أول "قومية" تتولى منصب الوزير الأول في البلاد

"يوم تاريخي".. ميشيل أونيل تتولى رئاسة حكومة إيرلندا الشمالية

ميشيل أونيل أول رئيسة حكومة إيرلندا الشمالية من القوميين (يسار) ونائبتها من الحزب الوحدوي إيما ليتل بينجيلي، بمبنى البرلمان في ستورمونت. 3 فبراير 2024 - AFP
ميشيل أونيل أول رئيسة حكومة إيرلندا الشمالية من القوميين (يسار) ونائبتها من الحزب الوحدوي إيما ليتل بينجيلي، بمبنى البرلمان في ستورمونت. 3 فبراير 2024 - AFP
دبي/ بلفاست-الشرقأ ف ب

عاد تقاسم السُلطة إلى إيرلندا الشمالية، السبت، مرة أخرى بعدما دخلت ميشيل أونيل التاريخ كأول قومية تتولى منصب الوزير الأول في البلاد، ما يشكل تحولاً تاريخياً في المقاطعة البريطانية التي شهدت نزاعاً دامياً استمر ثلاثة عقود بين القوميين، والوحدويين.

وعُيّنت زعيمة حزب "شين فين" في إيرلندا الشمالية البالغة 47 عاماً رئيسةً للوزراء بعد عودة المؤسسات في المقاطعة إلى العمل. 

وتعطّلت المؤسسات في إيرلندا الشمالية لمدة عامين، بسبب مقاطعة الوحدويين التابعين لـ"الحزب الوحدوي الديمقراطي" عملها، اعتراضاً على الترتيبات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد بريكست، والتي اعتبروها تهديداً لمكانة إيرلندا الشمالية كجزء من المملكة المتحدة.

 حقبة جديدة.. برلمان للجميع

وتحدّثت أونيل أمام أعضاء البرلمان الذين تجمعوا في قصر ستورمونت في إيرلندا الشمالية عن "يوم تاريخي" و"حقبة جديدة" وتعهدت بأن يكون البرلمان "للجميع"، مشددة على أنه "لم يكن من الممكن أن يتخيل جيل والديها" أن يرأس قومي السلطة التنفيذية المحلية.

وقالت بشأن "الاضطرابات" التي خلفت 3500 ضحية إنه "لا يجب أن ننسى أبداً أولئك الذين فقدوا حياتهم، أو أصيبوا وعائلاتهم".

وأضافت "أنا آسفة على الأرواح كلها التي أزهقت خلال النزاع، بدون استثناء"، معربة عن تصميمها على مواصلة العمل على تحقيق المصالحة. وأكدت أنه "لا يمكننا تغيير الماضي، ولكن يمكننا بناء مستقبل أفضل".

واعتبرت رئيسة حزب "شين فين" في جزيرة إيرلندا قاطبة، ماري لو ماكدونالد، لدى وصولها إلى ستورمونت، أن حكومة إيرلندا الشمالية "لا يمكن أن تكون في أيادٍ أفضل".

وأضافت "إنه انتصار للجميع اليوم، وإثبات على أن المساواة والشمول مدرجان على جدول الأعمال". 

وبموجب اتفاق الجمعة العظيمة للسلام الموقع في 10 أبريل 1998، والذي أنهى نزاعاً دامياً استمر ثلاثة عقود في إيرلندا الشمالية، ونص على أن تقاسم الحكم فيهاً، ستتولى منصب نائب رئيس الوزراء إيما ليتل بينجيلي من الوحدويين.  

إنهاء مرحلة "المستنقع السياسي"

وقالت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، في تقرير، السبت، إن هذه ستكون المرة الأولى التي يتولى فيها هذا المنصب أحد القوميين الملتزمين برؤية إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا متحدتين كدولة واحدة، ما ينهي ما وصفته الشبكة بـ "المستنقع السياسي" المستمر في البلاد منذ عامين.

وكان الحزب الديمقراطي الوحدوي، وهو أكبر حزب وحدوي في البلاد، قد أعلن إبرام اتفاق مع حكومة المملكة المتحدة بشأن التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي يقول زعيم الحزب جيفري دونالدسون إنه أزال فعلياً ما يسمى بالحدود التجارية للبحر الإيرلندي. 

وجرى تسريع تمرير تشريعين وردا في الاتفاق في مجلس العموم، الخميس الماضي، مما مهَّد الطريق لعودة الهيئة التشريعية في ستورمونت (مقر البرلمان). 

ومن المقرر أن ينتخب أعضاء الجمعية التشريعية رئيساً جديداً للبرلمان، وسَيَلي ذلك الإعلان عن الترشيحات لمنصبي الوزير الأول ونائبه.

وستتولى أونيل من حزب "شين فين" منصب الوزير الأول، لكن الحزب الديمقراطي الوحدوي لم يعلن بعد عمن سيرشحه لمنصب نائب الوزير الأول. وبموجب اتفاق الجمعة العظيمة، فإن النائب يتمتع بسلطة مساوية لسلطة الوزير الأول، كما سيتم أيضاً شغل مجموعة من المناصب الوزارية. 

وأشارت الشبكة إلى أن ترتيبات تقاسم السلطة التي جاء بها الاتفاق لعبت دوراً رئيسياً في إنهاء العنف الطائفي في البلاد.

وبعد اجتماع لقادة الأحزاب في قلعة ستورمونت، الجمعة، قال زعيم الحزب الديمقراطي الوحدوي: "من المهم عندما تجتمع السلطة التنفيذية أن يكون لدينا إحساس حقيقي بأولويات الجميع في إيرلندا الشمالية، فنحن نتطلع إلى عقد اجتماع الهيئة التشريعية والمضي قدماً في الإجراءات لاستعادة السلطات من جديد". 

أزمة الميزانية هي الأولوية الرئيسية

وقالت "سكاي نيوز" إن الأولوية الرئيسية ستكون هي التعامل مع أزمة الميزانية التي تؤثر في الخدمات العامة في إيرلندا الشمالية. 

وعرضت حكومة المملكة المتحدة حزمة بقيمة 3.3 مليار جنيه إسترليني، لتأمين الموارد المالية لأيرلندا الشمالية عند عودة الهيئة التشريعية، بما في ذلك 600 مليون جنيه إسترليني لتسوية مطالبات أجور القطاع العام.

ولكن دونالدسون أشار إلى أن الحزبين سيعملان معاً لتأمين المزيد من الأموال من وزارة الخزانة، مضيفاً: "لا يزال الجزء المالي غير مكتمل، ولكننا نعتزم الانتهاء منه". 

وتتولى الحكومة المحلية في إيرلندا الشمالية شؤونا على غرار السكن والصحة والتوظيف والزراعة والبيئة. وكانت لندن تولّت إدارة الشؤون اليومية لمدة عامين، بسبب المقاطعة التي تسبّبت باستياء لدى السكان.

أصوات معارضة 

واعتبر دونالدسون أن حزبه "أحدث التغيير الذي وصفه كثيرون بالمستحيل"، لافتاً إلى أنه جرى اجتياز مسار صعب.

ورأى أنه "يوم جيد لإيرلندا الشمالية"، حيث "يتم احترام مكانتنا داخل المملكة المتحدة وسوقها الداخلية وحمايته".

ولا تقنع هذه التعليقات الوحدويين الأكثر تشدداً على غرار جيم أليستر (من الصوت الوحدوي التقليدي تي يو في) الذي يرى أن إيرلندا الشمالية ما زالت "تحكمها إلى حد كبير قوانين أجنبية"، قوانين الاتحاد الأوروبي.

وتمثلت إحدى أبرز الصعوبات في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بإيجاد حل يهدف إلى تجنب عودة الحدود المادية بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي والمقاطعة البريطانية، مع حماية السوق الأوروبية الموحدة.

وأبرمت بريطانيا والاتّحاد الأوروبي رسمياً في مارس اتفاقاً لمرحلة ما بعد بريكست حول تعديل بروتوكول إيرلندا الشمالية بعدما وافق عليه المشرّعون من الطرفين، وعُرف بـ "إطار ويندسور".

وكان من شأن إقرار الاتفاق أن يعيد إطلاق العلاقات بين لندن والاتحاد الأوروبي في ظلّ التوتّر الذي هيمن عليها بعد بريكست حول مسألة العلاقات التجارية مع إيرلندا الشمالية، والتمهيد لاستئناف الحياة السياسية في المقاطعة.

تصنيفات

قصص قد تهمك