مشروع قرار أوروبي لوكالة الطاقة الذرية يضغط على إيران بشأن الجزيئات والمفتشين

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا، النمسا. 3 يونيو 2024 - AFP
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا، النمسا. 3 يونيو 2024 - AFP
فيينا-أ ف برويترز

دعا مشروع قرار قدمته القوى الأوروبية إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاثنين، للتصويت عليه هذا الأسبوع، إيران، مرة أخرى لتفسير آثار يورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة، ويغطي أيضاً قضايا مثل منعها من دخول المفتشين.

ويأتي المشروع في أعقاب قرار صدر قبل 18 شهراً، يأمر طهران بالامتثال العاجل لتحقيق تجريه الوكالة التابعة للأمم المتحدة بشأن تلك الآثار. ويدعو النص الجديد إيران إلى التعاون دون إبطاء في أمور منها السماح للوكالة بأخذ عينات إذا احتاجت إلى ذلك.

ويذهب المشروع أبعد من ذلك، إذ يتطرق إلى مشكلات نشأت في الآونة الأخيرة، مثل منع إيران العديد من كبار خبراء تخصيب اليورانيوم لدى الوكالة من الانضمام إلى فريق التفتيش.

كما يدعو إيران إلى التراجع عن هذه الخطوة وتنفيذ بيان مشترك صدر في مارس 2023، والذي اعتبرته الوكالة التابعة للأمم المتحدة بمثابة تعهد شامل بالتعاون.

وجاء في النص الذي جرى تقديمه رسمياً: "(المجلس) يدعو إيران إلى إبداء التعاون الكافي مع الوكالة واتخاذ الإجراءات الأساسية والعاجلة على النحو الذي قرره المجلس في قراره الصادر في نوفمبر 2022، لحل قضايا الضمانات التي لا تزال معلقة، على الرغم من التفاعلات العديدة مع الوكالة منذ 2019".

ويجتمع مجلس المحافظين المؤلف من 35 دولة كل ثلاثة أشهر، وهو أحد أعلى هيئتين لصنع السياسات في وكالة الطاقة الذرية. والآخر يجتمع مرة واحدة فقط في السنة.

وتضغط بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الترويكا، من أجل إصدار القرار، على الرغم من مخاوف الولايات المتحدة من أن هذه الخطوة قد تدفع إيران إلى الرد من خلال تصعيد أنشطتها النووية، لأن طهران أبدت غضبها من مثل هذه القرارات في الماضي واتخذت مثل هذه الخطوات ردا على ذلك.

"وضع خطير"

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على السلاح النووي، التي قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى مرتفع يبلغ 60%، بينما تواصل مراكمة مخزونات هذا المعدن المشع.

ومع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، صارت إيران أقرب إلى مستوى 90% اللازم لصنع القنبلة الذرية، وتجاوزت بكثير نسبة 3.67% المستخدمة في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية.

ويعود آخر قرار يدين إيران أقره مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نوفمبر 2022، ودفع إيران إلى الإعلان عن تكثيف أنشطة تخصيب اليورانيوم.

حديث "غير مقبول"

ولدى افتتاح الاجتماع الاثنين، عبّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي مجدداً عن مخاوفه قائلاً، إنه "من غير المقبول الحديث عن الأسلحة النووية، كما يفعل البعض في إيران".

وفي إشارة إلى الرقابة المحدودة المتاحة للوكالة حالياً على برنامج طهران النووي، حذّر جروسي من أن "الفجوة المعرفية الحالية... تجعل من الصعب للغاية العودة إلى النهج الدبلوماسي".

وخلال الاجتماع الأخير في مارس، أعدّت لندن وباريس وبرلين نصاً قبل أن تتراجع بسبب غياب الدعم الأميركي.

ورغم أن واشنطن تنفي رسمياً عرقلة جهود حلفائها الأوروبيين، إلا أنها تخشى أن يفاقم توجيه اللوم إلى إيران التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر.

"سياسة غير قابلة للاستمرار"

إلا أنّ مصادر دبلوماسية تعتبر أن السياسة الحالية غير قابلة للاستمرار، نظراً إلى التصعيد الحاصل، مضيفة أن "الموقف الأميركي قد يتبدل" بحلول موعد التصويت على مشروع القرار في وقت لاحق من الأسبوع.

وتدهورت العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كبير، وتواجه الوكالة الأممية صعوبة في الحصول على ضمانات بشأن "الطابع السلمي" لبرنامج طهران النووي.

وفي مطلع مايو الماضي، زار المدير العام للوكالة رافائيل جروسي إيران، لمعاودة الحوار داعياً إلى "نتائج ملموسة بأسرع وقت ممكن". لكن وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث مروحية، أدى إلى تعليق المحادثات. لكن دبلوماسيين يعتبرون ذلك ذريعة للمماطلة.

ورفض جروسي تلك الانتقادات، وقال، الاثنين، إن التعليق "ليس جزءاً من أي تكتيك للمماطلة" من جانب إيران، مضيفاً أنه مستعد "للجلوس مع السلطات الجديدة" بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو.

رد جدي وفعال

وتخلّت إيران تدريجاً عن التزاماتها ضمن الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 مع الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بشأن برنامجها النووي.

وكان من شأن هذا الاتفاق، أن يحد الأنشطة الذرية الإيرانية في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

إلّا أن الاتفاق انهار بعد الانسحاب الأميركي الأحادي منه بقرار من الرئيس السابق دونالد ترمب في عام 2018.

من جانبه، قال نيسان رافاتي المحلل الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية لوكالة "فرانس برس"، إن "المواجهة بين أعضاء المجلس تعكس مأزقاً أوسع بشأن إيران، في ظل ضعف النشاط الدبلوماسي، وتزايد القلق حيال برنامج يتسع نطاقه تحت إشراف دولي محدود".

وحذّر علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الإيراني علي خامنئي، السبت، على منصة التواصل "إكس" من أنه إذا "تبنت بعض الدول الأوروبية المضلَّلة... موقفاً عدائياً تجاه إيران... في المجلس، فإنها ستواجه رداً جدياً وفعالاً من بلادنا".

أما موسكو، التي تقرّبت من طهران في السنتين الأخيرتين، فقد حذّر سفيرها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ميخائيل أوليانوف عبر منصة "إكس" من أن مشروع القرار هذا "معاد لإيران... ومن شأنه أن يفاقم الوضع على نحو جدي".

تصنيفات

قصص قد تهمك