كيف تختبر الحرب بين إيران وإسرائيل استراتيجية واشنطن العسكرية؟

اعتراض أجسام في السماء بعد أن أطلقت إيران طائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، كما يظهر من عسقلان - Reuters
اعتراض أجسام في السماء بعد أن أطلقت إيران طائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، كما يظهر من عسقلان - Reuters
واشنطن-رويترز

يشير إعلان الجيش الأميركي أنه نجح في مساعدة إسرائيل على التصدي لموجة هائلة من الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية في مطلع الأسبوع الماضي، إلى أن واشنطن مستعدة عسكرياً بشكل جيد لأي شيء يأتي لاحقاً، وذلك مع انتقال إيران وإسرائيل من "حرب الظل" إلى المواجهة المباشرة.

لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين يقولون إن القوات الأميركية ليست في وضع يؤهلها لصراع كبير ومستدام بالشرق الأوسط، وقد يتعين على وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) إعادة النظر في الافتراضات بشأن الاحتياجات العسكرية في المنطقة إذا تفاقمت الأزمة.

وقال مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب: "لا أعتقد أن لدينا كل القوى التي نرغب في أن تدعم إسرائيل إذا اندلعت حرب مباشرة بينها وبين إيران".

وعلى الرغم من أن طهران أشارت إلى أنها لا تعتزم الرد على ما يبدو أنها ضربة إسرائيلية الجمعة، إلا أن الهجمات المتبادلة أثارت مخاوف من اندلاع حرب إقليمية لا يمكن التنبؤ بها، والتي تسعى الولايات المتحدة إلى منعها.

وفي الأشهر التي تلت الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل، سارعت الولايات المتحدة إلى إرسال الآلاف من قواتها إلى منطقة كانت قد شهدت انخفاضاً مطرداً في الوجود الأميركي على مدار سنوات.

لكن الكثير من هذه القوات الأميركية الجديدة موجودة على متن سفن حربية وطائرات تتحرك داخل المنطقة وخارجها، ولا يتم نشرها إلا بشكل مؤقت.

وقد تكون هذه الاستراتيجية الأميركية القائمة على زيادة القوات محل اختبار الآن بعد‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬أن كسرت إيران وإسرائيل حظر الضربات العسكرية المفتوحة ضد بعضهما.

وأفاد جوزيف فوتيل، وهو جنرال متقاعد بالجيش، ‭‭‭‭‬‬‬‬‬قاد القوات الأميركية في الشرق الأوسط: "أعتقد أن ما يعنيه ذلك للجيش الأميركي هو أن علينا إعادة النظر في هذه الفكرة المتعلقة بالقدرات (العسكرية) الضرورية والمستدامة التي ينبغي لنا الحفاظ عليها في المنطقة".

التركيز المستدام

وذكر فوتيل ومسؤولون سابقون آخرون أن نجاح الجيش الأميركي في إسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية السبت الماضي، كان مدعوماً على الأرجح بمعلومات استخباراتية أميركية مفصلة سمحت للبنتاجون بتوقع توقيت وأهداف الهجوم الإيراني.

وأضاف فوتيل: "أعتقد أن القلق الأكبر يتمثل في قدرتنا على مدى الاستجابة لفترة طويلة من الزمن".

ويقول مسؤولون أميركيون إن إيران لا تريد على ما يبدو حرباً شاملة مع إسرائيل، وقد قلّلت طهران من أهمية الضربة التي نفذت الجمعة. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن الوضع لا يمكن التنبؤ به، خاصة مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

وقال الجنرال بالجيش الأميركي مايكل "إريك" كوريلا، الرئيس الحالي للقيادة المركزية، لأعضاء مجلس النواب الشهر الماضي، إنه طلب قوات أكثر مما أرسله البنتاجون إلى منطقته، وهو ما قالت إدارة الرئيس جو بايدن إنها مسألة أقل أهمية مقارنة بالتحدي الذي تمثله الصين، على سبيل المثال.

وفي شهادة مكتوبة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، قال كوريلا إن النقص الخطير في أصول المخابرات الأميركية واستهداف الخبراء واللغويين "يساهم في خلق الفجوات والقصور في قدرتنا على اكتشاف وإحباط المؤامرات وزيادة حرية الحركة" للمنظمات المتطرفة العنيفة.

وعلى الرغم من أن تعليقات كوريلا بدت أكثر تركيزاً على أفغانستان، إلا أن بعض النقص الاستخباراتي أثر بالفعل على الاستراتيجية الأميركية منذ بداية الحرب في غزة.

على سبيل المثال، قال المسؤولون إن الافتقار إلى التفاصيل بشأن مخزونات أسلحة الحوثيين قبل أن تبدأ الجماعة المتحالفة مع إيران بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، جعل من الصعب تحديد تأثير الضربات المستمرة منذ أشهر على ترسانة الجماعة من الصواريخ والطائرات المسيرة.

"التركيز على آسيا"

ومع ذلك، يقول المسؤولون إن إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى الشرق الأوسط وتعزيز الأصول الاستخباراتية على المدى الطويل قد يكون أمراً صعباً.

وقال مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "من المفترض أن تكون آسيا هي محور التركيز".

وأوضح مسؤول آخر أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجيش الأميركي مستعداً لسحب قواته من آسيا أو أوروبا، على الرغم من تزايد التوترات.

قبل أكتوبر، كانت آخر مرة أرسلت فيها الولايات المتحدة آلاف القوات إلى الشرق الأوسط في عهد الرئيس السابق ترمب، خلال سلسلة من الإجراءات التصعيدية التي بلغت ذروتها باغتيال الولايات المتحدة لأكبر قائد عسكري إيراني والهجوم الصاروخي الانتقامي الذي شنته طهران على قاعدة عسكرية أميركية في العراق.

وأشار المسؤول الأميركي الأول إلى أن زيادة القوات في عامي 2019 و2020 كانت ممكنة لأنه، خلافاً للوضع الحالي، لم تكن واشنطن مضطرة إلى تخصيص هذا العدد الكبير من الأفراد والموارد لأوروبا - وهو واقع جديد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأفاد مولروي بأنه يتعين على الولايات المتحدة تعزيز وضعها في الشرق الأوسط دون التخلي عن تركيزها الأول على الصين.

وأردف: "نحن بحاجة إلى نشر القوات على أساس أجواء الخطر الحالية. ومن الواضح أن الاتجاه الحالي... هو احتمال نشوب صراع أوسع بين دول في الشرق الأوسط".

تصنيفات

قصص قد تهمك