سواء فاز بايدن أو ترمب.. انتخابات 2024 تهدد "موثوقية" واشنطن أمام حلفائها

دونالد ترمب وجو بايدن في حفل تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة داخل كاتدرائية واشنطن الوطنية. 21 يناير 2017 - AFP
دونالد ترمب وجو بايدن في حفل تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة داخل كاتدرائية واشنطن الوطنية. 21 يناير 2017 - AFP
دبي -الشرق

يترقّب حلفاء الولايات المتحدة ما ستفرزه صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل، مع تزايد فرص تكرار المنافسة بين جو بايدن ودونالد ترمب، فيما يتوجّس الأوروبيون من عودة محتملة لترمب، وما يشكله ذلك من تهديدات على مصالحهم.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن العديد من حلفاء الولايات المتحدة يشعرون بالقلق من أن تصبح واشنطن "أقل قابلية للاعتماد عليها"، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات المقبلة، كما يخشون من أن يكون فوز ترمب بولاية ثانية بمثابة "زلزال". 

وأضافت الوكالة أن الرئيس الأميركي المقبل قد ينشغل بتحديات متعددة في الداخل، حتى قبل أن يبدأ في معالجة بؤر التوتر في جميع أنحاء العالم؛ من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، في ظل الانقسام بين الناخبين والجمود في الكونجرس. 

ووصفت "أسوشيتد برس" الولاية الأولى لترمب، بأنها "اختبار تحمل" للروابط بين الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة في أوروبا، حيث سخر الرئيس السابق من قادة بعض الدول الصديقة، بما في ذلك المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، بينما أشاد بحكام مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

كما وصف ترمب الرئيس الصيني شي جين بينج بـ"الذكي"، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بـ"القائد العظيم". 

وفي الخطابات التي أدلى بها في حملاته الانتخابية، لا يزال ترمب يساوره شكوك في بعض المنظمات الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكثيراً ما يعارض المليارات التي تنفقها الولايات المتحدة على التحالف العسكري الذي لعب دعمه دوراً حاسماً في معركة أوكرانيا ضد الغزو الروسي.

والسبت، قال ترمب أمام مؤيديه في ساوث كارولاينا، إن "الناتو تعرض للإفلاس قبل مجيئي"، مشيراً إلى أنه أصر على حلفائه الأوروبيين، أن "الجميع سيدفعون".

وأشار ترمب إلى أن أحد رؤساء إحدى الدول الأعضاء في الناتو سأله عما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عنها في حالة وقوع هجوم روسي. ورد ترمب: "لن أحميك.. في الواقع، سأشجعهم على فعل ما يريدون.. عليكم أن تدفعوا، عليكم دفع فواتيركم".

أولويات بايدن

وعلى النقيض، وضع بايدن دعم أوكرانيا ضمن الأولويات الرئيسية، وجعله "واجباً أخلاقياً "، لكن زعم بايدن بعد انتخابه في عام 2020 بأن "أميركا عادت" على الساحة العالمية لم يظهر بالشكل المطلوب، بحسب الوكالة. 

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى تعطيل الجمهوريين في الكونجرس تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، و"عجز" النفوذ الأميركي عن احتواء الصراع في الشرق الأوسط.

وقال توماس جيفت، مدير مركز السياسة الأميركية بكلية لندن الجامعية، إنه أياً كان الفائز في السباق الرئاسي، سيظل الاتجاه العام يسير نحو عالم متعدد الأقطاب لم تعد فيه الولايات المتحدة "القوة العالمية العظمى التي لا منازع لها".

ويتجنب معظم زعماء الدول الحلفاء عن التعليق بشكل مباشر على الانتخابات الأميركية، متمسكين بالرأي القائل إن الأميركيين هم من يقررون بشأن قائدهم.

وقال ريتشارد دالتون، وهو دبلوماسي بريطاني كبير سابق، إن زعماء الدول الحليفة يدركون أنه سيتعين عليهم العمل مع الفائز في نهاية المطاف، أياً كان. وأضاف أن الحكومات "ستعمل سراً" على إنشاء روابط مع الفرق السياسية للمرشحين.

وذكرت "أسوشيتد برس" أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين في الناتو، يشعرون بالقلق من أن تصبح الولايات المتحدة أقل قابلية للاعتماد عليها حال فوز ترمب أو خسارته. وبدأ البعض في التحدث علناً عن حاجة أعضاء الحلف إلى زيادة الإنفاق العسكري والتخطيط لتحالف لا تتواجد فيه الولايات المتحدة.

قلق أوروبي

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، إنه يجري مكالمات كثيرة عبر الهاتف مع نظرائه، ويطلب منهم المزيد لدعم أوكرانيا.

وتُعد ألمانيا ثاني أكبر داعم عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، لكن شولتز قال مؤخراً في تصريحات لصحيفة "دي تسايت" الألمانية، إن بلاده لم تتمكن من سد أي فجوة بمفردها إذا توقفت الولايات المتحدة عن تقديم دعمها.

وفي غضون ذلك، تنشغل روسيا بتعزيز العلاقات مع الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، وتحاول تقليص الدعم الدولي لأوكرانيا. 

ويرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الاهتمام الأميركي يبتعد عن أوروبا، وقال إنه إذا كانت الأولوية القصوى لواشنطن هي الولايات المتحدة، فإن ثاني أولوياتها هي الصين.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن ترمب لديه مؤيدين في أوروبا، مثل أوربان في المجر. لكن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، أثار بعض التساؤلات عندما قال إن "عودة ترمب قد تكون ما يحتاج إليه العالم الآن".

ويُعد جونسون من أقوى الداعمين لأوكرانيا في صراعها ضد الغزو الروسي، لكن ترمب أشاد مراراً ببوتين، كما قال إنه قادر على إنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

ومع ذلك، قال جونسون في مقال رأي نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إنه لا يعتقد أن ترمب "سيتخلى عن الأوكرانيين"، وسيساعد أوكرانيا على الفوز بالحرب، ما يجعل الغرب أقوى والعالم "أكثر استقراراً". 

وقالت برونوين مادوكس، مديرة مركز "تشاتام هاوس" البحثي في لندن، للوكالة إن مثل هذه الآراء تقلل من شأن مدى الاضطراب الذي أحدثه ترمب، وتوقع أن يستمر الرئيس السابق في ذلك حال انتخابه مجدداً.  

وأضافت: "بالنسبة لأولئك الذين يقولون إن ولايته الأولى لم تلحق ضرراً كبيراً بالنظام الدولي، إحدى الإجابات تتمثل في إخراج الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني)، الصفقة التي كانت تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني. وتسريع إيران وتيرة جهودها منذ انسحابه جعلتها على مشارف أن تصبح دولة حائزة على الأسلحة النووية".

وكان بايدن منتقداً لسياسة ترمب تجاه إيران، لكنه لم يتمكن من إعادة بناء الجسور مع طهران، التي تواصل تطوير برنامجها النووي.

ويرى دالتون، السفير البريطاني السابق لدى إيران، أن التوقعات الخاصة بالشرق الأوسط ستكون "أسوأ قليلاً" إذا فاز ترمب، وأن "الاختلاف حول التوترات الرئيسية في المنطقة، والتي تتمثل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وطموحات إيران، سيكون محدوداً".

وقال: "لن تبذل أي إدارة أميركية جهداً جاداً لحل الخلافات مع إيران عن طريق الدبلوماسية، هذه الفرصة انتهت منذ فترة".

تصنيفات

قصص قد تهمك