صحافي تركي: الثقافة العربية ليست الإسلام وحب العرب ليس ديناً

اللافتات العربية في تركيا.. لماذا تغير خطاب المعارضة بشأن اللاجئين؟

متجر إلكترونيات سوري في إسطنبول. 5 يوليو 2019 - REUTERS
متجر إلكترونيات سوري في إسطنبول. 5 يوليو 2019 - REUTERS
إسطنبول-الشرق

تغيرت نبرة خطاب المعارضة في تركيا بشأن ملف اللاجئين والعرب بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، وذلك بعد سنوات من استخدامها كورقة ضغط للتأثير على الناخب التركي، في محاولة لخطب ود منتقدي سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم "العدالة والتنمية".

وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزجور أوزيل، أكبر حزب معارض في البلاد، إن ظاهرة استهداف اللافتات المكتوبة باللغة العربية يمكن أن يترك جرحاً لدى العديد من المواطنين الأتراك، مضيفاً أن "اللغة العربية هي لغة القرآن".

وتعليقاً على تصريحات أوزيل قال الصحافي التركي يلماز أوزديل: "رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزجور أوزيل خلع نظارته، وهو الآن يرى بشكل مختلف تماماً، الثقافة العربية ليست الإسلام، اللغة العربية لغة أجنبية مثلها مثل اللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى، التحدث كعربي، وارتداء ملابس عربية، وحب العرب ليس ديناً.. هي ثقافة مجاورة فحسب".

وفي حديث مع قناة "خبر ترك" بشأن اللاجئين السوريين في تركيا واللافتات المكتوبة باللغة العربية، انتقد أوزيل تصريحات رؤساء البلديات التابعة لحزبه بسبب استهدافهم السوريين في خطاباتهم، وتضييق الخناق عليهم من خلال فرْض رسوم مرتفعة على معاملات الزواج، موضحاً أن سياسة الهجرة ليست من اختصاص الإدارات المحلية.

وقال أوزيل: "لا يمكنكم إرسال السوريين إلى بلدهم بتعقيد إجراءات عقْد القران لهم، لذلك يجب على المسؤولين المحليين أن يتماشوا مع السياسات العامة للحزب، لقد نصحناهم بذلك، عندما تعتني بمشاكل المياه للمواطنين بدلاً من التركيز على السوريين ستجد قبولاً أكبر، الشعبوية لا تفيدنا في شيء، وهذه التصريحات لا تتوافق بشكل كبير مع الخط العام للحزب".

ودعا المعارض التركي للحوار مع الحكومة السورية لإيجاد سكن مناسب للسوريين بدلاً من منازل الطوب، موضحاً: "نحن ندعو إلى التفاوض مع دمشق و(الرئيس السوري) بشار الأسد، وإلى السلام وتدخل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وإلى توفير عمل وطعام وسكن للسوريين ليعودوا إلى بلادهم، إلى مستقرات جذابة، لا مجرد منازل من الطوب".

وأضاف أوزال: "أما بالنسبة لمليون ونصف المليون طفل سوري الذين ولدوا في تركيا، أقول لهم إذا غادرتم سنمنحكم جواز سفر بدون تأشيرة، لن نفرض عليكم تأشيرة دخول، أو سنعطيكم الأولوية والامتيازات مقارنة بالطلاب الأجانب الآخرين عندما تأتون للدراسة في الجامعات التركية، ستكونون مواطنين سوريين لكن سيكون لديكم صلة قلبية بتركيا، حتى أننا سنوثّق ذلك".

لماذا اللغة العربية؟

وتطرَّق أوزال إلى ظاهرة استهداف اللافتات المكتوبة باللغة العربية، معتبراً أن هذا يمكن أن يترك جرحاً لدى العديد من المواطنين الأتراك، منتقداً عدم استهداف اللغات الأجنبية الأخرى.

وقال: "إذا قمت بإزالة اللافتات المكتوبة باللغة العربية وحدها، ستصبح اللغات الأجنبية الأخرى أيضاً موضع تساؤل في اللاوعي لدى الناس".

وأضاف: "اللغة العربية هي لغة القرآن، ويمكن أن يترك ذلك جرحاً، يجب النظر في ما هو مكتوب على اللافتة، إذا كان يسهل على الناس الحصول على الخدمة بلغتهم الأم، فهذا حق لهم، القانون التركي ينص على أن اللافتة المكتوبة بلغة أجنبية يجب ألا تتجاوز 25% من حجم نظيرتها باللغة التركية، ويمكن تطبيق ذلك على اللغة الإنجليزية أيضاً".

