تبنى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28) في يومه الأول، الخميس، في دبي، قرار تنفيذ إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، في خطوة إيجابية باتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
وهذا القرار التاريخي، الذي حيّاه مندوبو نحو مئتَي دولة مشاركة بالتصفيق وقوفًا، هو ثمرة مؤتمر "COP 27" الذي عُقد في مصر، العام الماضي، حيث أُقرّ إنشاء الصندوق مبدئياً، لكن لم يتمّ تحديد خطوطه العريضة.
وقال رئيس "COP 28" الإماراتي سلطان الجابر، بعد اعتماد قرار "تشغيل" الصندوق الذي أُقرّ إنشاؤه في "COP 27": "أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا".
ومن الممكن أن يساعد تحقيق انفراجة مبكرة بشأن صندوق الأضرار، الذي طالبت به الدول الفقيرة منذ سنوات، في تمهيد الطريق أمام تسويات أخرى سيتم التوصل إليها خلال القمة التي تستمر أسبوعين.
أضرار المناخ بين الشمال والجنوب
وتمت صياغة الاتفاق على مدى أشهر عديدة من المفاوضات الصعبة التي شملت الدول الغنية والنامية.
وبحسب النص المعتمد، سيستضيف البنك الدولي الصندوق مؤقتاً لمدة 4 سنوات، وفي البداية، كانت الدول النامية تعارض ذلك بشدة، وانتقدت البنك لكونه في أيدي الدول الغربية معتبرةً أن ذلك لا يناسب احتياجاتها.
من جانبها، رفضت الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، جعل المساهمات إلزامية، ودعت إلى توسيع قاعدة المانحين لتشمل الدول الناشئة الغنية مثل الصين.
وقال دبلوماسيون أوروبيون، لرويترز، إن إنشاء الصندوق سيمهد الطريق أمام الدول الغنية لضخ أموال فيه.
ورحّبت مادلين ضيوف سار، رئيسة مجموعة الدول الأقلّ تقدماً التي تضمّ 46 من الدول الأشدّ فقراً، بقرار تشغيل صندوق الخسائر والأضرار، معتبرةً أنه يحمل "معنى كبيراً بالنسبة للعدالة المناخية"، لكنها أضافت أن "صندوقاً فارغاً لا يمكن أن يساعد مواطنينا".
وأوضحت فريدريك رودر، من منظمة "جلوبال سيتيزن" Global Citizen غير الحكومية، أنه "يجب على الدول الغنية الآن أن تعلن عن مساهمات كبيرة"، داعيةً إلى فرض ضرائب دولية جديدة، واعتبرت أن "الأموال متوفّرة، كما تظهر أرباح قطاع النفط والغاز".
مساهمات الدول في صندوق الكوارث المناخية
وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إن الإمارات ستساهم بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق الكوارث المناخية.
وكتب، على منصة X، بعد أن وافق "COP 28" رسمياً على ترتيبات صندوق الكوارث المناخية: "نهنئ جميع الأطراف على الاعتماد التاريخي لهذا الصندوق للاستجابة لتأثير المناخ، ونعلن عن التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 100 مليون دولار كمساهمة منا".
ودعا الوزير الإماراتي "الدول القادرة" إلى المساهمة في "هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر".
وقالت الولايات المتحدة إنها ستسهم بمبلغ 17.5 مليون دولار في صندوق كوارث المناخ، فيما تعهدت اليابان بتقديم 10 ملايين دولار.
وأعلنت بريطانيا أنها ستسهم بما يصل إلى 60 مليون جنيه إسترليني في الصندوق، بينما قالت ألمانيا إنها ستسهم بـ100 مليون دولار في ترتيبات صندوق كوارث المناخ.
ويرى خبراء أن هذه المبالغ لا تزال قليلة جداً مقارنة بعشرات مليارات الدولار الضرورية لتمويل الأضرار المناخية للدول الضعيفة.
من سيدفع في الصندوق؟
وأوضح دبلوماسي أوروبي بدون الكشف عن اسمه، أن المساهمات الأولى ستتيح "تمويل مشاريع تجريبية" واختبار أداء الصندوق "قبل جولة تمويل أكبر خلال سنة أو سنة ونصف"، بعد أن يثبت مصداقيته في عيون الجهات المانحة.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساهمة "كبيرة"، لكنه يريد من الدول التي ازدهرت اقتصاداتها في العقود القليلة الماضية مثل الصين أن تقتفي أثره.
وقال مفوض المناخ بالاتحاد الأوروبي فوبكه هوكسترا: "يجب على كل من لديه القدرة على الدفع أن يساهم"، مضيفاً أنه يريد "توسيع قاعدة المانحين إلى ما هو أبعد ممن جرت العادة أن تتجه الأنظار إليهم، وذلك ببساطة لأن ذلك يعكس الواقع في 2023".
وأضاف الرئيس التنفيذي للمؤتمر عدنان أمين أن الهدف هو تأمين عدة مئات الملايين من الدولارات لصندوق الأضرار خلال الفعالية.
وقال سفير دولة ساموا لدى أوروبا، باوليلي لوتيرو، وهو أيضاً رئيس الكتلة التفاوضية لرابطة الدول الجزرية الصغيرة: "لا يمكننا أن نرتاح حتى يتم تمويل هذا الصندوق بشكل كافٍ، ويبدأ فعلياً في تخفيف العبء عن المجتمعات الضعيفة".
مهام أخرى في مؤتمر المناخ
وتستعد الحكومات لإجراء مفاوضات ماراثونية حول ما إذا كان من الواجب الاتفاق، للمرة الأولى، على التخلص التدريجي من استخدام العالم للفحم والنفط والغاز الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون، وهو المصدر الرئيسي للانبعاثات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري العالمي.
ومن المهام الرئيسية في القمة أن تقوم الدول بتقييم التقدم الذي أحرزته في تحقيق أهداف المناخ العالمية، وعلى رأسها هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين.
وينبغي لهذه العملية، المعروفة باسم (التقييم العالمي)، أن تسفر عن خطة رفيعة المستوى تخبر البلدان بما يتعين عليها أن تفعله.
وافتتح الإماراتي سلطان الجابر، رئيس الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28) الذي تستضيفه بلاده، الخميس، وحث الدول على إيجاد أرضية مشتركة بشأن السياسات الرامية لتحقيق أهداف المناخ العالمية.
وأقر الجابر، في كلمته الافتتاحية، بأن هناك "وجهات نظر قوية تتعلق بفكرة إدراج كلام بشأن الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة في النص محل التفاوض، وقال: "أطالبكم بالعمل معاً".
وأضاف: "من الضروري عدم ترك أي قضية مطروحة على الطاولة. ونعم، كما قلت، يجب علينا أن نبحث عن طرق، ونضمن إدراج دور الوقود الأحفوري".
ونوه بقرار بلاده "التعامل بشكل استباقي" مع شركات الوقود الأحفوري، مشيراً إلى أن العديد من شركات النفط الوطنية اعتمدت أهداف الوصول إلى صافي انبعاثات صفر لعام 2050.
وقال الجابر: "ممتن لأنهم صعدوا للانضمام إلى هذه الرحلة التي غيرت قواعد اللعبة.. لكن يجب أن أقول إن هذا ليس كافياً، وأعلم أن بإمكانهم فعل المزيد".