أعلنت موسكو، الخميس، ارتفاع عدد الأوكرانيين الذين استسلموا في مجمّع "آزوف ستال" للصلب، إلى 1730 جندياً، فيما شددت كييف على أن الحديث عن أي وقف للنار في البلاد "مستحيل" دون انسحاب كامل للقوات الروسية.
ونقلت وكالة "ريا نوفوسيتي" الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولَها إن 771 مقاتلاً أوكرانياً استسلموا من مصنع "آزوف ستال" خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي إلى 1730 منذ الاثنين الماضي، بينهم 80 مصاباً، بحسب وكالة رويترز.
من جهته، قال دينيس بوشيلين، وهو زعيم انفصالي موالٍ لروسيا، إن "قادة ومقاتلي (كتيبة) آزوف لم يخرجوا بعد" من المجمع، مشيراً إلى أن نحو 1000 عنصر ما زالوا في المصنع، الذي يعتبر آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في ماريوبل.
"لا هدنة قبل انسحاب موسكو"
في المقابل، قال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني، الخميس، إن الحديث عن وقف لإطلاق النار في البلاد "مستحيل" دون انسحاب كامل للقوات الروسية، مطالبا بعدم عرض هذا الأمر على بلاده.
وأضاف بودولياك عبر تويتر إن بلاده غير مهتمة "باتفاقيات مينسك جديدة وتجديد الحرب في غضون سنوات قليلة". وتابع: "إلى أن تصبح روسيا مستعدة لتحرير أراضينا المحتلة بشكل كامل، فإن فريقنا في التفاوض هو السلاح والعقوبات والمال"، بحسب رويترز.
وكانت الرئاسة الأوكرانية قالت في وقت سابق إن المحادثات علّقت بسبب روسيا، فيما اتهم الكرملين المفاوضين الأوكرانيين بالافتقار "التام إلى الإرادة" للتوصل إلى تسوية سياسية.
وسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الطمأنة في رسالته المصورة اليومية مساء الثلاثاء، وقال: "القوات المسلحة الأوكرانية ستحرر أرضنا خطوة خطوة. كم سيستغرق ذلك من الوقت؟ وحده الوضع الفعلي على أرض المعركة سيجيب عن هذا السؤال. نحاول تحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن"، بحسب وكالة فرانس برس.
وكانت هيئة الأركان العامة الأوكرانية قالت الأربعاء إن الجيش الروسي يركز جهوده "على محاصرة وحداتنا قرب آزوف ستال" بقصف مدفعي وضربات جوية.
ومن شأن السيطرة الكاملة على ماريوبول الواقعة على بحر آزوف أن تشكل تقدما كبيرا لروسيا، وتسمح لها بالربط براً بين شبه جزيرة القرم في الجنوب التي ضمتها موسكو عام 2014، وبين أجزاء من منطقة دونباس في الشرق يسيطر عليها موالون لروسيا.
وقالت بلدية المدينة الأربعاء عبر تلجرام إن "الروس يسرقون ماريوبل. يحاول المحتلون الآن وضع المرفأ في الخدمة مجدداً لتصدير كميات من الحبوب ومنتجات الصلب بملايين الدولارات".
تطورات الغزو
في ما يتعلق تطورات القتال، واصلت القوات الروسية هجومها الرئيسي في محاولة للاستيلاء على مزيد من الأراضي في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية في بيان الخميس إن هجمات روسيا تركزت على منطقة دونيتسك. وتكبدت القوات الروسية "خسائر كبيرة" في محيط سلوفيانسك شمالي دونيتسك.
وذكرت الشرطة على موقع تلجرام الخميس إن طفلين لقيا حتفهما في مدينة ليمان بدونيتسك في قصف مباشر لمبنى سكني.
وأفاد سيرهي جايداي، حاكم منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا على تلجرام الخميس، بسقوط 4 وإصابة 3 في قصف لمدينة سيفيرودونتسك، وحث الناس على الاحتماء، لو قرروا عدم المغادرة. وقال إنه كانت هناك احتجاجات هذا الأسبوع في أجزاء تحتلها روسيا من لوغانسك نظمتها عائلات أشخاص جنّدهم الجيش قسرا.
وقال المستشار الرئاسي الأوكراني أوليكسي أريستوفيتش إن مقاتلين أوكرانيين نسفوا خطا للسكك الحديدية أمام قطار مدرع كان يقل قوات روسية في مدينة ميليتوبول جنوب أوكرانيا.
وأضاف في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي "فعلها المحاربون، لكنهم لم يفجروا القطار المدرع نفسه". وهو ما يناقض تصريح سابق لقوة الدفاع الإقليمية الأوكرانية بأن مقاتليها فجروا القطار.
