تقرير: لهذه الأسباب تغلّب مقاتلو تيغراي على جيش إثيوبيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
دبابة تضررت أثناء القتال بين الجيش الإثيوبي النظامي وقوة تيغراي الخاصة، على مشارف بلدة حميرة، تيغراي - REUTERS
دبابة تضررت أثناء القتال بين الجيش الإثيوبي النظامي وقوة تيغراي الخاصة، على مشارف بلدة حميرة، تيغراي - REUTERS
دبي-الشرق

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، السبت، إن نجاح مقاتلي إقليم تيغراي في إسقاط طائرة شحن عسركية إثيوبية في 22 يونيو الماضي كشف أن الصراع في منطقة تيغراي، شمالي إثيوبيا، كان على وشك الدخول في منعطف جذري.

وقالت "نيويورك تايمز" في تقرير أعده الصحافي الإيرلندي ديكلان والش، كبير مراسلي الصحيفة في إفريقيا، إن جيشاً من مقاتلي حرب العصابات في تيغراي كان يقاتل لطرد الجيش الإثيوبي من الإقليم منذ ثمانية أشهر في حرب أهلية شهدت فظائع ومجاعة، مضيفة أن القتال بدا الآن وكأنه يتحول لصالح مقاتلي تيغراي.

وأوضحت الصحيفة أن الحرب اندلعت في نوفمبر الماضي عندما احتدم العداء بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وحكام تيغراي الذين سيطروا على السلطة في إثيوبيا لمدة ثلاثة عقود، وتحول إلى عنف. ومنذ ذلك الوقت، كان القتال مخفياً عن الأنظار إلى حد كبير بسبب التعتيم الإعلامي، ولكن السخط الدولي إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك ألقى بظلاله على الأزمة.

وقال والش إنه شهد سلسلة من الانتصارات التي حققها مقاتلو إقليم تيغراي، مضيفاً أن الانتصارات بلغت ذروتها بعد استعادة عاصمة الإقليم، الأمر الذي غيّر مسار الحرب.

فظائع الجيش الإثيوبي وحّدت تيغراي

وأشار والش إلى انقسام شعب تيغراي حول الحزب الحاكم في الإقليم، موضحاً أن العديد منهم لا يثقون بالحزب ويرونه استبدادياً وفاسداً. ولكن الفظائع التي ارتُكبت أثناء الحرب -بما في ذلك المذابح والتطهير العرقي والعنف الجنسي- وحّدت شعب تيغراي ضد حكومة آبي، الأمر الذي جذب الشباب المتحمسين لقضية تحظى الآن بتأييد واسع النطاق.

وقال هيليمريام برهان، أحد قادة مقاتلي تيغراي، لوالش: "الأمر يشبه الفيضان. الجميع يأتون إلى هنا"، مشيراً إلى توجه آلاف الشباب والشابات، الذين يرتدي الكثير منهم الجينز والأحذية الرياضية، إلى معسكر للمجندين الجدد.

وقال والش إن آبي أحمد الذي فاز بجائزة نوبل للسلام في عام 2019 قلل من شأن خسائره، وأشار إلى خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي أمام البرلمان الثلاثاء الماضي وأكد فيه أن انسحابه العسكري من تيغراي كان مخططاً.

تيغراي كانت تنزلق من يدي آبي أحمد

وأضاف والش أن إقليم تيغراي كان ينزلق من بين أصابع آبي، موضحاً أن مقاتلي الإقليم استولوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على مساحات شاسعة من الأراضي من بينها العاصمة ميكلي، وأسروا ما لا يقل عن 6600 جندي إثيوبي، ويزعمون أنهم قتلوا نحو ثلاثة أضعاف هذا العدد.

وفي الأيام الأخيرة، وسع حكام تيغراي هجومهم ليشمل أجزاء جديدة من المنطقة، وتعهدوا بعدم التوقف إلا بعد طرد كل القوات الخارجية من أراضيهم، بما في ذلك الإثيوبيون، والقوات المتحالفة من إريتريا المجاورة، والميليشيات العرقية من منطقة أمهرة الإثيوبية.

وقال جياتشيو رضا، أحد أبرز قادة إقليم تيغراي، لمراسل "نيويورك تايمز": "إذا تعين علينا الذهاب إلى الجحيم والعودة منه، سنفعل ذلك". وقال والش إن المتحدثين باسم رئيس الوزراء الإثيوبي لم يردوا على أسئلته. 

وأشار المراسل إلى عدم مشاركة سكان تيغراي في الانتخابات الإثيوبية التي أجريت في 22 يونيو الماضي، مضيفاً أن الجيش الإثيوبي شن هجوماً كاسحاً بهدف القضاء على المقاومة في الإقليم، المعروفة باسم "قوات دفاع تيغراي".

وقال والش إن غارة جوية إثيوبية استهدفت سوقاً مزدحمة داخل قرية في تيغراي يوم الانتخابات وأسفرت عن مقتل العشرات. وبعد أيام، قُتل ثلاثة عمال إغاثة تابعين لمنظمة "أطباء بلا حدود" بوحشية على أيدي مجهولين.

جنود إثيوبيون: لم نقاتل وشهدنا جرائم

وأضاف المراسل أنه زار معسكراً يضم عدة آلاف من الجنود الإثيوبيين المأسورين، ويقع على بعد 30 ميلاً تقريباً جنوب العاصمة ميكيلي. 

وقال والش إن الجنود المأسورين اعتقدوا أنه وزميله المصور كانا عاملين في الصليب الأحمر. وأضاف أن بعض الجنود كانوا مصابين وبعضهم كانوا حفاة الأقدام، حيث صادر مقاتلو تيغراي أحذيتهم  وأسلحتهم.

وقال أحد الجنود المأسورين، يدعى مسيريت أسراتو ويبلغ من العمر 29 عاماً، للمراسل: "يوجد هنا جنود مصابون بجروح خطيرة".

وقال داويت توبا، شاب يبلغ من العمر 20 عاماً من أوروميا الإثيوبية، للمراسل إنه استسلم دون إطلاق رصاصة واحدة، وإن الحرب في تيغراي لم تكن كما تخيلها. وأضاف توبا: "قيل لنا إنه سيكون هناك قتال، ولكن عندما وصلنا إلى هنا وجدنا أعمال نهب وسرقة واعتداء على النساء". وتابع: "هذه الحرب لم تكن ضرورية. لقد ارتُكبت أخطاء".

توحيد جبهة تيغراي بـ"فكر ماركسي"

وأوضح والش أن شعب تيغراي استفاد من تجربة محاربة دكتاتورية ماركسية وحشية في حقبة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، تحت راية "جبهة تحرير شعب تيغراي". وبعد ذلك، استخدم مفكرو تيغراي الفكر الماركسي لربط المقاتلين الفلاحين بقضيتهم، مثل الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة بـ "الفيت كونغ".

وأضاف المراسل أن مقاتلي تيغراي في الوقت الحالي متعلمون إلى حد كبير وينحدرون من مدن، وأن الغضب من الفظائع هو ما جذبهم إلى القضية. وأشار إلى تعلم المجندين في المعسكرات استخدام بنادق الكلاشينكوف.

وقال والش إن المجندين في تيغراي كان من بينهم أطباء وأساتذة جامعيون، وموظفون إداريون، ومهاجرون عائدون من الولايات المتحدة وأوروبا.