إيران وبرنامج الصواريخ.. ما أبرز الهجمات والمحطات؟

العلم الإيراني بالقرب من قاذفة صواريخ خلال مناورة عسكرية في إيران. 19 أكتوبر 2020 - REUTERS
العلم الإيراني بالقرب من قاذفة صواريخ خلال مناورة عسكرية في إيران. 19 أكتوبر 2020 - REUTERS
دبي-الشرق

رصد معهد الولايات المتحدة للسلام أبرز الهجمات التي تم شنها بالصواريخ الإيرانية منذ عام 2017، إذ بات برنامج صواريخ إيران، الذي يعود تاريخه إلى النظام الملكي في البلاد، عنصراً عسكرياً ذا أهمية متزايدة منذ ثورة 1979، بعد أن أصبحت الطائرات الحربية قديمة الطراز.

ففي منتصف ثمانينات القرن العشرين، حصلت طهران على صواريخ "سكود" من ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية، وبدأت أيضاً في تعديل التكنولوجيا الموجودة بها لتناسب أنواع الصواريخ الخاصة بها.

ومنذ أواخر الثمانينات، تحدثت العديد من التقارير عن امتلاك إيران ترسانة متطورة بشكل متزايد من الصواريخ، ذات مدى ودقة متزايدين، أكسبتها أهمية حاسمة في قدراتها الهجومية مع حديث عن تعزيز استراتيجيتها للردع الدفاعي.

ويقول معهد "الولايات المتحدة للسلام" إن طهران أطلقت الصواريخ على 3 مراحل رئيسية خلال العقود الأربعة الماضية: 

المرحلة الأولى 

في ثمانينات القرن العشرين، نشرت طهران الصواريخ خلال حرب الثماني سنوات مع العراق، عندما أطلق الرئيس العراقي صدام حسين "حرب المدن"، وتوغلت صواريخ بلاده في عُمق إيران، وردت طهران على ذلك بصواريخ "سكود بي" التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وأطلقتها على مدن عراقية مثل بغداد وكركوك الغنية بالنفط في الشمال. 

المرحلة الثانية

وكانت هذه المرحلة في الفترة بين عاميْ 1994 و2001؛ عندما أطلقت إيران صاروخ "شهاب-1"، الذي يمثل النسخة الخاصة بها من صواريخ "سكود بي"، بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، على قواعد في العراق تستخدمها حركة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة والمرتبطة بعمليات سرية عبر الحدود.

ولم تطلق طهران صواريخ طوال الأعوام الـ 16 التالية، لكنها واصلت تطوير واختبار الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى. 

المرحلة الثالثة

بدأت منذ العام 2017، حينما أظهرت إيران قدرات صاروخية جديدة، ففي عاميْ 2017 و2018، أطلقت عشرات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، معظمها من صواريخ "ذو الفقار" التي يصل مداها إلى 700 كيلومتر على أهداف تنظيم "داعش" في شرق سوريا، وقد قطعت بعض هذه الصواريخ لأكثر من 370 ميلاً، وعبرت العراق. 

وفي عام 2018، أطلقت طهران 7 صواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز "فاتح-110"، الذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر، على الانفصاليين الأكراد في شمال العراق.

وفي عام 2020، أطلقت طهران أكثر من 10 صواريخ باليستية قصيرة المدى، بما في ذلك صواريخ "ذو الفقار" وربما صواريخ "فاتح-313" بمدى 500 كيلومتر، وصواريخ "قيام" التي يتراوح مداها بين 700 إلى 800 كيلومتر على قاعدتين عسكريتين عراقيتين بها قوات أميركية. 

وفي أوائل عام 2024، أظهرت إيران المدى الذي يصل إليه جيلها الجديد من الصواريخ، عندما هاجمت أهدافاً لتنظيم "داعش" في شمال غربي سوريا، إذ قطعت صواريخ "خيبر-شيكان" حوالي 1200 كيلومتر من طهران إلى دمشق، ما يمثل الهجوم الأطول مدى حتى الآن من قبل الحرس الثوري الإيراني. 

أبرز الهجمات التي شنتها إيران بالصواريخ منذ العام 2017

  • هجوم شرق سوريا الأول

أطلق الحرس الثوري الإيراني في 18 يونيو 2017، ما بين 5 إلى 6 صواريخ "ذو الفقار"، التي تعمل بالوقود الصلب، ويبلغ مداها حوالي 700 كيلومتر، على مركز قيادة "داعش" وموقع لتجميع السيارات المفخخة في محافظة دير الزور بشرق سوريا.  

وهناك حديث عن إطلاق صاروخ واحد في الهجوم من طراز "قيام-1"، الذي يعمل بالوقود السائل، ويتراوح مداه بين 700 و800 كيلومتر، إذ قال الحرس الثوري الإيراني حينها إن عدداً كبيراً من "الإرهابيين" سقط وتم تدمير معداتهم وأنظمتهم وأسلحتهم في العملية". 

وانطلقت الصواريخ الباليستية قصيرة المدى في هذه العملية من شاحنات، وقطعت مسافة تزيد على 600 كيلومتر من مقاطعتي كرمانشاه وكردستان بغرب إيران، وجاءت رداً على هجوم مزدوج شنه "داعش" على البرلمان الإيراني وضريح الزعيم الإيراني الخميني في 7 يونيو 2017. 

  • هجوم كردستان العراق الأول 

أطلق الحرس الثوري، في 8 سبتمبر 2018، 7 صواريخ من طراز "فاتح-110"، الذي يعمل بالوقود الصلب ويصل مداه إلى 300 كيلومتر، على منشقين أكراد إيرانيين في العراق.

وبحسب تقارير إعلامية، أصابت الصواريخ الباليستية قصيرة المدى مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في بلدة كويا بإقليم كردستان العراق، وسقط ما لا يقل عن 11 شخصاً وجُرح العشرات، بمن فيهم الأمين العام للحزب. 

وجاءت العملية في أعقاب اشتباكات بين حرس الحدود الإيرانيين والمعارضين الأكراد، إذ سعى مسلحو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني إلى الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي للأقلية الكردية في إيران. 

  • هجوم شرق سوريا الثاني

أطلق الحرس الثوري الإيراني، في الأول من أكتوبر 2018، 6 صواريخ باليستية قصيرة المدى على أهداف لتنظيم "داعش" في منطقتي البوكمال وهجين شرقي سوريا قرب الحدود العراقية.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الصواريخ شملت صواريخ "ذو الفقار"، الذي يعمل بالوقود الصلب ويصل مداه لنحو 700 كيلومتر، وصاروخين من طراز "قيام-1" الذي يعمل بالوقود السائل ويتراوح مداه من 700 إلى 800 كيلومتر، وزعمت إيران أن نحو 40 من قادة "داعش" سقطوا في الهجوم. 

وكانت العملية رداً على هجوم استهدف عرضاً عسكرياً بمدينة الأهواز الإيرانية في 22 سبتمبر 2018. وقال الجنرال في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده لوكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء آنذاك: "لقد استخدم الإرهابيون الرصاص في الأهواز، فقررنا الرد عليهم بالصواريخ". 

  • هجوم شرق السعودية 

أعلن الحوثيون في اليمن، الذين يُزعم أنهم تلقوا أسلحة من إيران، مسؤوليتهم عن هجوم مزدوج على منشآت نفط سعودية في منطقتي بقيق وخريص في 14 سبتمبر 2019، لكن واشنطن والرياض ألقتا باللوم على طهران في الهجوم.

وأدت هذه الهجمات إلى توقف مؤقت في إنتاج 1.2 مليون برميل في خريص و4.5 مليون برميل يومياً في بقيق، أي حوالي نصف إجمالي إنتاج السعودية من النفط الخام. 