وكان الجيش الأوكراني أعلن الأربعاء، أن "روسيا قصفت 43 بلدة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، ما أسقط 15 ضحية".
ويحاول الروس تسجيل اختراق قرب بوباسنا باتجاه سيفيرودونيتسك إحدى المدن الكبيرة التي لا يزال الأوكرانيون يسيطرون عليها في هذه المنطقة على ما أكد مسؤول محلي.
وأوضحت هيئة الأركان الأوكرانية صباح الخميس أن القوات الروسية باشرت هجوماً قرب سيفيرودونيتسك "من دون نجاح".
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأوكرانية ألكسندر موتوزيانك الأربعاء إن الجيش الروسي يحاول "تطويق القوات المسلحة الأوكرانية وهزيمتها من أجل السيطرة التامة على دونيتسك ولوغانسك وخيرسون".
ويشكل شرق أوكرانيا الهدف الأساسي للقوات الروسية منذ انسحابها من محيط العاصمة الأوكرانية نهاية مارس.
وفي روسيا، أعلن حاكم منطقة كورسك الخميس أن قصفاً أوكرانياً على قرية حدودية أسقط ضحية واحدة وعدداً من المصابين.
"جرائم حرب"
وتجري السلطات الأوكرانية وهيئات أجنبية تحقيقات بشأن اتهامات عدة بقيام القوات الروسية بممارسات وجرائم حرب. وأرسلت المحكمة الجنائية الدولية 42 محققاً وخبيراً إلى أوكرانيا في أكبر مهمة ميدانية لها.
وبعد 3 أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت الأربعاء في كييف محاكمة جندي روسي يبلغ 21 عاماً متهم بقتل مدني أعزل يبلغ 62 عاماً نهاية فبراير الماضي.
وهذه أول محاكمة لجندي روسي بتهمة ارتكاب جريمة حرب منذ دخول قوات موسكو إلى الأراضي الأوكرانية الأربعاء في كييف، وقد أقر الجندي المتهم بقتل مدني بأنه مذنب، معترفاً بكل الوقائع التي نسبت اليه. وهو يواجه عقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة.
من جهته، قال الكرملين إن ليس لديه "معلومات" عن هذه المحاكمة ولا عن المتهم، مؤكداً أن الاتهامات العديدة بارتكاب جرائم حرب ضد الجيش الروسي "مزيفة أو مفبركة".
جهود دبلوماسية
على الصعيد الدبلوماسي، أعادت الولايات المتحدة فتح سفارتها في كييف التي أغلقتها قبل بدء الهجوم الروسي، فيما أعلن الكرملين طرد 34 دبلوماسياً فرنسياً و24 إيطالياً و27 إسبانياً رداً على طرد دبلوماسيين روس بعيد بدء الغزو الروسي. وهو ما نددت به باريس واعتبرته روما "عدائياً" ورفضته مدريد.
كما سيكون النزاع في أوكرانيا حاضراً بقوة خلال لقاء الخميس بين الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة السويد وفنلندا اللتين تسعيان إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن بايدن سيستقبل الخميس في واشنطن رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا اندرسون والرئيس الفنلندي سولي نينيستو، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي "رحب بقوة بالترشيحين التاريخيين لفنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي".
وفي انتظار إتمام عملية الانضمام التي قد تستغرق أشهرا وتتطلب إجماع أعضاء الحلف، قال البيت الأبيض في بيان: "فيما يتم النظر في طلبهما للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) ستعمل الولايات المتحدة مع فنلندا والسويد من أجل التأهب لأي تهديد لأمننا المشترك ومواجهة أي اعتداء أو تهديد بالعدوان".
وفي السياق، يعقد وزراء المال في مجموعة السبع اجتماعات يومي الخميس والجمعة في ألمانيا، وسيدرسون خصوصاً سبل دعم الميزانية الأوكرانية، وكيفية مساعدتها على دفع فواتيرها وإعادة الإعمار بعد الحرب، ضمن قضايا أخرى منها التضخم العالمي والتغير المناخي وسلاسل التوريد وأزمة الغذاء الوشيكة.
تقدر أوكرانيا احتياجاتها المالية بنحو 5 مليارات دولار شهرياً لدفع رواتب موظفي الدولة، وحتى تواصل الحكومة العمل على الرغم من الدمار اليومي الذي تحدثه روسيا. ومن شأن حزمة تمويل قصير الأجل يُنتظر أن توافق عليها مجموعة السبع أن تغطي احتياجات أوكرانيا لثلاثة أشهر.
اقرأ أيضاً: