ينذر العام الجاري ملايين آخرين من السودانيين بالجوع، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار وتقلص المحاصيل وسط اضطراب اقتصادي وانخفاض في معدلات هطول الأمطار، في وقت تواجه إمدادات الغذاء خطراً أكبر في ظل تعليق مساعدات أجنبية ومع الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتهدد مستويات الجوع الآخذة في الارتفاع بزعزعة الاستقرار في بلد يتفاقم فيه الصراع والفقر منذ الانقلاب العسكري العام الماضي، وذلك بتوقعات وكالات الأمم المتحدة.
ووفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة، فإن نحو 87% من القمح الذي يستورده السودان يأتي من روسيا وأوكرانيا، ما يجعله من أكثر دول العالم العربي تأثراً بالأزمة.
كما أن ارتفاع الأسعار بفعل خفض قيمة العملة وتبني إصلاحات في منظومة الدعم، وتسجيل تضخم نسبته تزيد عن 250%، رفع أسعار الخبز من الحجم الصغير في العاصمة الخرطوم، من جنيهين سودانيين قبل عامين إلى نحو 50 جنيهاً (0.11 دولار) اليوم.
والأسبوع الماضي، خلصت تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن عدد من يواجهون مستويات من الجوع ستجبرهم على بيع أصول أساسية، أو من لن يكون لديهم شيء آخر يمكن بيعه، سيتضاعف بحلول سبتمبر المقبل إلى 18 مليوناً.
وفي 2019، وسع برنامج الأغذية العالمي نطاق عملياته لتشمل مراكز حضرية لأول مرة، إذ قالت نائبة المدير القطري للبرنامج ماريان وارد: "لم تحدث هذه القفزة بالأمس أو قبل شهر أو شهرين، إنها تراكمات".
وأضافت "لم تعد مدفوعة بالصراع وحده، بل ترتبط أيضاً بمسائل هيكلية مثل التضخم وتوافر العملة الأجنبية". ويقول برنامج الأغذية إن مخزوناته من الغذاء في السودان "ستنفد" بحلول مايو المقبل في غياب تمويل جديد.
انهيار اقتصادي
من جانب آخر، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه في العام 2021، كان 56% من سكان السودان البالغ عددهم 44 مليوناً يعيشون على أقل من 3.20 دولار، أي نحو 2000 جنيه سوداني في اليوم، ارتفاعا من 43% في 2009.
ويئن السودان تحت وطأة أزمة اقتصادية منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، إذ استقطبت الحكومة الانتقالية مساعدات دولية بمليارات الدولارات، لكن ذلك توقف بعد الانقلاب، ما دفع السودان إلى حافة هاوية الانهيار الاقتصادي.
وتعمل وكالات الإغاثة منذ فترة طويلة لمساعدة الفقراء في المناطق الريفية ومن شردتهم الحرب في السودان.
تضاؤل المحاصيل
في السياق، قال خبراء إن التضخم يحول دون استطاعة المزارعين تحمل تكاليف المستلزمات التي تشمل البذور والأسمدة والوقود، إضافة إلى وجود اضطرابات آخذة في التزايد ببعض المناطق الزراعية المهمة، إذ تشح الأمطار في بعض الأماكن، بينما تهطل بغزارة في أخرى.
وأفادت تقديرات منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي بأن محاصيل الذرة والدخن والقمح انخفضت 30%، عما كانت عليه في المتوسط خلال السنوات الـ5 الماضية.
وتتوقع هيئات تابعة للأمم المتحدة أن يواجه السودان عجزاً في محاصيل الذرة، من الحبوب الأساسية في البلاد، لأول مرة منذ موجات الجفاف التي عصفت بالمنطقة في ثمانينيات القرن الماضي.
وتم تجميد تمويل بمليارات الدولارات من البنك وصندوق النقد الدوليين، والذي كان جزء منه مخصصاً لدعم الميزانية والتنمية الزراعية، ويمكن ألا يعود بسبب الانقلاب.
والمساعدات الإنسانية المباشرة مستمرة، لكن "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" وبرنامج الأغذية العالمي، علقا البرامج التي كانت تستهدف دعم حكومة مدنية انتقالية عن طريق تغطية حوالي ربع استهلاك القمح في العام الماضي.
والحياة في الخرطوم ومدن أخرى تنتابها حالة من الشلل بسبب الاحتجاجات المتكررة المناهضة للحكم العسكري، والتي تذكيها عادة المشاكل الاقتصادية.