وبعد تحقيق دولي، قال خبراء الأمم المتحدة إن الصواريخ كانت "متطابقة إلى حد كبير" مع صاروخ "قدس-1"، وهو صاروخ كروز للهجوم الأرضي متوسط المدى يصل مداه الأقصى إلى 700 كيلومتر.

  • هجوم كردستان العراق الثاني

أطلق الحرس الثوري في 8 يناير 2020، ما بين 15 إلى 22 صاروخاً باليستياً قصير المدى على قاعدتي "عين الأسد" و"أربيل" الجويتين في العراق، والتي كانت تضم جنوداً أميركيين.

بحسب تقارير إعلامية، تم استخدام نوعين أو أكثر من الصواريخ في هذا الهجوم، بما في ذلك صاروخ "ذو الفقار"، الذي يعمل بالوقود الصلب ويبلغ مداه حوالي 700 كيلومتر، وصاروخ "فاتح-313"، الذي يعمل بالوقود الصلب ويبلغ مداه 500 كيلومتر، وربما تم إطلاق صاروخ "قيام-1"، الذي يعمل بالوقود السائل ويتراوح مداه من 700 إلى 800 كيلومتر، لكنه ليس من المؤكد ما إذا كان قد وصل إلى القاعدتين. 

وتكهن بعض الخبراء بأن إيران ربما استخدمت صواريخ "قيام 2"، الذي يصل مداه الأقصى إلى 800 كيلومتر، وقد تم تشخيص إصابة أكثر من 100 من أفراد الخدمة الأميركية بإصابات دماغية بعد الهجوم، كما تضررت أو دُمرت العديد من المباني في "عين الأسد". 

وكان قد تم شن هذا الهجوم بغرض الانتقام لاغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في 3 يناير 2020، وزعمت واشنطن في ذلك الوقت أن الأخير كان يخطط لهجمات تستهدف أفراداً ومصالح أميركية في المنطقة. 

  • هجوم كردستان العراق الثالث

أطلق الحرس الثوري، في 13 مارس 2022، ما لا يقل عن 10 صواريخ من طراز "فاتح-110" على العراق، زاعماً أنه استهدف مراكز استراتيجية إسرائيلية في مدينة أربيل الشمالية، فيما وصف مسؤولون عراقيون وأميركيون الهجوم بأنه "غير مُبَرَر". 

وبحسب السلطات الكردية، أصيب مدني واحد في الهجوم، وأصابت 4 صواريخ على الأقل منزلاً يملكه باز كريم برزنجي، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "KAR Group" النفطية، كما تضررت مكاتب شبكة التلفزيون المحلية "K24" وبعض المنازل. 

  • هجوم كردستان العراق الرابع

أطلق الحرس الثوري، في 28 سبتمبر 2022، 73 صاروخاً باليستياً وما لا يقل عن 20 مسيرة على 42 هدفاً في كردستان العراق، وتركزت الضربات حول منطقة كوية، لكنها امتدت عبر منطقة يبلغ عرضها 250 ميلاً، واستهدف الحرس الثوري في هذا الهجوم جماعات انفصالية كردية، ألقت طهران باللوم عليها في تأجيج الاحتجاجات واسعة النطاق التي أشعلتها وفاة مهسا أميني، الشابة التي اُعتقلت وتوفيت في مركز الشرطة في 16 سبتمبر من العام نفسه. 

وسقط في الهجوم ما لا يقل عن 13 شخصاً وأصيب 58 آخرون، بحسب مسؤولين محليين.

وتحدثت تقارير إعلامية عن تعرض مدرسة ابتدائية للقصف، ولم يصب أي مسؤول أو عسكري أميركي بأذى، لكن لقي عمر محمود زاده، وهو مواطن إيراني يحمل الجنسية الأميركية، مصرعه. 

  • هجوم كردستان العراق الخامس 

أطلق الحرس الثوري، في 14 نوفمبر 2022، صواريخ باليستية وطائرات انتحارية مسيرة ضد المنشقين الأكراد الإيرانيين في كردستان العراق.

