الولايات المتحدة تعتزم تعيين الدبلوماسي توم بيريلو مبعوثاً خاصاً للخرطوم

بعد أشهر من ضغوط الكونجرس.. واشنطن تتجه لتعيين مبعوث خاص للسودان

النائب الديمقراطي توم بيرييلو يستمع إلى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما خلال تجمع حاشد في ولاية فيرجينيا. 29 أكتوبر 2010. - Reuters
النائب الديمقراطي توم بيرييلو يستمع إلى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما خلال تجمع حاشد في ولاية فيرجينيا. 29 أكتوبر 2010. - Reuters
دبي-الشرق

تعتزم وزارة الخارجية الأميركية تعيين الدبلوماسي توم بيريلو مبعوثاً خاصاً جديداً للسودان، وذلك بعد أشهر من مطالبة مشرعين ديمقراطيين وجمهوريين بتوظيف مسؤول لديه القدرة على حل المشكلات، ومنع واحدة من أكبر دول إفريقيا من الانزلاق في حرب أهلية وتجنب إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. 

ووفقاً لما ذكرته منصة "ديفيكس" الإعلامية، فإن هذه الخطوة تأتي أيضاً بعد أكثر من 9 أشهر من انهيار التحول الديمقراطي في السودان، وسط الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، في بلد شهد صراعات عدة على مدار عقود.  

وتتزامن الخطوة مع قرار السفير الأميركي لدى السودان، جون جودفري، بصفته المبعوث غير الرسمي، التنحي عن منصبه في الأسابيع المقبلة، وفقاً لما نقلته المنصة عن عدة مصادر دبلوماسية. 

ويهدف تعيين بيريلو إلى إظهار التزام الولايات المتحدة بإنهاء الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 12 ألف سوداني وأحبط الجهود الدولية لمساعدة الخرطوم على تطوير اقتصادها، إذ أدت الحرب الحالية إلى نزوح ما يقرب من 8 ملايين شخص، واستئناف عمليات القتل الجماعي في دارفور، موقع الإبادة الجماعية في أوائل التسعينيات. 

كما قلبت هذه الحرب أحد أهم أهداف السياسة الأميركية في إفريقيا جنوب الصحراء، وهو توجيه نظام متهم بارتكاب إبادة جماعية، إلى دولة ديمقراطية مزدهرة. 

جهود السلام متعثرة

وقال مدير مشروع القرن الإفريقي بمجموعة الأزمات الدولية، آلان بوسويل، في رسالة بالبريد الإلكتروني لـ"ديفيكس"، إن "جهود السلام تعاني فجوة بحجم الولايات المتحدة". 

وأضاف: "يعلم الجميع كيف تبدو استجابة الولايات المتحدة الجادة للأزمة. يعلم الجميع أنه لم تكن هناك استجابة جادة. لقد قاومت الإدارة الأميركية حتى الآن تعيين مبعوث خاص أميركي رفيع المستوى قادر على قيادة الجهود في العالمين العربي والإفريقي، وهو ما يبدو ضرورياً لإنهاء هذه الحرب". 

 

بدورها، قالت مديرة المناصرة لشؤون الأزمات في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أكشايا كومار: "لم يعانِ أي مكان آخر من فجوة بين خطاب صانعي السياسات الأميركيين حول منع الفظائع وبين قدرتهم على تحقيق ذلك، أكثر من السودان". 

وأضافت: "على عكس مدينة غزة الفلسطينية، يحظى السودان بدعم من الحزبين في الكونجرس. وعلى عكس أوكرانيا، لا يرتدي المقاتلون الذين يروّعون السكان زيّ قوة كبيرة تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن، ولكن عملياً، لم يكن ذلك يعني الكثير للسودانيين الذين رأوا بلادهم تشتعل خلال الأشهر التسعة الماضية".

ضغوط أميركية

ولعدة أشهر، ضغط أعضاء في الكونجرس الأميركي من الحزبين على إدارة الرئيس جو بايدن، لتعيين مبعوث كبير لتعزيز التفاعل على مستوى عالٍ مع السودان. 

وفي مايو الماضي، نشر نواب بينهم، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجمهوري مايكل مكول، والعضو الديمقراطي الرفيع المستوى جريجوري ميكس، بياناً دعيا من خلاله بايدن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تعيين مبعوث أميركي أو مبعوث أممي "لجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الأعمال القتالية بشكل عاجل". 

وناشد ماكول في البداية جوتيريش مباشرة تعيين ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي، وفقاً لما نقلته "ديفيكس" عن مشرع جمهوري، لكن بيزلي لم يجد أي تأييد.  

وفي ديسمبر الماضي، قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الديمقراطي بن كاردين، والنائب الجمهوري جيم ريش، قراراً يدعم الدعوات لتعيين مبعوث خاص رفيع المستوى للمساعدة في إنهاء الصراع بالسودان. 

وقال ريش في بيان: "رغم التركيز العالمي على الأزمات في أوروبا والشرق الأوسط، يجب عدم التغاضي عن الوضع المزري في السودان، الذي يتسم بالمعاناة الشديدة والدمار واسع النطاق والجرائم المروعة". 

ورد مسؤول في إدارة بايدن قائلاً إن أي اقتراح بأن السودان يفتقر إلى تفاعل على مستوى عالٍ "لا يمكن أن يكون أبعد من الحقيقة".  

وأضاف المسؤول في تصريح لـ "ديفيكس"، أنه بالإضافة إلى قرار تعيين توم بيريلو، يواصل السفير الأميركي للسودان، جودفري، الضغط من أديس أبابا في إثيوبيا من أجل تحقيق السلام.  

كما أشار إلى أن مسؤولين آخرين بارزين في الولايات المتحدة ذوي خبرة دامت عقوداً في إفريقيا، بما في ذلك وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الإفريقية مولي في، والمبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الإفريقي مايك هامر، كانوا منخرطين بعمق في هذه القضية. 

وأضاف: "فكرة أن هذا لم يحظ بتفاعل على مستوى عالٍ هي ببساطة غير صحيحة. نحن نقوم بكل ما في وسعنا للدفع نحو المحادثات (بين الجنرالين المتحاربين) وإيجاد مسار دائم بشكل ما". 

وفي جلسة استماع عُقدت خلال مايو الماضي، دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ آنذاك، الديمقراطي بوب مينينديز، إدارة بايدن إلى تعيين مبعوث خاص مع فتح خط مباشر لإطلاع الرئيس أو وزير الخارجية على المستجدات.

وعكس هذا النداء القلق من أن المسؤولة الكبيرة في وزارة الخارجية التي تشرف على سياسة السودان، مولي في، كانت "خجولة للغاية في تعاملها مع الجنرالين المتحاربين في السودان". 

وبدت نائبة وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت، فيكتوريا نولاند، وكأنها تقاوم الدعوات لتعيين مبعوث خاص جديد، مشيرة إلى أن جودفري كان يلعب دور المبعوث الخاص بشكل فعال، بمساعدة المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الإفريقي، السفير مايك هامر. 

كما دافعت نولاند عن سجل الولايات المتحدة بشأن العقوبات، مشيرة إلى أن إدارة بايدن جمدت 700 مليون دولار من المساعدات للسودان، وعلقت تخفيف الديون في أعقاب الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرالان المتحاربان في أكتوبر 2021، ومع ذلك، رفضت الولايات المتحدة فرض عقوبات مستهدفة ضد جنرالات البلاد. 

وفي الوقت نفسه، استمرت الجهود المبذولة لاختيار مبعوث جديد لعدة أشهر، ويرجع ذلك جزئياً إلى نزاع بشأن سلسلة القيادة للمبعوث الجديد، وفقاً لما نقلته "ديفيكس" عن مراقب مطلع. 

من هو بيريلو؟

وبحسب "ديفيكس"، فإن بيريلو، عضو الكونجرس الديمقراطي السابق الذي خسر سباق حكام ولايته في عام 2017، ولديه خبرة قليلة في السودان، رغم أنه عمل مبعوثاً خاصاً لمنطقة البحيرات العظمى في إفريقيا. 

وفي أبريل الماضي، استقال من منصبه كمدير تنفيذي للبرامج الأميركية في مؤسسة "أوبن سوسايتي فاونديشنز"، كما قدم بيريلو، الذي تم الاتصال به العام الماضي لتولي منصبه في السودان، عدداً من المطالب قبل قبول ذلك التكليف، بما في ذلك منحه سلطة تعيين موظفيه، وتحديد احتياجات السفر الخاصة به، ومنحه خطاً مباشراً لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. 

وعارضت مولي في الطلب في البداية، لكنها رضخت لاحقاً، ووقعت على الترتيب، إلا أن مكتب بلينكن رفض الطلب، وأصر على أن يقدم بيريلو، مثل مبعوثي وزارة الخارجية الآخرين، تقريراً من خلال المكتب المعني، وهو مكتب الشؤون الإفريقية.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في تجمع انتخابي للممثل الأميركي توم بيرييلو (يسار) في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا. 29 أكتوبر 2010.
الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في تجمع انتخابي لتوم بيرييلو (يسار) في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا. 29 أكتوبر 2010. - رويترز

ورفض بيريلو العرض في وقت لاحق، لكنه عكس مساره منذ ذلك الحين وقبل الوظيفة، وهو ينتظر حالياً عملية التصريح الأمني والتدقيق القياسية التي تسبق تقليدياً التعيينات العليا، بحسب "ديفيكس".

والخميس، التقى بلينكن مع المشرعين، وأبلغهم أنه من المرجح أن يعلن عن مبعوث جديد في الأسابيع المقبلة، وأن المبعوث سيتمكن من الوصول إليه عند الحاجة، وفقاً لما نقلته "ديفيكس" عن مصدرين مطلعين. 

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على تفاصيل عملية تعيين بيريلو، قائلاً: "ليس لدينا أي أخبار عن الموظفين لتقديمها"، فيما قال مسؤول آخر في الإدارة إن بيريلو كان دائماً ضمن دائرة اهتمام إدارة بايدن. 

وأصبح دور المبعوثين الخاصين مثيراً للجدل بشكل متزايد داخل وزارة الخارجية الأميركية، حيث غالباً ما ينظر إليهم على أنهم يكررون العمل الذي يقوم به السفراء الأميركيون وموظفو الخدمة الخارجية.  

تصنيفات

قصص قد تهمك