قال الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه السنوي "حالة الاتحاد" أمام أعضاء الكونجرس بمجلسية، إن الولايات المتحدة تواجه "لحظة غير مسبوقة في تاريخها"، معتبراً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "غزا أوكرانيا، وينشر الفوضى في أوروبا وما ورائها".
وأضاف بايدن: "لمن يظن أن بوتين سيتوقف عند أوكرانيا، أؤكد لكم أنه لن يفعل"، مشدداً على أن "أوكرانيا ستتمكن من إيقاف بوتين إذا وفرنا لها الذخيرة والمساعدات، هم لا يريدون جنوداً أميركيين، ولكن المساعدات العسكرية".
وفي إشارة إلى تصريحات الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن الناتو، و"تشجيعه على مهاجمة أعضاء الحلف"، قال بايدن إن "رئيساً سابقاً قال هذا وهو ينحني لبوتين، أظن أن هذا أمر غير مقبول وخطير، ومثير للغضب".
واعتبر بايدن، أن "الناتو هو أقوى حلف عسكري عرفه العالم"، مضيفاً في حديثه لأعضاء الكونجرس: "يجب أن نواجه بوتين"، وطالبهم بـ"تمرير حزمة المساعدات لأوكرانيا وأمن الحدود".
وقال أيضاً: "التاريخ يراقبنا، إذا تخلت الولايات المتحدة عن مسؤولياتها فسيضع هذا أوكرانيا وأوروبا في خطر.. العالم الحر سيكون في خطر". وأضاف: "رسالتي إلى بوتين هي أننا لن نستسلم ولن نحني. أنا لن أنحني، التاريخ يراقب، كما راقب التاريخ ما حدث قبل 3 سنوات في أحداث 6 يناير 2021، حين تمت مهاجمة الكابيتول من قبل المتمردين".
واعتبر بايدن أنه جاء إلى البيت الأبيض، في "أحد أصعب فترات التاريخ الأميركي"، مؤكداً أنه كان مصمماً على "تخطي هذه الفترة.. وقد فعلنا ذلك". وأضاف بايدن أن "الشعب الأميركي، في المدن والبلدات، تمكن من كتابة أحد أعظم قصص التعافي"، في إشارة إلى فترته الرئاسية الأولى التي تلت رئاسة دونالد ترمب.
وقال بايدن، إنه "يجب الدفاع عن الديمقراطية، لا يمكنك الدفاع عن بلدك فقط حين تفوز"، في إشارة إلى محاولة ترمب قلب نتائج الانتخابات الأميركية في 2020.
واتهم بايدن بعض المشرعين بمحاولة "إخفاء حقيقة ما حدث في 6 يناير 2021"، مشدداً على أنه "يجب العمل على ضمان ألا يكون هناك أي مكان للعنف السياسي في الولايات المتحدة.. ليست مبالغة أن نقول أن التاريخ يراقب وأن أحفادنا سيرون ما يحدث الآن".
ويأتي خطاب بايدن في ظل سعيه لإقناع الناخبين المترددين بشأن قدرته على هزيمة الجمهوري دونالد ترمب في المواجهة المرجحة بينهما في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
الحق في الإجهاض
وتحدث بايدن عن أحد أهم القضايا التي تشغل الرأي العام الأميركي، وهي حق الإجهاض، إذ تعهد خلال الخطاب، بالعمل على إعادة قانون "حرية المرأة في الإجهاض"، والذي أبطلته المحكمة العليا الأميركية قبل نحو عامين.
واعتبر أن إلغاء الحكم، أدى إلى "فوضى كبيرة"، مشيراً إلى أن عدداً من الولايات "تحظر حق الإجهاض"، وسأل المشرعين المؤيدين للإلغاء "بحق الله أي حقوق أخرى ستأخذون".
وتوجه إلى المحكمة العليا قائلاً: "النساء لسن دون حقوق تصويتية، مع احترامي، أنتم على وشك أن تدركوا قوة الحقوق التصويتية التي يحظون بها".
وخاطب بايدن الأميركيين قائلاً: "إذا انتخبتم كونجرس يؤيد حق المرأة في الإجهاض والاختيار، فسأضمن لكم تكريس حق الإجهاض مرة أخرى".
ويشهد الكونجرس انقساماً شديداً بين الجمهوريين والديمقراطيين، إذ يسيطر الحزب الجمهوري على مجلس النواب بأغلبية طفيفة، لكنها قادرة على تعطيل الأجندة التشريعية للرئيس الديمقراطي بايدن، في حين يملك الحزب الديمقراطي الأغلبية في مجلس الشيوخ بفارق مقعدين فقط.
"ازدهار اقتصادي"
وقال الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة تصدر منتجات أميركية حالياً، وتخلق وظائف للأميركيين بدلاً من تصدير الوظائف للخارج. وتعهد بدعم مبدأ "اشتر المنتجات الأميركية"، مؤكداً أن "المشروعات الفيدرالية التي يمولها دافع الضرائب، ستنفذ بمنتجات أميركية، وبأيدي أميركية".
وأضاف بايدن، أنه "استثمر في كل الأميركيين، وساهم في ازهار العديد من المدن الأميركية"، مشيراً إلى "مستويات البطالة المخفضة". وأضاف: "وفرنا 15 مليون وظيفة جديدة في 3 سنوات، والبطالة في أدنى معدل لها في 50 عاماً، و16 مليون أميركي يعملون في مشروعات صغيرة".
وتابع أن "هذا يدعم الأميركيين من أصل إفريقي وأصل لاتيني"، واعتبر أن "الفروقات بين الأعراق المختلفة تضيق".
وأشار الرئيس الأميركي، إلى أن شركات القطاع الخاص استثمرت مليارات الدولارات في صناعة الرقائق داخل الولايات المتحدة، بدلاً من تصنيعها بالخارج.
وواصل: "نريد تنشيط المصانع الأميركية، وتوفير المياه النظيفة لكل أميركي، وانترنت سريع لكل الأميركيين أينما كانوا".
تكلفة الدواء والسكن
وتطرق بايدن إلى أسعار العقاقير الطبية، والقانون الذي قدمه لخفض سعر الأنسولين من 400 دولار إلى 35 دولار شهرياً لكبار السن، وخاطب الجمهوريين: "لا أحد منكم صوت لصالح هذا القرار".
وأضاف أنه يريد خفض سعر الأنسولين لكافة الأميركيين الذين يحتاجونه وليس كبار السن فقط، لافتاً إلى أنه "يريد تخفيض أسعار أكثر من 500 دواء على مدار السنوات العشر المقبلة"، منبهاً أن "هذا سيوفر 200 مليار دولار على دافع الضرائب الأميركي".
وواصل الرئيس الأميركي حديثه: "100 مليون منكم يمكنهم الحصول على التأمين الطبي، ولا يمكن أن يمنعهم أحد بسبب حالات مزمنة سابقة يعانون منها". وأشار إلى محاولات ترمب (دون ذكره بالاسم) لإلغاء "أوباما كير" للتأمين الصحي، وعدد من المشرعين الذين يؤيدونه.
وتحدث بايدن عن خطة، تمنح الأميركيين 400 دولار شهرياً في شكل خصم ضريبي، على مدار سنتين لمساعدتهم على تحمل تكلفة السكن المرتفعة.
وذكر أنه سيعمل على منع ما يعوق المقاولين من الحصول على تمويل فيدرالي لبناء المزيد من المنازل، مطالباً الكونجرس بتمرير مشروع القانون الذي قدمه لتحديث مليوني منزل منخفض التكلفة للمساهمة في خفض تكاليف الإيجار.
عجز الموازنة والضرائب
وبشأن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة خلال إدارته، قال الرئيس الأميركي، إنه قلص عجز الموازنة بنحو تريليون دولار، مضيفاً أنه "وقع قانوناً سيقلص العجز بتريليون دولار آخر على مدار العقد المقبل".
وشدد بايدن الذي وصف نفسه بأنه "رأسمالي"، على ضرورة دفع كل فرد نصيبه العادل من الضرائب. واعتبر أن "قانوناً عادلاً للضرائب يضمن الاستثمار في بلد عظيم، والرعاية الصحية، والتعليم، والدفاع".
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية السابقة، منحت خصومات ضريبية بقيمة تريليون دولار للأغنياء والشركات الكبرى، ما أدى إلى تضخم العجز الفيدرالي.
وأوضح أن رجال الأعمال "المليارديرات" يدفعون 8.2% ضرائب، منبهاً إلى أنه "اقترح فرض ضريبة على الأغنياء نسبتها 25%"، قائلاً إن ذلك سيوفر 500 مليار دولار على مدار العشر سنوات المقبلة. وأضاف أن "حان الوقت لرفع ضريبة الشركات إلى 21%".
وتابع: "لا يجب أن يدفع المليارديرات ضرائب أقل من الأطباء وعمال النظافة والمدرسين".
وحذر من أنه "إذا حاول أحد أن يقتطع من ميزانية الضمان الاجتماعي أو الرعاية الصحية، فسوف أوقفه".
أمن الحدود
وأشار بايدن، في استعراض لإنجازات إدارته، إلى مشروع القانون الذي قدمه لأمن الحدود، والذي عرقله الكونجرس، وقال إن هذا القانون "سينقذ حياة الكثيرين"، لافتاً إلى أن القانون يعين 1500 ضابط لأمن الحدود، و100 قاض متخصص في الهجرة، ما يساهم في معالجة مليوني طلب لجوء عالق.
وطالب بايدن، الكونجرس بتمرير مشروع القانون، قائلاً: "نحن بحاجة إلى التحرك الآن"، وتابع: "لن أشيطن المهاجرين وأقول إنهم يسممون دماء بلدنا، لن أمنع شخصاً من دخول البلد بسبب دينه كما فعل سابقي، ولن أفرق العائلات"، لافتاً إلى انفتاحه على مناقشة مشروع قانون أمن الحدود، والاستماع للمقترحات.
وقال: "يمكننا أن نتشاجر حول الحدود، أو نصلح هذا الوضع. أرسلوا لي مشروع القانون الآن".
الحرب على غزة
وبشأن الحرب على غزة والقضية الفلسطينية، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، إنه أمر الجيش الأميركي، بإنشاء ميناء على ساحل البحر المتوسط أمام غزة لتوصيل مساعدات إنسانية عن طريق البحر، لتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة.
وأشار بايدن، إلى أنه يجب على إسرائيل القيام بدورها، والسماح بإدخال المزيد من المساعدات، وحماية حياة المدنيين، مضيفاً أن "المساعدات الإنسانية لا يجب أن تكون ورقة مساومة أو اعتبار ثانوي".
وألقى الرئيس الأميركي، باللوم على حركة "حماس" في بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، مشدداً على أن "الحل الوحيد للصراع في الشرق الأوسط هو حل الدولتين".
وتابع: "أقول هذا كمؤيد قوي لإسرائيل، خلال مسيرتي المهنية لم يكن أي شخص أكثر تأييداً لإسرائيل أكثر مني وأتحدى أي أحد. أنا أول رئيس أميركي يزور إسرائيل خلال وقت الحرب".
وأضاف: "لكن لا يوجد مسار آخر يضمن أمن إسرائيل وديمقراطيتها. لا يوجد مسار آخر يضمن للفلسطينيين العيش بسلام وكرامة، سوى حل الدولتين".
وأكد أنه "لا يوجد مسار آخر لإحلال السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب". واعتبر أن خلق الاستقرار في الشرق الأوسط يعني "احتواء التهديد الذي تشكله إيران".
وقبل بداية الخطاب، استقبل المشرعون بايدن عند دخوله إلى القاعة بالتصفيق الحار، فيما ظهر بعض المشرعين من مؤيدي ترمب بقبعات حمراء كتب عليها "ترمب 2024"، وحملوا شعارات كتب عليها "أزمة الحدود التي سببها بايدن".
والتقط بايدن عدداً من الصور مع النواب والمشرعين، واستغرق أكثر من 15 دقيقة ليقطع طريقه وسط المشرعين من باب قاعة المجلس إلى المنصة.
احتجاجات للمطالبة بوقف حرب غزة
وتزامناً مع خطاب بايدن، خرجت احتجاجات متفرقة في أنحاء الولايات المتحدة للمطالبة بالضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأعاق المتظاهرون حركة المرور في بوسطن ولوس أنجلوس. وذكرت وسائل إعلام محلية أنه جرى إلقاء القبض على أكثر من 50 شخصاً في بوسطن.
وتجمع العشرات قرب البيت الأبيض، مما دفع الشرطة لإغلاق طريق قريب.
وقبل ساعات من إلقاء الخطاب، تم تطويق مبنى الكابيتول الأميركي بسياج عالٍ من الأسلاك كما هو معتاد قبل الخطاب الرئاسي السنوي أمام الكونجرس بمجلسيه.
شكوك وتحديات
ويتزامن خطاب "حالة الاتحاد"، الذي يتابعه ملايين الأميركيين، مع "مرحلة مفصلية" في المسيرة السياسية للرئيس البالغ من العمر 81 عاماً، إذ يجد نفسه في عام 2024، محاطاً بشكوك مرتبطة بقدرته على الاستمرار في ولاية ثانية بالنظر إلى تقدمه بالسن، فضلاً عن تحديات عدة يتصدرها أداء الاقتصاد الأميركي، وموقف واشنطن حيال الحرب الإسرائيلية على غزة والغزو الروسي لأوكرانيا.
وأمضى بايدن 3 أيام مع مساعديه، نهاية الأسبوع الماضي، في منتجع كامب ديفيد للعمل على صياغة الخطاب، ومن العناوين الأساسية الحقوق المرتبطة بالإنجاب، والتي يعتبرها الديمقراطيون مفتاحاً أساسياً لحصد الأصوات على حساب الجمهوريين، وما أنجزه في مجال البنى التحتية داخل الولايات المتحدة، وأسعار الأدوية، وملف ديون الطلاب.
ودعا بايدن السيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا، وأرملة المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالني، لتكونا ضيفتيه في مبنى الكابيتول أثناء إلقائه الخطاب، لكن البيت الأبيض أعلن أن السيدتين لن تتمكنا من تلبية الدعوة.