أطلق الاتحاد الأوروبي رسمياً، الثلاثاء، المفاوضات الرامية لضم أوكرانيا، ما يضع الدولة التي مزقتها الحرب على مسار طويل نحو العضوية التي حاولت روسيا عرقلتها.
وتهدف هذه الخطوة إلى إبداء الثقة في مستقبل أوكرانيا في وقت تتقدّم موسكو في ميدان المعركة بعد نحو عامين ونصف العام على بدء الغزو الروسي.
وسيبدأ الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق مفاوضات بشأن انضمام مولدوفا المجاورة لأوكرانيا إلى التكتل، وهي جمهورية سوفييتية سابقة أيضاً تتعرض لضغوط من روسيا.
"يوم تاريخي"
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه "يوم تاريخي" مع اجتماع مسؤولين من كييف ودول الاتحاد الأوروبي الـ27 في لوكسمبورج.
وأوضح زيلينسكي على منصة "إكس": "لن نزيح أبداً عن طريقنا نحو أوروبا موحدة وعن بيتنا المشترك مع كل الدول الأوروبية".
فيما قال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال عبر مقطع فيديو في بداية المحادثات: "أصدقائي الأعزاء، يُمثّل اليوم بداية فصل جديد في العلاقة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي".
وتقدّمت أوكرانيا وبعدها مولدوفا، بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مباشرة بعد اندلاع الحرب الروسية في فبراير 2022.
لكن بدء المحادثات في لوكسمبورج لن يُمثّل إلا بداية عملية طويلة من الإصلاحات في أوكرانيا تشوبها عقبات سياسية، يُرجّح أن تستغرق سنوات، وقد لا تُفضي إلى الانضمام في نهاية المطاف.
تحديات في الطريق
من جهتها، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين انطلاق المحادثات بـ"النبأ السار جداً بالنسبة لشعبي أوكرانيا ومولدوفا وللاتحاد الأوروبي برمته".
وأضافت على منصة "إكس": "ستكون هناك تحديات في الطريق أمامنا لكنه سيكون مليئاً بالفرص".
وأُشيد بأوكرانيا لإطلاقها سلسلة إصلاحات لوضع حد للفساد والتدخل السياسي رغم الحرب الدائرة.
وأكدت كبيرة المفاوضين الأوكرانيين ونائبة رئيس الوزراء أولجا ستيفانيشينا، أن كييف "ستكون قادرة على استكمال كل الخطوات قبل عام 2030" للانضمام إلى التكتل.
وتابعت بالقول: "تأكدوا أن أوكرانيا قادرة جداً على التنفيذ بطريقة سريعة".
"عملية معقدة"
وأحيت الحرب الروسية في أوكرانيا مسعى الاتحاد الأوروبي لاستقبال دول أعضاء جدد، بعد سنوات لم تحرز خلالها بلدان، خصوصاً في غرب البلقان، تقدماً يُذكر لتحقيق تطلعاتها للانضمام.
ومنح الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2023 وضْع الدولة المرشحة للعضوية إلى جورجيا، الجارة السوفييتية السابقة الأخرى لروسيا.
كذلك، أقر إجراء مفاوضات للانضمام مع البوسنة، بينما يُجري محادثات مع صربيا والجبل الأسود وألبانيا ومقدونيا الشمالية.
وستطلق الاجتماعات مع أوكرانيا ومولدوفا عملية النظر في مدى امتثال قوانين هذه البلدان مع معايير الاتحاد الأوروبي والعمل الذي ما زال ينبغي القيام به.
وفور استكمال ذلك، سيتعيّن على الاتحاد الأوروبي بدء تحديد شروط للتفاوض على 35 مسألة من الضرائب إلى السياسة البيئية.
واعتبرت كبيرة المفاوضين الأوكرانيين أن الخطوة التالية يجب أن تأتي في مطلع عام 2025.
تحركات أوروبية
وتسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى بدء المحادثات الآن قبل أن تتولى المجر، التي تُعد الدولة الأكثر تقرباً من روسيا ضمن التكتل، الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي الشهر المقبل، إذ تُعارض بودابست انضمام كييف.
وقال وزير الشؤون الأوروبية المجري يانوش بوكا إنه "من الصعب جداً تحديد المرحلة التي وصلت إليها أوكرانيا".
وتابع: "بناء على ما أراه حالياً، إنهم بعيدون جداً عن الإيفاء بشروط الانضمام".
ولبدء المحادثات صدى كبير في أوكرانيا، حيث كانت الرغبة بالتقارب مع الاتحاد الأوروبي وراء الاحتجاجات التي اندلعت عام 2014 وتحولت لاحقاً إلى أزمة مفتوحة مع روسيا.
وتأتي المحادثات أيضاً في وقت حساس بالنسبة لمولدوفا بعدما حذّرت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا من "مخطط" روسي للتأثير على الانتخابات الرئاسية في البلاد في أكتوبر.
وتتهم سلطات مولدوفا المؤيدة للغرب، الكرملين باستمرار بالتدخل في الشؤون الداخلية للدولة الواقعة بين أوكرانيا التي تعاني من الحرب ورومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي.
واتهمت رئيستها مايا ساندو موسكو، التي تنشر قوات في منطقة انفصالية في البلاد بالسعي إلى زعزعة الاستقرار في مولدوفا قبل الانتخابات.
وقالت ساندو، الأسبوع الماضي، إن "انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي هو طريقنا نحو السلام والازدهار وحياة أفضل لجميع المواطنين".