دراسة: الفنتانيل قد يسبب تلفاً في الدماغ "لا يمكن علاجه"

نقل شخص في سيارة إسعاف لتلقي العلاج إثر جرعة زائدة من عقار الفنتانيل في بورتلاند الأميركية. 25 يناير 2024 - AFP
نقل شخص في سيارة إسعاف لتلقي العلاج إثر جرعة زائدة من عقار الفنتانيل في بورتلاند الأميركية. 25 يناير 2024 - AFP
القاهرة-محمد منصور

قالت دراسة نُشرت في "دورية الجمعية الطبية البريطانية"، إن استنشاق مادة "الفنتانيل" الأفيونية الاصطناعية قد يسبب تلفاً في الدماغ "لا يمكن علاجه".

وحذر مؤلفو الدراسة، التي أُجريت على حالة واحدة فقط، من احتمالية الإصابة بمرض "اعتلال بيضاء الدماغ السمّي" بعد استنشاق هذه المادة "حتى ولو لمرة واحدة".

ويؤدي "اعتلال بيضاء الدماغ السمّي" لالتهاب وتلف المادة البيضاء في الدماغ، وهي شبكة من الألياف العصبية التي تتيح تبادل المعلومات والتواصل بين مناطق مختلفة من المادة الرمادية في الدماغ، وقد تم الإبلاغ عنها بعد استنشاق الهيروين، ولكن هذه هي الحالة الأولى المرتبطة بالفنتانيل، بحسب مؤلفي الدراسة.

والفنتانيل، هو مسكن أفيوني اصطناعي قوي، يُستخدم في المقام الأول لإدارة الألم الشديد الناجم عن الجراحة، أو الألم المزمن في الحالات التي تكون فيها المواد الأفيونية الأخرى غير فعالة.

ويمكن أن يسبب الفنتانيل خللاً في الجهاز التنفسي، وبالتالي تباطؤ التنفس إلى مستويات خطيرة، وهو ما قد يؤدي إلى الحرمان من الأكسجين وتلف الدماغ والأعضاء الأخرى.

كما يمكن أن يؤدي نقص الأكسجين لفترة طويلة إلى تلف في الدماغ، يتراوح من الضعف الإدراكي المعتدل إلى العجز العصبي الشديد، اعتماداً على مدة وشدة الحرمان من الأكسجين.

تداعيات إساءة استخدام الفنتانيل

ولا يعرف الأطباء على وجه الدقة الرابط بين استخدام الفنتانيل والإصابة باعتلال بيضاء الدماغ السمي. لكنهم يقولون إنه يسبب انقباض الأوعية الدموية، مما يقلل من تدفق الدم إلى مناطق معينة من الدماغ وبالتالي نقص التروية، أو عدم وصول كمية كافية من الأكسجين والمواد المغذية إلى أنسجة المخ، مما يساهم في تلف المادة البيضاء.

وقد يؤدي الفنتانيل إلى تحفيز عمليات الالتهاب العصبي في الدماغ، ما يؤدي إلى تلف المادة البيضاء، لكن عند استخدامه بشكل مناسب وتحت إشراف طبي، يمكن أن يكون مسكّناً فعالاً للآلام.

وتتسبب إساءة استخدام الفنتانيل في علامات وأعراض أبرزها، التغيرات العصبية والسلوكية، التي تتراوح بين الارتباك الخفيف والذهول والغيبوبة، وقد تصل إلى الموت.

وتعتمد التوقعات بالنسبة للمتضررين عموماً على مدى إصابة المادة البيضاء، ويقول مؤلفو الدراسة إن بعض الأشخاص سوف يتعافون تماماً، ولكن حالات البعض الآخر ستزداد سوءاً بشكل تدريجي.

ماذا حدث؟

وفي الحالة المشمولة بالدراسة، عالج الباحثون رجلاً في منتصف العمر عُثر عليه فاقداً للوعي داخل غرفته بأحد الفنادق، حيث عُثر على حبوب مسحوقة مجهولة الهوية، وبقايا بيضاء على طاولة قريبة.

وعند وصوله إلى المستشفى، لم يتمكن من الإجابة عن أسئلة وُجّهت إليه أو اتباع الأوامر، لكنه استجاب إلى محفزات الألم في ساقيه، دون ذراعيه.

وكشف فحص الدماغ عن وجود التهاب في المادة البيضاء وتورّم وإصابة في المخيخ، وهو جزء في الدماغ مسؤول عن المشي والتوازن، في حين كانت نتيجة اختباره للصرع سلبية.

وأظهر فحص المخدرات نتائج سلبية، لكن اختبار بول منفصل، أشار إلى وجود مستوى مرتفع جداً من الفنتانيل، لذا تم تشخيصه بـ"اعتلال بيضاء الدماغ السمي" الناجم عن استنشاق الفنتانيل.

وبعد 18 يوماً ظل خلالها طريح الفراش، تم إعطاء الرجل العديد من الأدوية المختلفة لعلاج "سلس البول، وإصابة الكلى، والضعف الإدراكي، والاشتباه في انسحاب المواد الأفيونية، والألم والإثارة، والالتهاب الرئوي".

وبعد 26 يوماً، خرج من المستشفى إلى أحد مرافق إعادة التأهيل، وبعد شهر آخر عاد إلى المنزل بدعم من العلاج الطبيعي والعلاج المهني.

وبعد أقل من عام من دخوله المستشفى، تعافى الرجل تماماً وعاد لمباشرة عمله بشكل طبيعي، إلا أن الأطباء يؤكدون أن شفاءه قد لا يحدث لكثيرين غيره.

وتعليقاً على الواقعة، وصف المريض شفاءه بـ"المعجزة"، مضيفاً: "في وقت مبكر، بدا الأمر وكأنني سأحتاج إلى رعاية لمدة 24 ساعة بعد خروجي من المستشفى، لكنني ركزت وعملت بجد في جلسة العلاج الخاصة بي وعقدت العزم على عدم مغادرة المستشفى".

وخلص مؤلفو الدراسة إلى أن "هذه الحالة توضح الحاجة إلى إدراج الفنتانيل في فحوصات أدوية البول الروتينية من أجل الكشف المبكر عنه، وإدارته بشكل مناسب".

تصنيفات

قصص قد تهمك