وبحسب التقارير، شمل الهجوم إطلاق صواريخ "فاتح-110"، وقال الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني حينها إن اثنين من أعضائه سقطا، وأُصيب 9 على الأقل في هجوم على قاعدته بالقرب من كوية، كما تم ضرب 5 قواعد أصغر، إذ أعلنت جماعة كردية أخرى تُسمى "كومالا" عن غارة على قاعدتها بالقرب من السليمانية. 

  • هجوم كردستان العراق السادس

أطلق الحرس الثوري، في 15 يناير 2024، 7 صواريخ باليستية على كردستان العراق، وزعمت إيران أنها استهدفت "مقر تجسس" إسرائيلي في أربيل، وسقط 4 مدنيين على الأقل وأصيب 17 آخرون، وأدان رئيس حكومة إقليم كردستان الهجوم ووصفه بأنه "جريمة ضد الشعب الكردي".

  • هجوم إدلب بشمال سوريا 

أطلقت إيران، في 15 يناير 2024، 4 صواريخ "خيبر-شيكان" على ما وصفته بأهداف لتنظيم "داعش" بالقرب من مدينة حارم الشمالية في محافظة إدلب.

وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان: "حددنا أماكن تجمع قادة التنظيم وعناصره الرئيسية، وتم تدميرها بمجموعة من الصواريخ الباليستية رداً على الفظائع الإرهابية الأخيرة في إيران".

وتفاخر في ذلك الوقت الجنرال الإيراني أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية الفضائية، بأن الصواريخ قطعت حوالي 1200 كيلومتر من إيران إلى سوريا، وهو ما يمثل أطول هجوم صاروخي للقوات حتى الآن، وهي الضربة التي كانت رداً على تفجيرين مزدوجين وقعا في مدينة كرمان جنوب شرقي إيران، تم تنفيذهما في 3 يناير 2024، وأعلن "داعش" مسؤوليته عنها. 

  • هجوم باكستان 

أطلقت إيران، في 16 يناير 2024، صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف في مقاطعة بلوشستان جنوب غربي باكستان، بزعم أنها مرتبطة بـ"جيش العدل"، وهو تنظيم سُني مسلح معارض للحكومة الإيرانية، وزعمت طهران أنها دمرت معقلين للتنظيم، كما أعلن "جيش العدل" أنه تم تدمير منزلين تابعين لرجاله في قرية كوه سبز، على بُعد حوالي 31 ميلاً من الحدود مع إيران. 

وأدانت وزارة الخارجية الباكستانية الضربة ووصفتها بأنها "انتهاك غير مبرر لمجالها الجوي" من قبل إيران، وحذرت من "عواقب وخيمة". واستدعت إسلام آباد سفيرها من طهران في اليوم التالي.

  • هجوم إسرائيل

أطلقت إيران، في 14 أبريل 2024، صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف في إسرائيل رداً على ضربة إسرائيلية في الأول من أبريل ضد قنصلية طهران في دمشق، سقط فيها 7 من قادة الحرس الثوري الإيراني، بينهم جنرالان. وأكدت إيران على الفور أن الضربة لن تمر بلا رد.

وتحدثت التقارير عن إطلاق إيران نحو 100 صاروخ باليستي متوسط المدى وأكثر من 30 صاروخ كروز وما لا يقل عن 150 مسيّرة هجومية استهدفت إسرائيل، في ظل تقارير وبيانات رسمية عن إبلاغ إيران الولايات المتحدة ودولاً مجاورة عن الهجوم قبل موعده بـ72 ساعة، الأمر الذي أسفر في النهاية عن صد الهجوم بتعاون أميركي بريطاني فرنسي مع إسرائيل التي أعلنت عن عدم تعرضها لخسائر بشرية أو مادية جراء الهجوم.

وخرج قادة إيران ليتحدثوا عن أن الغرض من الهجوم كان "تحذيرياً" فقط، متوعدين إسرائيل برد أقوى إذا تكررت اعتداءاتها بحق طهران.

تصنيفات

قصص قد تهمك