لا تزال اللاذقية، المحافظة الساحلية الواقعة غربي سوريا، تحت وطأة الزلزال المدمر الذي ضربها، الاثنين، كما فعل مع محافظات حلب وإدلب وحماة. إذ عاشت المنطقة المطلة على البحر المتوسط، ليلة قاسية في ضوء الدمار الكبير الذي خلّفه الزلزال.
وبينما تتواصل عمليات انتشال الجثث من تحت الأنقاض، تعقد الكثير من العائلات الأمل في أن يكون أبناؤها وأقاربها من بين الناجين.
سباق مع الزمن
أكثر من 36 ساعة مرّت على الكارثة. سباقٌ صعبٌ مع الزمن تعيشه فرق الإنقاذ لإخراج العالقين من تحت الركام في كلّ من اللاذقية ومدينة جبلة الصغيرة التابعة لها، والتي تحمّلت النصيب الأكبر من الدمار وأعداد الضحايا، وخاصة في أحياء الرميلة والغزالات والعسيلة.
وفي تصريحات لقناة "الشرق"، قال معاون وزير الصحة السوري أحمد ضميرية إنه "كلما انقضى الوقت يضعف الأمل بإيجاد ناجين، خاصة أن الأجواء باردة جداً وماطرة، والتي شكلت أمس عائقاً كبيراً أمام إخراج الضحايا. أما اليوم بدأت الأجواء بالتحسن، وربما يساعد ذلك في عمليات الإنقاذ".
وأكد أن عمليات انتشال الجثث والعالقين مستمرة، مشيراً إلى أن "هناك صعوبات عديدة لكون الأبنية تتألف من عدة طوابق، ويجري التنقيب والبحث عن الضحايا عبرها".
وحول حجم الخسائر البشرية، أوضح ضميرية أن عدد الوفيات التي سجلت حتى ظهر الثلاثاء في اللاذقية وجبلة بلغ 406 وفيات و779 إصابة، لافتاً إلى أن "الخسائر التي سجلت جراء الزلزال كبيرة جداً، وحتى الآن لم يتم جمع الإحصائية الكاملة حول عدد الضحايا، بسبب تعذر الوصول إلى بعض المناطق".
وقال معاون وزير الصحة السوري إن حجم الإصابات تتراوح بين الخفيفة والخطرة، بينما يتواصل العمل في غرف العمليات بجميع المشافي (تشرين، اللاذقية، جبلة الوطني)، لافتاً إلى أن إحدى العائلات التي تتألف من أب وأم و3 فتيات ظلت تحت الأنقاض من لحظة وقوع الزلزال حتى الساعة الـ12 ليلاً، قبل انتشالها ونقل أفرادها إلى المستشفى، وهي حالياً في حالة جيدة، وتتلقى العلاج المناسب.
وكان رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي أشار خلال مؤتمر صحافي إلى أنه تم تخصيص 23 مركز إيواء في اللاذقية، فيما أعلنت الأمانة السورية للتنمية، وصول أول دفعة مساعدات إغاثية طبية من "المستشفى السعودي الألماني" في دبي، موجهة إلى المستشفى الوطني في جبلة.
حرب ثم وباء ثم زلزال!
في حديث لـ"الشرق"، أكد عدد من الأشخاص الذين شهدوا الزلزال أنهم عاشوا أصعب لحظات الخوف في حياتهم، والتي لم يختبروها حتى خلال سنوات الحرب في سوريا.
قالت ولاء تميم وهي صحافية شابة من اللاذقية: "خرجنا بملابسنا من المنزل وسط صراخ الناس والأطفال. لا يمكن وصف المشهد بالكلمات، هكذا أمضينا الليل بأكمله، كما كل أهالي المحافظة، في الخارج. وفي الصباح بدأنا نعرف حجم الأضرار، والخسائر وكانت فادحة حقاً".
وبعد ليلة عصيبة، استطاعت ولاء العودة إلى منزلها الذي لم يطاله الكثير من الضرر، ثم عرضت استقبال من يحتاج إلى مكان للإيواء.
وأضافت: "بدأت تنهال عليّ الرسائل من أشخاص يودون تقديم المساعدة المادية من نقود أو ملابس، وبدأنا معاً باستقبال هذه المساعدات، وسنقوم بتوزيعها تباعاً. هناك الكثير من الناس الراغبين في المساعدة، لكن لا يعرفون كيف وما هي القنوات التي يمكنهم المساعدة من خلالها".
من جهته يروي لؤي (30 عاماً) صعوبة اللحظات التي عاشها خلال الزلزال، موضحاً أن عائلته لم تتمكن من مغادرة المنزل بسبب وضع والده الصحي. وأضاف: "كان الخوف مضاعفاً، اليوم لا أستطيع استيعاب ما حدث، لقد رأينا الكثير.. حرب ووباء واليوم زلزال!".
مبادرات فردية
لم يكن الذعر والهلع سيد الموقف في المناطق التي طالها الزلزال فحسب، بل حتى في الفضاء الإلكتروني أيضاً، إذ اختلفت ردود الفعل بين نشر المناشدات، سواء طلباً للمساعدة أو للاطمئنان على أقاربهم الذين فقدوا الاتصال بهم، أو حتى نشر معلومات بعضها كان مغلوطاً، أو حتى أخذ زمام المبادرة والتحرك لمحاولة تقديم المساعدة.
وعرض كثيرون استخدام آليات ثقيلة للمشاركة في إزالة الركام، أو إيواء من خرجوا من منازلهم، أو تقديم أدوية مجانية، أو توجيه نداءات استغاثة عبر هذه الوسائل، لمساعدة العالقين تحت الأنقاض. كما نشر بعض المستخدمين، لوائح بأرقام مهندسين لتقييم الوضع الإنشائي في المباني التي ظهرت فيها شقوق، والتي هناك مخاوف من انهيارها في حال حدوث هزات قوية أخرى، إضافة إلى نشر أرقام لجمع التبرعات.
كما ذهب آخرون إلى توجيه رسالة للمجتمع الدولي، طالبوا فيها برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، والتي برأيهم، تعيق وصول المساعدات الإنسانية.
وفي محاولة لمقارنة الوضع بين تركيا وسوريا، تداول ناشطون صوراً لطائرات المساعدات التي تتوجه إلى تركيا، من دون المرور فوق سوريا.
اقرأ أيضاً: