قالت مجلة "بوليتيكو"، إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تستعد لفرض أول عقوبات كبرى على روسيا بالتنسيق مع حلفاء أوروبيين خلال الأسابيع المقبلة.
ونقلت المجلة عن مصادر مطلعة (لم تُسمها)، قولها إن الولايات المتحدة تستعد للرد على تسميم وسجن المعارض الروسي أليكسي نافالني، ومن المتوقع أن تنسق تنفيذ عقوبات مع الحلفاء الأوروبيين خلال الأسابيع المقبلة.
وأضافت المصادر، أن الرد سيشكل تحولاً عن نهج الإدارة السابقة، التي أعدت حزمة عقوبات في أعقاب تسميم نافالني، لكنها لم تنفذها أبداً، كما أنه سيشكل الخطوة الرئيسية الأولى للإدارة الجديدة في "محاسبة روسيا على انتهاكات حقوق الإنسان"، التي ذكرها بايدن، ووزير خارجيته أنطوني بلينكين، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لأجندة سياستهما الخارجية.
في المقابل، رفض مسؤول كبير في الإدارة، التعليق على أي عناصر محددة بشأن الرد المتوقع، لكنه كرر القول: "ندرس خيارات السياسة المتاحة".
وأضاف المسؤول: "يكفي أن نقول، إننا لن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان هذه".
وذكرت المصادر، أن تسميم نافالني في أغسطس الماضي، وسجنه مؤخراً في موسكو، من الأمور ذات الطابع الملح للرد، ولو كانت عملية المراجعة واسعة النطاق للسياسة الأميركية تجاه روسيا، التي أطلقتها الإدارة في يناير الماضي، لا تزال مستمرة مع المناقشات الداخلية.
الرد "لا ينبغي أن يتأخر"
وفي سياق متصل، قال عدة خبراء في الشأن الروسي، إن الولايات المتحدة يجب ألا تتأخر في الرد، لا سيما بعد أن مهدت محكمة روسية، الأسبوع الماضي، السبيل لنقل نافالني إلى سجن جنائي.
من جانبه، قال دانيال فرايد، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوروآسيوية من 2005 إلى 2009: "إنهم محقون في إجراء هذه المراجعة واسعة النطاق، لكن في ما يتعلق بنافالني، ينبغي عليهم اتخاذ إجراء عاجل".
وأضاف: "لا أعتقد أنه يمكننا منع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين من إرسال نافالني إلى سجن جنائي، ولكن من خلال العمل بسرعة الآن، على الأقل سيكون في حسابات بوتين أن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك".
بايدن لن يبدأ من الصفر
وأشارت المجلة إلى أنه في حين أن عملية المراجعة الأوسع لسياسة روسيا التي أجراها مجلس الأمن القومي الجديد لم تكتمل بعد، فإن إدارة بايدن لم تبدأ من الصفر بشأن قضية نافالني، فقد ورثت حزمة عقوبات شاملة من إدارة الرئيس دونالد ترمب السابقة، تسلمتها أثناء العملية الانتقالية، حسبما ذكر مصدران مطلعان.
واقترحت الحزمة 3 أنواع من العقوبات، تشمل عقوبات "قانون ماغنيتسكي" على الأفراد الذين احتجزوا نافالني، وعقوبات بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991 (قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية)، وعقوبات بموجب الأمر التنفيذي 13382، الذي يهدف إلى تجميد أصول ناشري أسلحة الدمار الشامل وأنصارهم، بحسب وزارة الخارجية.
كما اقترحت حزمة عقوبات إدارة ترمب أيضاً، إلغاء تأشيرات بعض المسؤولين الروس، وتقييد تصدير بعض المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا، التي يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة دمار شامل.
غير أنه ليس من الواضح سبب تعثر اقتراح العقوبات، الذي قال مسؤولون سابقون إنه كان جاهزاً بحلول أوائل يناير الماضي، في نهاية ولاية ترمب، لكن من المعروف أن الرئيس السابق كان متردداً في معاقبة الكرملين أو مواجهة فلاديمير بوتين بشكل مباشر، وحزمة العقوبات كانت تتطلب موافقته.
وقال مسؤولان، إنه مهما كان اختيار الإدارة الجديدة للرد، فمن غير المرجح أن تستخدم نفس البرنامج الذي تركه فريق الأمن القومي لترمب، إذ يرى مجلس الأمن القومي الحالي أن هذه الحزمة أحادية الجانب بشكل مفرط، ولا تتماشى مع التزام بايدن بالعمل عن كثب مع شركاء الولايات المتحدة في تحركات السياسة الخارجية الرئيسية.
عقوبات أوروبية
والاثنين، توصل وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، لاتفاق بشأن فرض عقوبات على 4 مسؤولين روس على خلفية "قمع المعارض نافالني وأنصاره"، من دون أي تفاصيل حول أسماء المسؤولين المستهدفين بتجميد أصولهم وحظر السفر، حسب وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس).
وأوقف أليكسي نافالني لدى عودته إلى موسكو في يناير من ألمانيا، حيث كان يتعافى من محاولة تسميم اتهم نظام فلاديمير بوتين بالمسؤولية عنها، لكن موسكو نفت هذه الاتهامات مراراً، ومنذ ذلك الوقت، صدرت عدة إدانات قضائية بحق نافالني.
وأثار سجن نافالني، احتجاجات على مستوى البلاد شهدت اعتقال آلاف المتظاهرين وصدرت دعوات في الغرب لإطلاق سراح أبرز معارض لبوتين.
وأيدت محكمة في موسكو، السبت، حكماً يقضي بحبس نافالني لأكثر من عامين لانتهاكه حكماَ صادراَ مع وقف التنفيذ في عام 2014 بتهمة "الاحتيال"، رغم مطالبة محكمة حقوقية أوروبية روسيا بالإفراج عنه معتبرة الحكم "تعسفياً".