نووي كوريا الشمالية.. ملف جاهز للانفجار على مكتب بايدن

time reading iconدقائق القراءة - 8
صواريخ باليستية معدة للإطلاق عبر الغواصات خلال عرض عسكري للاحتفال بالمؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري في بيونغ يانغ، صواريخ باليستية أطلقتها غواصات خلال عرض عسكري للاحتفال بالمؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري (WPK) في بيونغ يانغ. - AFP
صواريخ باليستية معدة للإطلاق عبر الغواصات خلال عرض عسكري للاحتفال بالمؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري في بيونغ يانغ، صواريخ باليستية أطلقتها غواصات خلال عرض عسكري للاحتفال بالمؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري (WPK) في بيونغ يانغ. - AFP

تواجه الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن تحدياً كبيراً يفرضه ملف كوريا الشمالية، في ظل ازدحام الملفات الطارئة أمام مكتب الرئيس التي تحتاج إلى تعامل عاجل.

وذكرت شبكة (سي إن إن) الأميركية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ما زال متمسكاً بأسلحته النووية، حتى بعد مرور عام شكّل أكبر تحدياً لحكمه الذي دام عقداً تقريباً.

وأعلن كيم الأسبوع الماضي في مؤتمر حزب العمال الثامن -وهو اجتماع للنخبة الحاكمة في كوريا الشمالية- أن بلاده تخطط لتعزيز برامج بيونغ يانغ للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية الخطرة بالفعل بأسلحة جديدة ومتطورة، مثل الأسلحة النووية التكتيكية المصممة للاستخدام في ساحة المعارك والرؤوس الحربية المصممة للتهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي أميركية الصنع.

وفي ختام المؤتمر الذي لاقى اهتماماً إعلامياً عالمياً، استعرض الجيش الكوري الشمالي صاروخاً باليستياً جديداً معداً للإطلاق من الغواصات.

رسالة واضحة

وتشير (سي إن إن) إلى أن رسالة كيم واضحة وضوح الشمس، إذ قال إن كوريا الشمالية تحتاج حالياً إلى أسلحتها النووية لردع الولايات المتحدة "بغض النظر عمّن في السلطة، وبغض النظر عن التكلفة".

لكن الشبكة الأميركية قالت إن خطط القائد الشاب الطموحة لتحديث ترسانته النووية ستثبت أنها باهظة الثمن، في وقت تشح فيه الأموال في البلاد بالفعل. 

وقطعت كوريا الشمالية طواعية آخر علاقاتها الضئيلة مع العالم الخارجي في عام 2020 لمنع تدفق فيروس كورونا، وشمل ذلك قطع كل التجارة مع بكين تقريباً، وهو شريان الحياة الاقتصادي الذي تحتاجه الدولة الفقيرة لحماية شعبها من الجوع.

"في الحضيض"

وتقول (سي إن إن) إن اقتصاد كوريا الشمالية الآن في الحضيض، وإمداداتها الغذائية في خطر. ولدرء الجائحة، فعل كيم لبلاده ما كان يأمل الكثيرون في واشنطن أن تحققه العقوبات الاقتصادية، فقد جعل الاقتصاد الكوري الشمالي على وشك الانهيار. وأدى قيامه بذلك بمحض إرادته إلى تساؤل الكثيرين عما إذا كانت العقوبات قوية بما يكفي لتغيير تفكير كيم.

ومع وجود اقتصاد كوريا الشمالية على المحك بالفعل، يرى محللون أن الوقت قد حان لتوجيه ضربة قاضية، في إشارة إلى إجراءات معوقة تقنع كيم إلى الأبد، بأن سعيه المستمر لامتلاك أسلحة نووية لا يضمن سلامة نظامه، بل يهدده.

تحديات بايدن

وترى (سي إن إن) أن خطط كيم ستمثل تحدياً كبيراً للرئيس المنتخب جو بايدن. وتضيف أن ترمب، مثل أوباما والرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، سيترك لخليفته خصماً أكثر خطورة وأفضل تسليحاً من الخصم الذي ورثه.

ويواجه بايدن الآن نفس قضية السياسة الخارجية التي ابتلي بها أسلافه الخمسة السابقون، وهي كيفية جعل كوريا الشمالية تتخلى عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية وصواريخ باليستية.

