النزوح والجوع وتوقف المستشفيات.. ملامح مأساة إنسانية متفاقمة في غزة

فلسطينيون يغادرون منازلهم في طريقهم إلى "مناطق آمنة" بينما يحملون أمتعتهم مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على حي الزيتون في مدينة غزة. 20 فبراير 2024 - AFP
فلسطينيون يغادرون منازلهم في طريقهم إلى "مناطق آمنة" بينما يحملون أمتعتهم مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على حي الزيتون في مدينة غزة. 20 فبراير 2024 - AFP
دبي/ جنيف -الشرقرويترز

أدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتسببت في أزمة إنسانية خانقة، تشمل النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أحدث تقاريرها التي ترصد الأوضاع الانسانية في غزة، أن القطاع يشهد "مأساة إنسانية لا تطاق".

وفي رفح، حيث لجأ ما يقدر بنحو 1.5 مليون شخص إلى المأوى، يعيش الأطفال والنساء والرجال من ساعة إلى ساعة آلام الجوع.

وأشارت المنظمات الدولية، إلى أن سكان قطاع غزة يحاولون العثور على الطعام، لكنهم يعودون خاليي الوفاض، مضيفة أن الوجبات الغذائية تكاد تكون معدومة، ويضطر الآباء إلى إيجاد بدائل غير مناسبة للأطفال الصغار. 

ومن المتوقع أن يعاني جميع السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي عند مستويات الأزمة أو أعلى. ومع وصول القليل من المساعدات إلى البلاد، تتقاسم بعض العائلات علبة واحدة فقط من الطعام كل 48 ساعة.

"نزوح مستمر"

قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن نحو 1.7 مليون شخص، أي أكثر من 75% من السكان، نزحوا داخل غزة،
واضطر كثيرون منهم إلى النزوح أكثر من مرة.

وكثفت إسرائيل الشهر الماضي قصفها لمدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، حيث يكتظ نحو 1.5 مليون شخص.

ومعظم السكان الذين يعيشون في رفح حالياً، نزحوا من منازلهم في شمال القطاع هرباً من الحرب التي تخوضها إسرائيل على قطاع غزة.

"توقف المستشفيات"

قالت منظمة الصحة العالمية، إن معظم مستشفيات القطاع البالغ عددها 36 مستشفى، توقفت عن العمل. وأضافت أنه لا يعمل من بين هذه المستشفيات بشكل جزئي إلا 12 مستشفى فقط، 6 منها في شمال القطاع، و6 في الجنوب، بينما يعمل مستشفى الأمل في خان يونس بالحد الأدنى.

وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية، الثلاثاء إن أكثر من 8 آلاف شخص بحاجة إلى نقلهم خارج غزة لتلقي العلاج.

وأضاف أن نحو 6 آلاف شخص يحتاجون إلى الخروج من القطاع بسبب إصابات وأمراض مرتبطة بالحرب، في حين يعاني ألفان من السرطان وأمراض مزمنة خطيرة أخرى.

وتعاني جميع المستشفيات في قطاع غزة من الاكتظاظ الشديد، ونقص الإمدادات الطبية والوقود والغذاء والمياه. 

وتقدم المرافق في جنوب غزة، الرعاية الطارئة العاجلة. لكن نقص الأسرة يجبرهم على إبقاء المرضى في الممرات والمكاتب والمدارس، بينما تتقلص قدرة المستشفيات التي لا تزال تعمل بسبب القوى العاملة المنهكة التي عاشت النزوح، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وزار فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، الأحد الماضي، مستشفيين هما كمال عدوان والعودة في شمال غزة، لتوصيل الإمدادات لأول مرة منذ بدء الأعمال القتالية. ووصف بيبركورن الوضع في مستشفى العودة بأنه "مروع على وجه الخصوص" بسبب تدمير أحد مبانيه.

وقال أحمد ضاهر، رئيس المكتب الفرعي لمنظمة الصحة العالمية في غزة: "المستشفيان اللذان زرناهما يمثلان النظام الصحي بوجه عام في غزة إذ يكافحان من أجل الاستمرار في العمل بكميات صغيرة من المساعدات مما يجعلهما بالكاد يعملان لخدمة المحتاجين".

وأضاف: "واجه كلا المستشفيين نقصاً في الوقود والطاقة والموظفين المتخصصين. وكان غالبية الأشخاص الذين أُدخلوا إلى المستشفيين يعانون من الصدمة".

وقالت وزارة الصحة في غزة، الأحد الماضي، إن 15 طفلاً على الأقل توفوا خلال الأيام القليلة الماضية بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفى كمال عدوان شمال غزة.

ورُفضت معظم طلبات منظمة الصحة العالمية لزيارة شمال غزة في يناير، ولم يسمح بتسهيل سوى 3 طلبات فقط من أصل 16 طلباً.

وأضافت المنظمة، أنه لم يسمح بتسهيل أي طلبات لتنفيذ مهام تقودها بنفسها في شمال قطاع غزة الشهر الماضي.

المساعدات الإنسانية والجوع

وأوقفت إسرائيل، جميع واردات الغذاء والعقاقير والطاقة والوقود إلى غزة مع بداية الحرب.

وسمحت فيما بعد بدخول شحنات المساعدات. لكن منظمات الإغاثة تقول إن التفتيش الأمني وصعوبة التحرك عبر منطقة تدور فيها حرب يعرقلان عملياتها بشدة.

وتقول وكالات تابعة للأمم المتحدة، إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة "مرتفعة للغاية" وأعلى بنحو 3 أمثال مما عليه الوضع في جنوب القطاع الفلسطيني حيث تتوفر المزيد من المساعدات.

وقال ينس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: "عندما يبدأ الأطفال في الموت جوعاً، ينبغي أن يكون ذلك تحذيراً لا مثيل له".

وأضاف: "إذا لم يكن ذلك الآن، فمتى يحين الوقت المناسب لبذل قصارى جهدنا وإعلان حالة الطوارئ وإغراق غزة بالمساعدات التي تحتاجها.

وقال بيبركورن من منظمة الصحة العالمية، إن واحداً من كل 6 أطفال تحت سن الثانية يعاني من سوء التغذية الحاد في شمال غزة.

وتزايدت الدعوات الموجهة إلى إسرائيل لبذل المزيد من الجهود لمواجهة الأزمة الإنسانية منذ سقوط فلسطينيين كانوا يتجمعون للحصول على المساعدات في غزة الشهر الماضي.

وقالت السلطات الصحية في غزة إن 118 شخصاً، لقوا مصرعهم بنيران إسرائيلية في الواقعة التي وصفتها بـ"المذبحة".

وتقول إسرائيل، إن العديد من هؤلاء الأشخاص تعرّضوا للدهس ولقيوا مصرعهم نتيجة التدافع، وتعهدت بإجراء تحقيق.

ونفذ الجيش الأميركي، أول عملية إنزال جوي للمساعدات الغذائية على سكان غزة، السبت الماضي، ويعتزم تنفيذ المزيد، في أعقاب مبادرة بدأتها مصر والأردن والإمارات وفرنسا لإنزال المساعدات على القطاع.

ويُنظر إلى عملية الإنزال الجوي على أنها أحدث دلالة على أن واشنطن بدأت تتخطى الطرق الدبلوماسية مع إسرائيل، التي تشكو الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى من أنها منعت أو قيدت وصول المساعدات. وتنفي إسرائيل عرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

تصنيفات

قصص قد تهمك