رغم تبرئته في مجلس الشيوخ، لا يزال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يواجه خطر التعرّض لملاحقات أمام القضاء، والمساءلة أمام لجنة خاصة أنشأها مجلس النواب للتحقيق في الهجوم الذي شنّه أنصاره على الكابيتول في 6 يناير الماضي.
ولوّح المدّعي العام لمقاطعة كولومبيا، حيث تقع واشنطن العاصمة، كارل راسين، باللجوء إلى قانون محلي يتيح إطلاق ملاحقات قضائية "بحق الأفراد الذين يحرّضون بوضوح" على العنف.
وأوضح المسؤول القضائي، في تصريح لشبكة "إم إس إن بي سي"، أن ترمب سيواجه في تلك الحالة عقوبة السجن لستة أشهر.
من جهته، وجّه المدّعي العام الفيدرالي في واشنطن، مايكل شيروين، تهماً لعشرات الأشخاص على خلفية مشاركتهم في أعمال العنف، ويمكن من الناحية النظرية أن يطلب بعض الضحايا ملاحقة الرئيس السابق، لكن ترمب يمكن أن يحتمي جزئياً بالمنصب الذي كان يشغله وقتها.
ضغوط في جورجيا
ويجري مسار قضائي آخر في جورجيا، الولاية المهمة التي فاز فيها الرئيس جو بايدن، إذ أعلنت المدّعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، في 10 فبراير الماضي، فتح تحقيق أوليّ في "محاولة التأثير على العمليات الانتخابية" في الولاية الواقعة جنوب البلاد.
وطلبت ويليس من مسؤولين بارزين الحفاظ على وثائق "تثبت محاولات للتأثير" على موظفين يعملون في تنظيم الانتخابات. ومن بين من وجّهت إليهم الطلبات وزير الشؤون الإدارية في حكومة الولاية، الجمهوري براد رافنسبريغر.
وفي 3 يناير، كشف النقاب عن تسجيل لمكالمة هاتفية طلب خلالها ترمب من رافنسبريغر "إيجاد" نحو 12 ألف بطاقة اقتراع تحمل اسمه ليتدارك تخلّفه عن بايدن في الانتخابات بالولاية.
لجنة تحقيق خاصة
وفي الكونغرس، أعلنت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، الأحد، تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الأيام المقبلة "على شاكلة" اللجنة التي أنشأتها الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر.
وقالت بيلوسي إن اللجنة ستكلّف التحقيق في "الاعتداء الإرهابي المحلي في 6 يناير ضد الكابيتول". وكان مشرّعون أميركيون عدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي طالبوا بتشكيل هذه اللجنة، رغم أن توقعاتهم منها قد لا تكون متشابهة.
وصرّح السيناتور الديمقراطي كريس كونز لشبكة "إيه بي سي" الإخبارية، الأحد، بأن اللجنة ستكشف "مدى مسؤولية الرئيس ترمب وانتهاكه الصارخ لقَسَمه الرئاسي".
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب لترمب، فقال لشبكة "فوكس" إن اللجنة ضرورية "لفهم ما جرى وضمان عدم تكراره".
وكان زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتشل ماكونيل الذي صوّت لمصلحة تبرئة ترمب باعتبار أن المجلس لا يمكنه دستورياً محاكمة رئيس سابق، صرّح رغم ذلك بأن ترمب يواجه خطر الملاحقة أمام القضاء.
وقال ماكونيل أمام مجلس الشيوخ: "لا يوجد أي شك في أن الرئيس ترمب مسؤول من الناحيتين العملية والأخلاقية عن إثارة أحداث ذلك اليوم، ولا يزال مسؤولاً عن كل ما فعله خلال وجوده في المنصب. لم يفلت بعد من أي شيء".
وأوضح استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك ونُشر الأحد أن 45%من الأميركيين يعتقدون أن ترمب مسؤول عن أعمال العنف ويجب ملاحقته قضائياً.
إدانة صعبة
لكن واقعياً، تبدو إدانة ترمب أمام القضاء صعبة، لا سيما أنه يمكن إدراج الخطاب الذي ألقاه في 6 يناير تحت الفصل الأول من الدستور الذي يضمن حرية التعبير.
وفي تصريح لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية، الأحد، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة جورج واشنطن جوناثان تورلي: "أشك حقاً في أن الملاحقات يمكن أن تصمد خلال محاكمة.. أظن أن القضية ستنهار".
وكان المدّعون العامّون الديمقراطيون في مجلس الشيوخ سعوا إلى إثبات أن الرئيس الـ45 للولايات المتحدة حرّض على العنف لأشهر، عبر ترويجه "أكاذيب" ورفضه الإقرار بهزيمته في انتخابات 3 نوفمبر في مواجهة بايدن وإلقائه خطاباً تحريضياً أمام آلاف من أنصاره في واشنطن يوم اقتحام الكابيتول.
ويومها، قال ترمب لأنصاره "حاربوا بضراوة"، في وقت كان أعضاء الكونغرس يصادقون على فوز منافسه الانتخابي الديمقراطي.
لكن الرئيس السابق ينفي عن نفسه أي مسؤولية في تلك الأحداث، وأشار محاموه إلى أنه دعا إلى التظاهر "سلمياً"، وهي عبارة وردت في خطابه مرة واحدة.
اقرأ أيضاً: