تقرير: كوريا الشمالية تعوض قدم أسلحتها بـ"النووي"

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون محاطاً بضباط جيشه خلال الاحتفال بذكرى يوم النصر، 27 يوليو 2020 - via REUTERS
الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون محاطاً بضباط جيشه خلال الاحتفال بذكرى يوم النصر، 27 يوليو 2020 - via REUTERS
دبي- بالشراكة مع "نيويورك تايمز"

رغم امتلاكها أحد أكبر الجيوش الدائمة في العالم، إلا أن الكثير من المعدات العسكرية التي تمتلكها كوريا الشمالية باتت قديمة وعفا عليها الزمن، وفق ما قال تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، ولذلك سعت البلاد بقيادة الزعيم الشاب كيم جونغ أون (37 عاماً)، إلى تعويض هذه النواقص من خلال بناء منظومة أسلحة نووية.

وكشفت تقارير أمنية، الخميس الماضي، أن بيونغ يانغ أجرت تجارب على ما وصفته بصاروخ موجه تكتيكي مطور حديثاً، منتهكة بذلك العقوبات الدولية. وكان هذا أول اختبار لصاروخ باليستي في البلاد منذ عام.

وفي الوقت نفسه يمثل هذا الاختبار استفزازاً للإدارة الأميركية الجديدة، وهو ما دفع الرئيس جو بايدن للتحذير من أنه ستكون هناك "ردود فعل"، إذا ما استمرت كوريا الشمالية في تصعيد التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

وحاولت الولايات المتحدة الضغط على بيونغ يانغ عبر فرض العقوبات ودفعها للحوار، بهدف إقناعها بالتخلي عن برامج أسلحتها النووية، لكن لم ينجح أي من تلك المحاولات.

وبدلاً من ذلك، عملت كوريا الشمالية بسرعة على توسيع برنامجها النووي، وقامت بتحديث أسطولها الصاروخي، بحيث باتت الترسانة التي تمتلكها البلاد، بما فيها الرؤوس الحربية النووية، تُشكل تهديداً متزايداً للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

تجارب نووية

وبين عامي 2006 و2017، أجرت كوريا الشمالية 6 تجارب نووية متطورة على الأقل تحت الأرض، حيث حدثت الأربع الأخيرة منها في عهد الرئيس الحالي كيم جونغ أون، أما آخر وأقوى تجربة نووية لها فكانت في سبتمبر 2017، عندما أعلنت أنها فجرت قنبلة نووية حرارية أو هيدروجينية، كما يمكن للصواريخ الباليستية التي تمتلكها كوريا الشمالية أن تحمل رؤوساً نووية.

وتتراوح تقديرات القوة التفجيرية للقنبلة النووية الحرارية التي تمتلكها كوريا الشمالية بين 50 و300 كيلوطن، مع العلم أن 100 كيلوطن فقط ستجعل الاختبار أقوى بـ6 مرات من القنبلة التي أسقطت على هيروشيما قبل نهاية الحرب العالمية عام 1945.

واستخرجت كوريا الشمالية "البلوتونيوم"، وهو وقود للقنابل الذرية، من مفاعلها النووي سوفيتي التصميم في يونغبيون، شمال بيونغ يانغ. كما تدير أجهزة طرد مركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب المستخدم في صنع الأسلحة.

وابتداء من يناير 2020، كان لدى كوريا الشمالية من 30 إلى 40 رأساً نووياً، ويمكن أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لست أو سبع قنابل سنوياً، وذلك وفقاً لتقديرات "جمعية الحد من الأسلحة".

وعلى الرغم من أن العالم مشغول بالأسلحة النووية لكوريا الشمالية، إلا أن البلاد قد خزنت أيضاً آلاف الأطنان من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي يمكن أن تنقلها بصواريخها. وعندما اغتيل الأخ غير الشقيق كيم جونغ نام في كوالالمبور عام 2017، استخدمت كوريا الشمالية غاز الأعصاب VX المحظور دولياً في العملية.

صواريخ باليستية

وفي 2017، خطت كوريا الشمالية خطوات كبيرة في قدراتها العسكرية، حيث أطلقت خلال ذلك العام صاروخها الباليستي متوسط ​​المدى "هواسونغ -12"، فوق اليابان، وهددت بضربة "تطويق" حول أراضي غوام الأميريكية. كما اختبرت إطلاق "هواسونغ 14" و"هواسونغ 15"، وهما أول صواريخ باليستية عابرة للقارات في البلاد. وبحلول نهاية العام، ادعى كيم جونغ أون أن بلاده لديها القدرة على شن ضربة نووية ضد الولايات المتحدة.

وبعد ذلك بعام توقفت كوريا الشمالية عن اختبار الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى، لكنها هددت بإنهاء تجميده عندما انهارت المحادثات مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2019. وخلال عرض عسكري ليلي في أكتوبر الماضي، عرضت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً جديداً عابراً للقارات لم يتم اختباره. 

وأثناء مؤتمر لحزب العمال الحاكم في يناير، أعلن كيم تكديس المزيد من ترسانته النووية، وقدم قائمة بالأسلحة التي قال إنه يعتزم تطويرها، من بينها صواريخ نووية "متعددة الرؤوس"، وصواريخ "فرط صوتية" أسرع خمس مرات من سرعة الصوت، وصواريخ "آي سي بي إم" تُطلق من الأرض ومن الغواصات، وكذلك "أسلحة نووية تكتيكية فائقة التطور".

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت كوريا الشمالية قد اتقنت التكنولوجيا اللازمة لإرسال رأس حربي نووي عابر للقارات إلى الفضاء، ثم توجيهه مرة أخرى عبر الغلاف الجوي للأرض إلى هدفها. ولم تثبت كوريا الشمالية بعد أن الرأس الحربي الذي طورته يمكنه تحمل الحرارة الشديدة والاحتكاك الناجم عن العودة، لكن أسلحتها تزداد تطوراً.

رؤوس حربية

وعندما استأنفت كوريا الشمالية اختبارات الصواريخ عام 2019 بعد انهيار محادثات كيم وترمب، تضمنت الاختبارات 3 أسلحة جديدة، أطلق عليها خبراء خارجيون اسم "كي إن 23، وكي إن 24، وكي إن 25"، يمثل كل منها تقدماً كبيراً في برنامج الصواريخ الباليستية قصيرة المدى لكوريا الشمالية.

وعلى عكس صواريخها القديمة التي تستخدم الوقود السائل، تستخدم الصواريخ الثلاثة الجديدة وقوداً صلباً. وتمتاز الأسلحة الجديدة التي تعمل بالوقود الصلب، والمثبتة على قاذفات متحركة، بأنه يسهل نقلها وإخفاؤها، كما تستغرق وقتاً أقل في التحضير. ويمكن أن يقوم اثنان منهم على الأقل (23 و24)، بمناورات على ارتفاعات منخفضة، ما يجعل اعتراضها أكثر صعوبة.

وخلال عرض عسكري في وقت سابق هذا العام، عرضت كوريا الشمالية ما بدا كأنه نسخة مطورة أكبر من نوع (كي إن 23)، وتشير الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الكورية الشمالية إلى أنه تم اختبار السلاح الخميس الفائت، حيث تم تطوير الصاروخ الجديد لحمل رأس حربي أكبر.

وفي يناير الماضي، قال  كيم جونغ أون، إن بلاده ستبني أيضاً غواصة تعمل بالطاقة النووية من أجل الحصول على الوسائل اللازمة لإيصال أسلحة نووية إلى خصومها بشكل خفي.

ومنذ عام 2015، تقوم كوريا الشمالية باختبار صواريخها الباليستية من نوع "بوكغوك سونغ"، التي تُطلق من الغواصات، وخلال الاستعراضات العسكرية التي أقيمت في أكتوبر عام 2020، عرضت بيونغ يانغ ما يشبه نسختين مطوّرتين من تلك الصواريخ، حيث تمتلك البلاد حالياً غواصة واحدة فقط يمكنها إطلاق صاروخ باليستي، لكنها تقول إنها ستقوم بصناعة غواصة جديدة ذات قدرات أكبر.

مليون جندي

وتمتلك كوريا الشمالية واحداً من أكبر الجيوش الدائمة في العالم، بأكثر من مليون جندي، لكن الكثير من معداتها قديمة وعفا عليها الزمن، وتفتقر ترسانتها العسكرية إلى الوقود وقطع الغيار.

ويبرر كيم جونغ أون حكم عائلته لكوريا الشمالية منذ حوالي 3 عقود، بالقول إن الترسانة النووية التي بنتها حكومته كانت بمثابة "سيف كنز - Treasure sword" يحافظ على الكوريين الشماليين في مأمن من الغزو الأجنبي.

ودائماً ما يكرر الزعيم الشاب القول لشعبه إنهم تحت تهديد مستمر من هجوم أميركي، لكنه أعلن في مؤتمر حزب العمال الحاكم خلال يناير الماضي، أن برنامج أسلحته "لا يستبعد الدبلوماسية"، مضيفاً أيضاً أنه لم يعد لديه أي توقعات بالنسبة للحوار، وذلك ما لم تقدم واشنطن عرضاً يرضي حكومته، وفق قوله.