وقد يضطر بايدن إلى القيام بذلك في وقت أقرب مما يود. وعلى الرغم من أن الأسلحة الجديدة التي ذكرها كيم هي في مراحل مختلفة من التطوير، فإن معظمها يحتاج إلى اختبار ليتم اعتبارها عاملة. وإذا أجرت كوريا الشمالية مثل هذا الاختبار، فمن المحتمل أن تمهد الطريق لمواجهة دبلوماسية بين واشنطن وبيونغ يانغ في الأيام الأولى لرئاسة بايدن.

تحالفات مركبة

وهناك تلميحات حول كيفية تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع هذا التحدي. فبناءً على ملاحظات بايدن العامة، من المحتمل أن تتضمن استراتيجية الرئيس الجديد التزاماً بتحالفات متعددة الأطراف.

فقد اختيار بايدن وزير الخارجية بناءً على موقفه الذي قال فيه إنه يتعين على واشنطن أن تنظر إلى الاتفاق الإيراني للحصول على مصدر إلهام لكيفية التعامل مع كوريا الشمالية، ما يعني أن الإدارة الجديدة قد تفكر في شيء مثل مبادلة تجميد أنشطة الانتشار مقابل تخفيف محدود للعقوبات. 

لكن (سي إن إن) نقلت عن مصادر مطلعة أن الإدارة المقبلة ستستغرق وقتاً في بلورة سياسة بعد الاجتماع مع الحلفاء والشركاء. وإضافت الشبكة الإخبارية الأميركية أنه أياً كان المسار الذي يختاره بايدن فلا تزال هناك حواجز رئيسية.

أضغاث أحلام

وأوضحت (سي إن إن) أنه إذا رد بايدن، مثل سلفه، بالعقوبات والضغط، فقد يمنع ذلك نوع دبلوماسية القناة الخلفية المستخدمة في إبرام الاتفاق الإيراني. فتنظر بيونغ يانغ إلى العقوبات على أنها أعمال "عدائية" ويمكن بدورها أن تغلق الباب أمام المحادثات.

وأشارت كوريا الشمالية إلى الجولة الأخيرة من عقوبات الأمم المتحدة المفروضة عليها في عام 2017 بأنها "عمل حرب"، ووصفت فكرة تخليها عن أسلحتها النووية بأنها "أضغاث أحلام" للولايات المتحدة.

ووفقاً للمحطة الأميركية ستتطلب الاستراتيجية المتوقعة لإدارة بايدن استمالة ثلاثة أطراف فاعلة رئيسية هي الصين وروسيا وكوريا الجنوبية.

وقال دويون كيم، الزميل البارز المساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد: "لن تطبق الصين وروسيا بشكل كامل حتى العقوبات الحالية.. من الناحية الجيوسياسية، سيكون من الصعب تحديد عقوبات جديدة دون مبرر مقنع للغاية لبكين وموسكو وحتى حكومة مون في كوريا الجنوبية".

تبادل المنفعة

وتبدو الصين وروسيا راضيتين بالوضع الراهن. وقد لا يكون الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن راضياً عن استراتيجية الضغط لأنه يفضل المشاركة والتعاون الاقتصادي كوسيلة لخفض حدة الموقف. وقال مون إن الحوار والتعاون متبادل المنفعة هما مفتاح عملية السلام الكورية، وذلك في خطاب ألقاه في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال ديلوري إذا كان الحوار هو المسار المختار، فيجب على إدارة بايدن أن تعترف بحدوده. وأضاف: "يجب علينا التخفيف من توقعاتنا بشأن ما يمكن أن تفعله المشاركة.. لقد رأينا ما يمكن أن تفعله ثلاث قمم ، وهذا يترك الكثير مما هو مرغوب فيه".

لكن المشكلة الأكبر قد تكون ببساطة القدرة في التعامل، وفقاً لـ(سي إن إن)، حيث يتولى بايدن منصبه في مواجهة تحديات هائلة في الداخل، فيجب أن يوقف جائحة كوفيد 19 المستعرة داخل حدود الولايات المتحدة، وأن يجمع شمل أمة جريحة لا تزال تتعافى بعد أن اقتحم حشد من مثيري الشغب الذين حرضهم ترمب مبنى الكابيتول الأميركي.. وهو ما سيظل معه التساؤل الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للرئيس الجديد التعامل مع كل هذه الأشياء في نفس الوقت؟