بروتوكول أيرلندا الشمالية يهدّد بصدام بين لندن وبروكسل

time reading iconدقائق القراءة - 6
علما بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل  - REUTERS
علما بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل - REUTERS
دبي- الشرق

صعّدت المملكة المتحدة تهديداتها بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية، المُطبّق بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، مرجّحة فشل اقتراحات قدّمها التكتل أخيراً بشأن الترتيبات التجارية، ومحذرة من أنها ستتخذ إجراءات لتسوية الأمر، إن لم يتم التفاوض على اتفاق جديد.

وتحاول لندن وبروكسل منذ شهور، كسر جمود بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية، وهو اتفاق أبرمته لندن قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتعتبر الآن أن تطبيقه متعذر. الاتفاق شكّل حدوداً جمركية في البحر، بين أيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة، لإبقاء الحدود البرية المفتوحة للمقاطعة مع جمهورية أيرلندا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، كما أفادت وكالة "رويترز".

"تهديد للسلام والاستقرار"

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن اقتراحات الاتحاد الأوروبي بمراجعة عمليات فحص السلع المنقولة بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية، فشلت في معالجة المشكلة الأساسية "وفي بعض الحالات ستعيدنا إلى الوراء".

وأضافت: "ارتفعت الأسعار، وتعطّلت التجارة بشدة، ويخضع شعب أيرلندا الشمالية لقوانين وضرائب مختلفة عن تلك المفروضة فوق بحر أيرلندا، ممّا جعله من دون مسؤول تنفيذي ويشكّل تهديداً للسلام والاستقرار".

ورأت أن "الجواب لا يمكن أن يكون مزيداً من الفحوص والأعمال الورقية والتعطيل"، وتابعت: "فضّلنا دوماً الحلّ التفاوضي، ولكننا لن نتجنّب اتخاذ إجراءات لتحقيق استقرار في الوضع بأيرلندا الشمالية، إذا تعذّر إيجاد حلول".

بروتوكول أيرلندا الشمالية

وتريد بريطانيا إصلاحاً كاملاً للبروتوكول، ولمّحت إلى إمكان تجميد العمل بجزء منه أحادياً، إن لم يتم التوصّل إلى اتفاق جديد، وهذه خطوة قد تؤدي إلى تجميد اتفاق التجارة الحرة، المُبرم بين لندن وبروكسل في أواخر عام 2020، فيما يرتفع التضخم، مع تحذيرات من ركود في المملكة المتحدة هذا العام، بحسب "رويترز".

أما "بلومبرغ" فاعتبرت أن هذا التحذير يهدد بإثارة أزمة دبلوماسية، قد تسفر عن حرب تجارية مع أبرز شريك تجاري للمملكة المتحدة.

وهددت بريطانيا مرات بتفعيل المادة 16، بحجّة أن البروتوكول يعطّل التجارة بين أيرلندا الشمالية وبقية مناطق المملكة المتحدة، ويهدد "اتفاق الجمعة العظيمة" الذي ساهم بإنهاء سنوات من العنف الطائفي في المقاطعة.

وصاغت تروس مسوّدة قانون، لتمكين لندن من إلغاء أجزاء كبيرة من البروتوكول، بعد فقدان الثقة بالمفاوضات، كما أوردت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية الثلاثاء. وأضافت أن ذلك سيؤدي أحادياً إلى إلغاء الحاجة إلى فحص السلع المُرسلة من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية، ويمكّن الشركات من تجاهل قواعد الاتحاد الأوروبي.

دفع ذلك نائب رئيس المفوّضية الأوروبية، ماروش سيفكوفيتش، إلى التحذير من أن البروتوكول هو اتفاق دولي، مضيفاً أن "إعادة التفاوض عليه ليست خياراً". وتابع أن الاتحاد الأوروبي عمِل بلا كلل لاقتراح حلول، بما في ذلك تسهيل وصول الأدوية إلى أيرلندا الشمالية، علماً أنه سيلتقي تروس الخميس مجدداً.

جونسون "مستعد للانسحاب"

وإذا اتخذ رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، تدبيراً أحادياً، فقد يثير ذلك رداً انتقامياً عنيفاً من الاتحاد، ربما يشمل إلغاء اتفاق التجارة الحرة. ويعني ذلك عملياً عودة إلى "بريكست بلا اتفاق"، تجنّبه الجانبان بعد مفاوضات شاقة.

كذلك يضع ذلك الاتحاد الأوروبي أمام خيار صعب، بين إقامة حدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، أو وضع حدود بين أيرلندا وسائر دول التكتل، أو إبقاء سوقه الموحّدة مفتوحة للسلع الآتية من المملكة المتحدة، من دون إخضاعها لفحص جمركي شامل، بحسب "بلومبرغ".

وزير الدولة البريطاني، مايكل جوف، قال لشبكة "سكاي نيوز": "لن يُمزّق أي شيء". وأضاف أن جونسون أثبت أنه "مفاوض خبير"، معتبراً أن جزءاً من ذلك يتضمّن "الاستعداد للقول: إن لم أحصل على ما أريده في هذه المفاوضات، فأنا مستعد للانسحاب واستخدام وسائل بديلة".

وشد جوف على أهمية "التأكد دوماً" خلال المحادثات، من امتلاك أوراق قوة غير مكشوفة. وسُئل هل يمكن أن توقف لندن المفاوضات مع بروكسل، فأجاب: "ليس هناك خيار غير مطروح على الطاولة"، بحسب "بلومبرغ".

لكن سايمون هور، وهو نائب عن حزب المحافظين الحاكم، يرأس لجنة بشأن أيرلندا الشمالية في مجلس العموم (البرلمان)، نبّه إلى أن على "أيّ دولة شريفة ألا تتصرّف بشكل أحادي في إطار اتفاق".

وأعلن "الحزب الوحدوي الديمقراطي"، الذي حلّ ثانياً في الانتخابات النيابية التي نظمتها أيرلندا الشمالية الأسبوع الماضي، أنه لن يرشّح نائب وزير أول لتشكيل حكومة، في انتظار "اتخاذ إجراء حاسم بشأن البروتوكول".

وفي إشارة إلى معارضة يُرجّح أن يواجهها جونسون داخل حزبه المحافظ، حذرت رئيسة الوزراء السابقة، تيريزا ماي، أمام البرلمان الثلاثاء، بريطانيا من أن تتصرّف بشكل أحادي. وقالت: "على الحكومة النظر، ليس فقط في بعض الملفات العاجلة، ولكن في الإحساس الأوسع بما ستقوله خطوة مشابهة عن المملكة المتحدة، واستعدادها للالتزام بالمعاهدات التي وقّعتها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات