كشفت تقارير جديدة عن أن إقالة مؤسس ومدير سام ألتمان من منصبه، الشهر الماضي، كان السبب الرئيسي فيها هو سلوكياته الغريبة التي مارسها في بيئة العمل مع مجلس الإدارة والموظفين، وبسببها وصفه البعض بأنه "مؤذٍ نفسياً".
بحسب "بلومبرغ" و"واشنطن بوست"، كان ألتمان يتبع أسلوب "فرّق تسُد" بين الموظفين، إذ اعتمد هذا الأسلوب لإثارة الفرقة بينهم، وقد تضرر العديد منهم وامتعض من هذا الأسلوب، لدرجة أنهم قدموا عدة شكاوى إلى مجلس الإدارة في هذا الشأن، لكن مع تخوف شديد من أن يعلم مؤسس أوبن إيه آي بشكواهم، ويحاول الانتقام منهم، كما فعل من قبل مع موظف بالشركة بعد أن انتقده علناً.
تلاعب بالمعلومات
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن ألتمان اتبع أسلوب التلاعب في الحقائق، ونقل روايات مغلوطة عن أشخاص لخدمة مصالحه، ولم يكن أسلوبه مع الموظفين الأقل منهم في الهرم الوظيفي، وإنما اتبع هذا الأسلوب كذلك مع مجلس إدارة شركته، كي يتخلص من عضو مجلس الإدارة السابقة هيلين تونر.
وأوضحت "بلومبرغ" أن ألتمان جمعه خلاف، في أكتوبر، مع تونر، مديرة المركز البحثي للأمن والتقنيات الناشئة بجامعة "جورج تاون"، بعد مشاركتها في نشر ورقة بحثية تتناول أساليب السلامة التي تتبعها شركة "أنثروبيك"، المنافسة البارزة لـOpenAI.
وامتدحت تونر منافسة شركتها، وقالت عنها في ورقتها: "عبر تأجيل إطلاق منصتها Claude إلى حين طرح منافس قوي بالإمكانيات نفسها، نجحت شركة (أنثروبيك) في تجنب الدخول في السباق المحموم، الذي حفزه ChatGPT بمجرد إطلاقه".
وحذر ألتمان مجلس الإدارة من مدى تأثير ورقة تونر البحثية على صورة OpenAI، خاصة أن الشركة كانت تحت مجهر تحقيق موسع تجريه هيئة التجارة الفيدرالية، مما سيجعل موقفها سيء مع وجود انتقادات لها من أحد أعضاء مجلس إدارتها.
ووضع ألتمان نصب عينيه هدف إقالة تونر من مجلس إدارة OpenAI. لذلك، بحسب مصادر تحدثت إلى "بلومبرغ"، بدأ في خوض نقاشات بشكل مباشر مع عدد من أعضاء المجلس لإقناعهم بأن بقية الأعضاء يؤيدون قرار الإقالة، بل وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ونسب بشكل مغلوط عبارة "بات واضحاً أن هيلين يجب أن ترحل" إلى تاشا مكاولي، عضو سابق بمجلس إدارة OpenAI وعالمة إدارة مساعدة بشركة Rand Corp.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن هذا الموقع كان الأساس الذي بنى عليه مجلس الإدارة صورة لأسلوب ألتمان الاحتيالي.
يُذكر أن ألتمان، عقب عودته إلى منصبه الإداري وإقالة تونر ومكاولي من المجلس، نشر تدوينة يقول خلالها: "من الواضح أنه كان هناك بعض سوء الفهم بيني وبين مجلس الإدارة، ومن جانبي، سأهتم بالتعلم من تلك التجربة، وتطبيق الدروس المستفادة خلال المضي قدماً".
حشد وضغط
وذكرت "واشنطن بوست" أن مجلس إدارة OpenAI كان على مدار سنوات طويلة يواجه صعوبة في السيطرة على تصرفات وقرارات ألتمان، بسبب سلوكياته الحادة، إلى أن توصل المجلس لقرار إقالته بشكل سريع.
كان المجلس يتوقع حالة الغضب التي ستسيطر على الموظفين عند إعلان قرار الإقالة، لكن صدمته كانت كبيرة عند اتحاد مدراء الشركة في فريق ألتمان، وإعلانهم المطالبة بعودته، بل والمناداة بعدم قانونية قرار المجلس، واصفينه بأنه "انقلاب" نظمه إيليا ساتسكيفر، مدير قطاع الأبحاث في OpenAI وأحد مؤسسيها وعضو سابق بمجلس إدارتها.
وأوضح تقرير "واشنطن بوست" أن عدداً من الموظفين الحاليين في الشركة صرحوا بأنهم تعرضوا لضغط شديد من أقرانهم، للتوقيع على مذكرة المطالبة بإعادة ألتمان للشركة وإقالة مجلس الإدارة.
إلا أن بعض الموظفين نفوا ذلك علناً على منصة إكس، فأكدت جوانا جانج، موظفة بقطاع المنتجات في OpenAI، أن المذكرة كانت عبارة عن ملف على خدمة Google Docs الرقمية، وانتشرت سريعاً بين الموظفين بين الساعة الثانية والثالثة صباحاً، فبدأ الجميع بالتراسل للتشجيع على التوقيع دون أي ضغط.
ولكن إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية الموظفين القدامى في OpenAI، فسنجد أن لديهم محفزاً قوياً يدفعهم لعمل أي شيء لإعادة سام إلى رأس الشركة، فكانت لديهم فرصة ذهبية للحصول على عائد مالي ضخم على حصتهم في أسهم الشركة، خاصة أن إدارة ألتمان كانت قد منحت جميع الموظفين فرصة لبيع أسهمهم بتقييم لقيمة الشركة يصل إلى 90 مليار دولار، وذلك يفوق 3 أضعاف قيمتها في أبريل، عندما كانت تبلغ 28 مليار دولار. وتلك الفرصة كان من شأنها الذهاب سُدى في حال لم يعُد ألتمان إلى OpenAI.
عبر موقعه الشخصي، كتب ألتمان منذ 3 سنوات تدوينة بعنوان "قوة سوء الفهم"، يتحدث خلالها عن أن من الخطأ الاهتمام المطلق بآراء الناس، وأنهاها بفقرة تعكس الكثير عن شخصية ألتمان، قال خلالها: "طالما كنت على صواب، فإن سوء فهم الناس لك يعتبر نقطة قوة وليس ضعفاً. ففقط أنت وقلة من المتمردين سيكون لديكم المساحة لحل مشكلة مهمة، لا يُمكن حلها إلا من خلالكم".