السوريون ليسوا متسولين

من جهته، قال العضو في حزب العدالة والتنمية طارق توشكان، في حديثه لـ"الشرق"، إن بلاده ترتبط مع سوريا "بحدود جغرافيا طويلة، وجذور تاريخية عريقة، أما بالنسبة للعرب واللغة العربية، فهذه لغة القرآن، نحن الأتراك عندما نصلي، نصلي باللغة العربية. العرب إخوتنا وجيراننا ويربطنا معهم تاريخ واحد وجغرافيا واحدة، إن الذين يفترون بشكل متكرر على العرب هؤلاء يتمتعون بعقلية متخلفة، بالنسبة لحزب الشعب الجمهوري. أتمنى أنه أدرك أخيراً ضرورة احترام اللغة العربية".

وفي ما يتعلق بالوجود السوري في تركيا، أوضح توشكان أن "السوريون يعملون ويحصلون على لقمة عيشهم بكرامة، هم ليسوا متسولين، بالتأكيد لو أن الوضع في بلادهم يسمح لعادوا إلى هناك، لكن الظروف أجبرتهم على ذلك، ونحن علينا أن نحسن ضيافتهم".

الأسد أولى بهم

وفي حديثه لـ"الشرق"، قال العضو في حزب "الظفر" (اليميني المتطرف) أحمد أونلو: "لقد جاء السوريون إلى هنا قبل عدة سنوات، أخذوا ما يكفي من الضيافة، لكن الآن حان الوقت ليعودا إلى بلدهم، سوريا أولى بهم، على الأسد أن يستقبلهم ويؤمّن لهم حياة كريمة كونهم مواطني دولته. الحكومة السورية تقول إنها استعادت الأمان، وتقول إن سوريا مستقرة، إذن لماذا لا يستقبلون اللاجئين السوريين".

وأضاف أونلو: "هناك اختلاف في الثقافة والعادات والتقاليد، نحترم الثقافة السورية والعربية، لكنها ثقافة مختلفة لا تناسب الشعب التركي. ندعو السوريين للعودة الآمنة والطوعية لبلادهم، لأن ملف اللجوء السوري قد أتعب الأتراك".

وبالنسبة للغة العربية، أوضح أونلو: "هذه هي لغة الإسلام واللغة الأم للعرب، اسمي أحمد وهو اسم عربي، لكن في تركيا عليك أن تستخدم اللغة التركية كونها لغة أهل البلد، إذا ذهب مواطن تركي إلى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال وفتح دكاناً تركياً هناك، لن يكتب اللافتة باللغة التركية، سوف يكتبها باللغة العربية، فلماذا يُصر العرب على كتابة لافتات باللغة العربية في كل المدن التركية".

ولم ترد نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري جول شاه دنيز على سؤال لـ"الشرق" بشأن التصريحات الأخيرة لرئيس الحزب بخصوص السوريين واللغة العربية.

خطاب جديد

أما الصحافي التركي المعارض نوزت شيشك فقال، في حديثه لـ"الشرق"، إن تصريحات أوزجور أوزيل تُعد غير مسبوقة في حزب الشعب الجمهوري.

وأضاف شيشك: "هذا خطاب جديد لم يصدر من قبل في الحزب، لكنه محق فيما قاله. هذا الخطاب الجديد أعتقد أنه توجُّه مناسب، لأن الحزب عليه أن يتعامل مع اللغة العربية واللاجئين السوريين بشكل مختلف".

وتساءل شيشك: "لماذا نسمح بكتابة لافتات باللغة الإنكليزية أو الألمانية وفي الوقت نفسه نحارب اللافتات العربية رغم أن الثقافة العربية هي الأقرب لتركيا؟"،.

واختتم حديثه قائلاً: "أتفق بنسبة 100% مع تصريحات أوزجور أوزيل فيما يتعلق بالعرب والسوريين".

وتُظهر تصريحات أوزيل تحولاً في موقف أكبر حزب معارض بالبلاد، بعدما تبنت المعارضة موقفاً مناهضاً لسياسات أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" بشأن ملف اللاجئين، خاصة السوريين، في عدة مناسبات، وكان أبرزها خلال انتخابات الرئاسة الماضية.

وقد يكون هذا التحول مؤشراً على استعداد الحزب المعارض لخوض الانتخابات المقبلة برؤية جديدة قد تقوده لتحقيق مكاسب، خاصة إذ رشَّح شخصية مثل رئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو، لكن يكمن التحدي الآن في كيفية تعامل حزب أردوغان الحاكم مع "الملف السوري".

وتصدَّر حزب "الشعب الجمهوري" المعارض نتائج الانتخابات البلدية، في مارس، بحصوله على 37.76% من الأصوات في عموم البلاد البالغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وحل بعده حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بنسبة 35.48%.

تصنيفات

قصص قد تهمك