"زلزال انتخابي" في أيرلندا الشمالية.. نصر تاريخي لأنصار الانفصال عن بريطانيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
جدارية لحزب "الشين فين" في غرب بلفاست عاصمة أيرلندا الشمالية - 29 أبريل 2022 - Bloomberg
جدارية لحزب "الشين فين" في غرب بلفاست عاصمة أيرلندا الشمالية - 29 أبريل 2022 - Bloomberg
دبي - الشرق

أظهرت النتائج المبكرة للانتخابات النيابية في أيرلندا الشمالية، أن حزب "الشين فين" يستعد لتحقيق نصر تاريخي، يتيح للمرة الأولى تفوّقاً للحزب القومي، الملتزم بإعادة توحيد أيرلندا، على الوحدويين (أنصار أنصار البقاء تحت التاج البريطاني) في الإقليم.

ونال الحزب 29% من أصوات التفضيل الأول، في ظل نظام التمثيل النسبي المعتمد في أيرلندا الشمالية، بزيادة 1.1 نقطة عن انتخابات عام 2017، في مقابل 21.3% لـ"الحزب الوحدوي الديمقراطي"، الذي يُعدّ منذ فترة طويلة أبرز قوة سياسية في الإقليم، حسبما أوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وبذلك تتراجع أصوات الحزب الوحدوي بنحو 7 نقاط، عن انتخابات 2017، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وإذا تواصل هذا الاتجاه، فسيتراجع "الحزب الوحدوي الديمقراطي"، أبرز تشكيل ملتزم بالحفاظ على وضع الإقليم بوصفه جزءاً من المملكة المتحدة، إلى المركز الثاني وراء حزب "الشين فين"، الذي كان لفترة طويلة، الجناح السياسي لتنظيم الجيش الجمهوري الأيرلندي.

ويُعتبر "حزب التحالف" الوسطي، الفائز الكبير الآخر في الانتخابات التي نُظمت الخميس، بنيله 13.5% من الأصوات، بزيادة 4.5 نقاط، في تطوّر اعتبرت "فاينانشال تايمز" أنه يؤكد أن عدداً كبيراً من الناخبين لم يعودوا يقبلون الانقسامات التقليدية بين الوحدويين والقوميين.

"تغيير حقيقي"

ومع إعلان النتائج في 41 من 90 مقعداً، فاز "الشين فين" بـ17 مقعداً، في مقابل 10 مقاعد لـ"الحزب الوحدوي الديمقراطي"، و7 مقاعد لـ"حزب التحالف"، و4 مقاعد لـ"حزب أولستر الوحدوي"، بحسب "بي بي سي".

الأداء الانتخابي لـ"الشين فين" تجاوز توقعات استطلاعات الرأي. وقالت ميشيل أونيل، نائبة زعيمة الحزب في أيرلندا الشمالية، إن "الوقت حان لتحقيق تغيير حقيقي". وكتبت على تويتر: "إنه يوم تاريخي. سنعمل بجدية من أجل الجميع". وتحدثت عن "بناء مستقبل أفضل للجميع"، مشددة على أن "الشين فين جاهز للعمل مع آخرين، لإحداث تغيير حقيقي وجعل السياسة تعمل".

أما زعيمة الحزب القومي، ماري لو ماكدونالد، فقالت لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية في بلفاست: "ثمة احتمال بأن تكون ميشيل أونيل أول شخصية قومية جمهورية تقود الحكومة في أيرلندا الشمالية".

وفي حديث لشبكة "سي إن إن"، رجحت ماكدونالد إجراء تصويت على إعادة توحيد شطري أيرلندا، في العقد المقبل.

"أعتاب التاريخ"

وفي انتظار إعلان النتائج النهائية السبت، يشير الاتجاه إلى "تحوّل كبير في التوازن السياسي" بالإقليم، وفق وكالة "بلومبرغ" التي نقلت عن جوناثان تونج، وهو أستاذ السياسة في جامعة ليفربول، قوله: "الشين فين يقف على أعتاب التاريخ. واضح أنهم سيحصلون على أكبر عدد من المقاعد".

وأشارت الوكالة إلى أنها المرة الأولى التي يفوز فيها حزب قومي بالانتخابات، منذ تشكيل حكومة لتقاسم السلطة بعد اتفاق الجمعة العظيمة لعام 1998، الذي أنهى إلى حد كبير عقوداً من العنف بين الوحدويين البروتستانت والقوميين الكاثوليك.

واعتبرت الوكالة أن فوز "الشين فين" سيوجّه ضربة للتيار الوحدوي وحكومة المحافظين في المملكة المتحدة، علماً أن "الحزب الوحدوي الديمقراطي" شنّ حملة قوية ضد "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، وهو جزء يمسّ الإقليم في اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وتريد حكومة بوريس جونسون تعديله، ممّا قد يشعل حرباً تجارية مع الاتحاد، علماً أن حزب جونسون خسر معاقل تاريخية، في الانتخابات المحلية التي نظمتها بريطانيا الخميس.

إعادة توحيد أيرلندا

وإذا فاز "الشين فين" بأكبر عدد من المقاعد، فسيكون مؤهلاً لاختيار الوزير الأول في الإقليم. وفي حين أن منصبَي الوزير الأول ونائب الوزير الأول متساويان، فإن المعنى الرمزي لشغل شخصية قومية المنصب الأول، سيكون هائلاً بحسب "بلومبرغ". ورجّحت الوكالة أن يشجّع فوز "الشين فين" أيضاً، أولئك الراغبين في إعادة توحيد أيرلندا، بشطريها الشمالي والجنوبي.

وكان "الحزب الوحدوي الديمقراطي" أعلن مقاطعة أعمال البرلمان، إن لم تُلغَ قواعد التجارة لما بعد "بريكست"، والتي فرضت حدوداً جمركية في بحر أيرلندا. واعتبرت "فاينانشال تايمز" أن رفض الحزب تشكيل هيئة تنفيذية جديدة الأسبوع المقبل، قد يمهّد لشهور من الغموض السياسي في أيرلندا الشمالية، ربما يسفر عن تنظيم انتخابات أخرى في نهاية هذا العام أو مطلع عام 2023.

زعيمة "حزب التحالف"، نعومي لونج، اعتبرت أن المقاعد الإضافية التي نالها حزبها أبرزت الحاجة إلى تجاوز الانقسامات التقليدية. وقالت: "بعد 24 سنة على اتفاق الجمعة العظيمة، علينا تجاوز مجرد إدارة الانقسامات، وبلوغ مرحلة نسوّيها".

"زلزال انتخابي"

صحيفة "نيويورك تايمز" تحدثت عن "زلزال انتخابي" في أيرلندا الشمالية، التي "اقتُطعت من جمهورية أيرلندا قبل قرن، من أجل حماية حقوق سكانها الذين يغلب عليهم البروتستانت، ويُؤيّدون بريطانيا".

وأضافت أن "وجود حزب قومي على رأس القيادة في أيرلندا الشمالية سيثير آمالاً جديدة بالوحدة الأيرلندية، لكنه قد يؤدي أيضاً إلى عودة الاضطرابات بين الكاثوليك والبروتستانت".

ونقلت الصحيفة عن ديارميد فيريتر، أستاذ التاريخ الأيرلندي الحديث في جامعة كوليدج دبلن، قوله: "بالنسبة إلى القوميين الذين أقاموا في أيرلندا الشمالية منذ عقود، يشكّل كون الشين فين أكبر حزب، لحظة عاطفية".

أما كاتي هايوارد، أستاذة السياسة في جامعة كوينز ببلفاست، فلفتت إلى أن "عدداً كبيراً من الناخبين في أيرلندا الشمالية يقولون إنهم ليسوا قوميين أو وحدويين". وأضافت: "النقطة الأساسية التي يشير إليها الشين فين هي: نريد أن نكون في الحكومة. ويرحّب بذلك أفراد سئموا من خلل الحكومة".

يُنتخب برلمان أيرلندا الشمالية باستخدام نظام التمثيل النسبي، المعروف باسم "الصوت الفردي القابل للتحويل". ويمكن للناخبين الاختيار من بين 5 مرشحين، بترتيب الأفضلية. ثم تُمنح المقاعد بالتناسب مع عدد الأصوات المُدلى بها، مع مراعاة تفضيلات الناخبين ذات الترتيب الأدنى.

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات