مسؤولون أميركيون: الاقتراحات الجديدة ستتعثر مثل سابقتها مع غياب مسار واضح لإنهاء القتال

وسط جهود دبلوماسية للبحث عن تفاهمات.. مفاوضات غزة "على وشك الانهيار"

نازحون فلسطينيون يغادرون مخيم المغازي في وسط قطاع غزة عقب تحذيرات إسرائيلية من استهداف المنطقة التي كانت تؤويهم. 17 اغسطس 2024 - Reuters
نازحون فلسطينيون يغادرون مخيم المغازي في وسط قطاع غزة عقب تحذيرات إسرائيلية من استهداف المنطقة التي كانت تؤويهم. 17 اغسطس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، إن الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلة على غزة "على وشك الانهيار"، مع عدم وجود اتفاق بديل واضح يمكن طرحه، وذلك رغم الجهود التي تبذلها دول وسيطة مثل الولايات المتحدة وقطر ومصر، بينما أنهى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة إقليمية، هي التاسعة من نوعها منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي.

ونقلت مجلة "بوليتيكو" عن مسؤولين قولهم إن الاقتراح الحالي، الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وإسرائيل، على مدى أسابيع في يوليو الماضي، يعد من "أقوى اتفاق حتى الآن، لأنه يتضمن شروطاً مصممة وفقاً لمطالب (حركة) حماس وإسرائيل"، بحسب تعبير المجلة، لكن الحركة الفلسطينية شددت على رفض تلك المسودة، واعتبرتها تمثل انحيازاً لتل أبيب.

وأوضح المسؤولون، أن هذا جعل المسؤولين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد من أن هذا الاقتراح "سيتعثر كما حدث مع الاقتراحات السابقة، مع وجود خلافات بين الجانبين، وعدم وجود مسار واضح لإنهاء القتال أو إعادة الرهائن".

ويعد هذا التقييم، أكثر خطورة مما يقدمه المسؤولون الأميركيون علناً، فحتى مع إلحاحهم على ضرورة إقناع "حماس" بالموافقة، فقد قالوا مراراً إنهم "أقرب من أي وقت مضى" إلى إقناع الجانبين بإبرام الاتفاق.

قبل بضعة أسابيع فقط، كان مسؤولو إدارة الرئيس جو بايدن يشعرون بـ"التفاؤل"، إذ قال أحد المسؤولين الأميركيين، إن "حماس"، أشارت "سراً" إلى استعدادها لقبول الاتفاق المقترح، لكن رغم ذلك، يشعر كثيرون الآن بالإحباط وغير متأكدين ما إذا كانت تصريحات "حماس" مجرد تهديدات، أو "تكتيك تفاوضي"، أو ما إذا كانت الحركة تعارض الاتفاق بصدق.

اتفاق بعيد المنال

ويتزامن ذلك مع جهود أميركية على الأرض، إذ اختتم بلينكن، جولته التاسعة إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ سعى إلى إضفاء طابع الاستعجال على الجهود المبذولة للتوسط في اتفاق وقف النار في القطاع، لكنه غادر المنطقة، بينما لا يزال الاتفاق بين إسرائيل و"حماس" بعيد المنال.

وعلق بلينكن والوسطاء من مصر وقطر آمالهم على اقتراح أميركي يهدف إلى "تضييق الفجوات" بين الجانبين في الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، بعد توقف المفاوضات، الأسبوع الماضي، دون تحقيق تقدم يذكر.

وقال بلينكن للصحافيين في العاصمة القطرية الدوحة قبل مغادرته إلى واشنطن، إن الاتفاق "يجب إنجازه في الأيام المقبلة، وسنبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك".

وذكر مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، كان مرافقاً لبلينكن، إن الولايات المتحدة تتوقع استمرار محادثات وقف إطلاق النار، هذا الأسبوع في القاهرة.

وعلى الجانب الآخر، يتجه المفاوضون، بمن فيهم مستشار البيت الأبيض الكبير لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك، إلى القاهرة هذا الأسبوع لمحاولة تسوية تفاصيل الاتفاق. 

المواجهة المنتظرة مع إيران

وإذا لم يتمكن الوسطاء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة من إقناع "حماس" بالموافقة على المسودة الأخيرة، فقد يكون لديهم خيارات أقل، ما يزيد من فرصة زيادة العنف بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" اللبنانية، والمواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران.

وفي هذا الصدد، قال مسؤول أميركي كبير في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن إيران وجماعة "حزب الله" أجلتا الرد على إسرائيل، بشأن اغتيال قادة في "حماس" والحزب، خشية "انهيار مفاوضات غزة" الرامية إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في القطاع.

وتتهم إيران و"حزب الله"، إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، وتصفية القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.

واعتبر المسؤول الأميركي، أن تهديدات إيران بشن هجوم كبير على تل أبيب، وسيلة للحصول على تنازلات إسرائيلية لوقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنه أيضاً "يمكن أن يكون وسيلة لمنح واشنطن دافعاً للضغط على جميع الأطراف"، من أجل الوصول إلى اتفاق.

ولفت المسؤول، إلى أن طهران تسعى إلى عدم التورط في أي نزاعات تزيد من التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، مشدداً على أن إيران تعتبر ذلك من أولويات أمنها القومي.

وأشار المسؤول الأميركي، في تصريحاته لـ"وول ستريت جورنال"، إلى أن إيران "تخشى أيضاً أن يؤدي الهجوم المباشر على إسرائيل للمرة الثانية هذا العام إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً، تأتي بكلفة باهظة لإيران ومن المرجح أن تجر الولايات المتحدة إلى عمق الصراع".

وأشارت الولايات المتحدة في وقت سابق، إلى أنها كانت قريبة من التوصل إلى اتفاق، ومع ذلك، انهارت المحادثات في كل مرة، مع قيام إسرائيل و"حماس" بوضع شروط جديدة، لم يكن الجانب الآخر على استعداد لمناقشتها أو قبولها.

رفض "حماس" وشروط نتنياهو

ووضعت كل من حركة "حماس" وإسرائيل، شروطاً ومطالب عدة أمام المبادرة الأميركية الجديدة في مفاوضات غزة، الرامية إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى.

وقالت مصادر في حركة "حماس" الفلسطينية لـ"الشرق"، الثلاثاء، إن الحركة طلبت من الوسطاء مبادرة تحقق الأهداف التالية: وقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي التام (من القطاع)، وعملية تبادل أسرى جدية لا تعارض فيها إسرائيل إطلاق سراح أي أسير فلسطيني، والإغاثة، وصولاً إلى رفع الحصار وإعادة الإعمار.

أما إسرائيل، فوضعت الشروط التالية: تواجد عسكري دائم على الحدود مع مصر، ورقابة عسكرية على معبر رفح، وتواجد عسكري على محور "نتساريم"، وهو القاطع الفاصل بين شمال ووسط قطاع غزة، وتحفظ على 100 أسير، وإبعاد عدد آخر من الأسرى إلى الخارج، والحصول على أعلى عدد من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء في المرحلة الأولى.

وكانت "حماس" وافقت على ورقة إسرائيلية، أجريت عليها تعديلات أميركية، في الثاني من يوليو الماضي، لكن إسرائيل تراجعت عنها، وأضافت عليها عدة شروط جديدة رفضتها الحركة.

وقدمت الإدارة الأميركية اقتراحات "حل وسط" في بعض هذه الملفات، منها تفاوض مصري إسرائيلي بشأن الأمن على الحدود عبر محور فيلادلفيا الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وآلية تشغيل معبر رفح، وآليات الرقابة على محور "نتساريم"، وأعداد الأسرى الذين يحق لإسرائيل التحفظ عليهم أو إبعادهم إلى الخارج.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ"الشرق"، إن الجانب الأميركي يحاول التوصل إلى تفاهمات "مصرية إسرائيلية وفلسطينية" بشأن بعض القضايا العالقة التي تعيق التوصل إلى الاتفاق.

ومن هذه الأفكار تشغيل مؤقت لمعبر رفح خلال الأسابيع الستة من الهدنة، يقوم عليه موظفون فلسطينيون تسميهم السلطة، لكن يتسلمون رواتبهم من مؤسسة غير حكومية. وسيجري خلال هذه الفترة نقل الجرحى من مقاتلي حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى إلى الخارج، دون المرور على السلطات الإسرائيلية التي سمحت بنقل جرحى عبر معبر كرم أبو سالم، لكنهم كانوا من المدنيين.

ويراعي الاقتراح الأميركي، الموقف الإسرائيلي الرافض لتواجد الموظفين السابقين على معبر رفح الذين ينتمون إلى الإدارة الحكومية لـ"حماس"، ويرفض في الوقت ذاته وجود السلطة الفلسطينية على المعبر، حتى لو كان ذلك رمزياً. كما يرفض أيضاً رفع العلم الفلسطيني على المعبر، انطلاقاً من رفضه للكيانية الفلسطينية الموحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

تصنيفات

قصص قد تهمك