يتنافس نحو 6 آلاف و500 مرشح من 150 حزباً في الانتخابات

يقاومن "الأحكام المسبقة".. وجوه نسائية في انتخابات باكستان

تجمع انتخابي مناصر لرئيس حزب الشعب الباكستاني، ووزير الخارجية السابق، بيلاوال بوتو زرداري في كراتشي، باكستان. 6 فبراير 2024 - Bloomberg
تجمع انتخابي مناصر لرئيس حزب الشعب الباكستاني، ووزير الخارجية السابق، بيلاوال بوتو زرداري في كراتشي، باكستان. 6 فبراير 2024 - Bloomberg
بيشاور -أ ف ب

قبل 24 ساعة من إجراء الانتخابات التشريعية في باكستان، الخميس، تستوقف المشاركة النسائية أنظار المراقبين، إذ تبرز في الخارطة الانتخابية مرشحات يعملن على تغيير الأحكام المسبقة في مجتمعاتهن المحلية المحافظة. ومن بين حوالي 6 آلاف و500 مرشح، يمثلون 150 حزباً، لا تزيد نسبة المرشحات عن 5%.

وبينما يقضي الدستور بتخصيص 60 مقعداً في البرلمان، من أصل 342، للنساء، إلا أنه، بخلاف هذه الحصة، نادراً ما يُسمح لهن بخوض الانتخابات من قبل الأحزاب السياسية.

تختبر زيبا وقار، وهي صانعة محتوى على "يوتيوب"، يتابعها مئات الآلاف من النساء عبر الإنترنت، شعبيتها هذا الأسبوع في صناديق الاقتراع للمرة الأولى.

وتخوض المرشحة التي تقيم في ضواحي لاهور (شمال شرق البلاد) الانتخابات التشريعية، تحت راية "حزب الجماعة الإسلامية".

تستمع النساء كل أسبوع إلى برامج هذه الجدة الشابة، التي لم ترغب في الكشف عن عمرها، وتتحدث معهن عن حقوقهن بموجب الشريعة، وتستحضر أوقاتاً فارقة في التاريخ الإسلامي. 

وتقول لوكالة "فرانس برس"، في منزلها، إن "برامجي المحببة هي تلك التي أبثها مباشرة على فيسبوك ويوتيوب".

وأوضحت: "يبدو الأمر كما لو أنها جلسات خاصة. أحياناً أجيب عن الأسئلة التي يطرحها الأشخاص أثناء الحلقة. أفعل ذلك من مكتبي، وأنا جالسة هنا".

وتنتمي العديد من النساء اللاتي تتحدث إليهن إلى الطبقة المتوسطة، ويلجأن إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين تحصيلهن الديني.

أكدت هذه الطبيبة: "أردنا ألا يقتصر تعليم القرآن (على أشخاص معينين). نستخدم، بشكل فعال للغاية، إنستجرام، وفيسبوك، وتويتر (الذي أصبح إكس) والمجموعات على واتساب".

كما تدير وقار، التي تضع نقاباً، معهداً لتعليم القرآن ترتاده شابات، بينهن خريجات جامعات مرموقة.

وهي تأمل، إذا اُنْتخبت، في العمل على تقليص الفوارق الاقتصادية بين الرجال والنساء، ومساعدتهن على تحسين تعليمهن المهني ومكافحة التحرش.

"منتخبة بعد مأساة"

وتوضح سمر هارون بيلور، المرشحة للمجلس الإقليمي لمدينة بيشاور (شمال غرب)، المرأة الوحيدة في القاعة، لعشرات الرجال خطط حزبها للحد من البطالة بين الشباب.

ويختلف الوضع الآن عما كان عليه في انتخابات 2018، عندما لم تتضمن الملصقات الانتخابية اسمها خشية أن يبدو الأمر غير لائق في هذه المنطقة المحافظة.

وقالت: "الرجال لا يحبون النساء الباشتونيات على الطريقة الغربية، شابات، ونابضات بالحياة، وعفويات".

دخلت المعترك السياسي في ظل ظروف مأساوية. ففي 2018، حلّت مكان زوجها الذي قضى على يد حركة "طالبان" الباكستانية قبيل الانتخابات.

وتحدثت المرشحة، التي لم ترغب كذلك في الكشف عن عمرها، قائلة: "شغلت مكانه بعد اغتياله. وكان ذلك من أصعب الأمور التي قمت بها على الإطلاق. لم أكن مستعدة ذهنياً لذلك".

وأصبحت بيلور أول امرأة تُنتخب لعضوية المجلس الإقليمي في هذه المدينة الواقعة على الحدود مع أفغانستان، والبالغ عدد سكانها حوالى 5 ملايين نسمة، غالبيتهم من إتنية البشتون التي تحد تقاليدها من ظهور المرأة في الأماكن العامة.

وفور مواصلتها حملة زوجها باسم حزب العوامي الوطني اليساري، أثارت انتقادات منافسيها، لكنها ثابرت متسلحة بروح "الثأر" من القتلة.

وقالت: "كانوا عندما يرونني مبتسمة، يقولون إنها سعيدة بوفاة زوجها".

ولكن بعد 5 سنوات من ممارسة مهامها كمنتخبة، أصبحت تشعر بأن الناس أضحوا أكثر تسامحاً معها. وأوضحت أنهم "يريدون شخصاً يمنح الوقت الكافي لدائرته الانتخابية، بغض النظر عن الجنس".

"ضد التمييز بين الجنسين" 

ترفض سافيرا باركاش (25 عاماً) إعطاء أهمية كبيرة لسيرتها الخاصة التي تمثل علامة فارقة في السياسة الباكستانية، فهي امرأة وشابة وهندوسية في بلد يتسم بالتقاليد المتجذرة.

واختارت الشابة، التي حصلت مؤخراً على شهادة في الطب، دينها بنفسها، وهو  قرار احترمه والدها السيخي وأمها المسيحية، في هذا البلد ذي الأغلبية المسلمة، وحيث يسود التوتر بين الأديان.

وأكدت: "لا يوجد دين في العالم يعلم الناس القيام بأفعال سيئة؛ الأديان كلها ترشد الناس إلى فعل الخير".

وإذ يعم الوفاق الديني منذ فترة طويلة في دائرتها الانتخابية في بونر (شمال غرب) التي تترشح عنها للانتخابات الإقليمية، إلا أن التمييز بين الجنسين لا يزال موجوداً، على ما ذكرت باركاش.

وقالت، بينما تهافت عليها حشد من الناخبين الشباب أثناء سيرها في شوارع المدينة: "إن دخولي المعترك السياسي يهدف إلى مكافحة هذا التمييز وتشجيع الشمولية". 

وتقود الشابة التي لم تُنْتَخَب قط، الجناح النسائي لـ"حزب الشعب الباكستاني" التابع لعائلة بوتو في الإقليم.

وأكدت: "طالما أن المرأة لا تؤدي دوراً في المجتمع، فلن يكون هناك استقرار في بلادنا ولا في بيوتنا".

وخُصِّص قسم في مستشفى والدها الخاص ليكون مكتباً لحملتها الانتخابية، حيث تتوافد أعداد كبيرة من الشباب، من الجنسين، بشكل مستمر، ليشاركوها مشاكلهم ويستمعوا إلى حلولها.

وأشارت إلى أنه "بالنسبة لي، اختيار أروقة السلطة هو ببساطة لخدمة الناس".

تصنيفات

قصص قد تهمك