حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرج، الخميس، الدول الأعضاء من السماح "بدق إسفين" بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وسط تصاعد المخاوف من احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى منصبه، خاصة بعد تهديده بتشجيع روسيا على مهاجمة دول الحلف المتخلفة عن سداد التزاماتها المالية.
وقال ستولتنبرج للصحافيين على هامش اجتماع لوزراء دفاع الدول الأعضاء في "الناتو": "أرحب باستثمار الحلفاء الأوروبيين بشكل أكبر في الدفاع، وقد دعا حلف شمال الأطلسي إلى ذلك لعدة سنوات".
وأشار إلى أنه "لا بديل عن حلف شمال الأطلسي. وهذا في الواقع وسيلة لتعزيز الحلف، ولا ينبغي لنا المضي في أي مسار باتجاه محاولة فصل أوروبا عن أميركا الشمالية".
المظلة النووية
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أنه خلال الأسابيع الأخيرة ظهرت أحاديث عن اتجاه أوروبا إلى تطوير مظلة نووية، مشيرةً إلى أن فرنسا وبريطانيا اللتين تنظران إلى "الناتو" على أنه المنظمة الأمنية الرئيسية في العالم، هما القوتان النوويتان الوحيدتان في أوروبا.
وكانت فرنسا تعتبر نفسها تقليدياً بمثابة ثقل موازن لنفوذ الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، بحسب الوكالة التي ذكرت أنها لا تشارك في مجموعة التخطيط النووي التابعة للحلف.
وشدد ستولتنبرج على أن "لدى حلف شمال الأطلسي رادع نووي، وقد نجح لعقود، ولا ينبغي لنا فعل أي شيء يقوض ذلك، ولن يؤدي هذا إلا إلى خلق المزيد من الشك، ومساحة أكبر لسوء التقدير والفهم".
وسبق أن شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة أن تحافظ بلاده على استقلالها عندما يتعلق الأمر بالاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، مشيراً في ديسمبر الماضي، إلى أن فرنسا تتحمل "مسؤولية خاصة للغاية" باعتبارها قوة نووية في أوروبا، و"تقف إلى جانب" حلفائها وشركائها في القارة.
وجاء الحديث عن المظلة النووية الأوروبية من أعضاء ألمان في البرلمان الأوروبي وآخرين، لكن المستشار أولاف شولتز وغيره من كبار مسؤولي السياسة الأمنية يعتقدون أنه لا بديل لمظلة حلف شمال الأطلسي النووية.
ورفض وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الجدل الدائر بشأن الأسلحة النووية الأوروبية، قائلاً إنها "مناقشة معقدة لا ينبغي الخوض فيها بسبب تصريحات مرشح طموح في وضع الحملة الانتخابية"، في إشارة إلى ترمب.
انتقادات لترمب
وواجه ترمب انتقادات شديدة بعد أن صرّح مؤخراً أنه سيشجع روسيا على مهاجمة أي دولة في حلف الناتو، لم تدفع ما يستحق عليها من مال لدعم الحلف.
وقوبلت تصريحات ترمب بإدانات من قادة دول في الحلف يتقدمهم الرئيس الأميركي جو بايدن، منافسه المرجح في انتخابات نوفمبر، والمستشار الألماني.
وانتقد بايدن الذي تعهد بتقديم دعم قوي للحلف، تصريحات منافسه المحتمل، ووصفها بأنها "مروعة وخطيرة"، كما حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي من تصريحات "تقوّض أمننا".
ويشكل طيف عودة ترمب واحتمال تقويضه الدور المحوري الذي تؤديه الولايات المتحدة في تقديم الدعم لأوكرانيا، كابوساً للعديد من المسؤولين الأوروبيين، بحسب وكالة "فرانس برس".
ووصف أحد كبار الدبلوماسيين في حلف شمال الأطلسي الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، التصريح بأنه "هجوم على روح الحلف" لأنه يشكك بالمادة الخامسة التي تنص على حماية حليف إذا تعرض لهجوم.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها ترمب أعضاء الحلف بإنفاق المزيد من الأموال على الدفاع. فخلال فترة وجوده في البيت الأبيض، تردد أنه فكر في سحب واشنطن من الحلف، وهاجم دولاً مثل ألمانيا بسبب خفض إنفاقها إلى ما دون 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وقال دبلوماسي ثان من دولة عضو في حلف شمال الأطلسي لـ"فرانس برس": "نحن جميعاً على علم بالتصريحات التي يمكن أن يدلي بها".
وعلى خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، سُجل العام الماضي "ارتفاع غير مسبوق" بنسبة 11% في إنفاق الأعضاء الأوروبيين وكندا، بحسب ستولتنبرج.