالتالي الوصول إلى اتفاق واضح. 

وقال إن المصلحة العراقية مهمة، و"يجب أن ندافع عن مصالحنا، وقد أعلنت الحكومية العراقية التزامها بالاتفاقات الموقعة سواء الثنائية أو القرارات الدولية المتخذة من قبل مجلس الأمن بهذا الخصوص".

الوساطة بين السعودية وإيران

وبشأن العلاقات الإيرانية السعودية، قال وزير الخارجية العراقي، إن التوترات السابقة في العلاقات، كانت تؤثر على الساحة العراقية والوضع السياسي الداخلي، و"كان من مصلحتنا تخفيف هذه التوترات أو حلّها"، مؤكداً أن الجهود العراقية لحل هذه الخلافات كانت جبّارة، والمفاوضات كانت في بغداد، على الرغم من أن نتيجة التفاهمات أُعلن عنها في بجين بالصين، إلا أن الأساس كان في بغداد.

كما وصف العلاقات العراقية السعودية بـ"الجيدة" و"الممتازة"، قائلاً إن هناك اتصالات مستمرة ومختلفة سواء مع رئيس الوزراء أو ولي العهد، وكذا باقي دول الخليج، متعهداً بالعمل على المساعدة في تطوير هذه العلاقات.

وشدد وزير الخارجية العراقي على أن الوضع الأمني الداخلي العراقي، مرتبط بأمن المنطقة ككل؛ لأن ذلك يؤثر بشكل مباشر على الوضع الأمني الداخلي في العراق، فكلما كان تعاون بين الدول في المنطقة، كلما كان الوضع الأمني العراقي مستقراً، مضيفاً "نحتاج إلى وضع أمني مشترك في المنطقة من أجل الحفاظ على أمننا الوطني".

أزمة مياه

وتطرق حسين إلى أزمة المياه مع إيران وتركيا، وقال إن هذه الأزمة لها أبعاد مناخية دولية، إذ أن كلا الدولتين تعاني الجفاف والتغير المناخي، وبالتالي فإن الأمر مرتبط أساساً بسياسة هذه الدول تجاه المياه العابرة للحدود.

وقال وزير الخارجية العراقي إنه زار أنقرة قبل ثلاثة أسابيع، وكان هناك حوار واضح بشأن حصة العراق من المياه العابرة للحدود، والتي يجب أن تكون عادلة وموسمية، مضيفاً أنه "يمكن أن نصل إلى تفاهمات واقعية وعادلة بشأن حصة المياه".

وعرّج حسين على الهجمات التركية على كردستان التي تقع بين الفينة والأخرى، قائلاً: "نعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع الجانب التركي في إطار اجتماع اللجنة الأمنية السياسية المشتركة برئاسة وزيري خارجية الدولتين، ورؤساء الاستخبارات وممثل عن إقليم لتباحث الموضوع".

وقال إن الجانب العراقي والتركي، أكّدا أنه يجب حل هذه الخلافات عن طريق الحوار، وقال إنه يجب مناقشة وضع حزب العمال الكردستاني والوجود العسكري التركي داخل العراق وكيفية التعامل معه، ووضع سنجار، مضيفاً أنه "كان يحاول أن ينقل صيغة الاتفاق الأمني الموقع مع إيران إلى الجانب التركي".

وأضاف: "هي ملفات طرحت خلال اجتماع أنقرة، وسيتم التعامل مع كل ملف على حدة خلال الفترة اللاحقة".

تصنيفات

قصص قد تهمك