
تراجع قيادة وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، تقييماً لدور الجيش في صراع أفغانستان، لكنها لم تقرر ما إذا كانت ستنشر جوانب من الوثيقة "السرية للغاية"، حسبما ذكر أشخاص مطلعون لصحيفة "وول ستريت جورنال".
ووفقاً للصحيفة فإن مسودة التقرير، التي قدمت إلى كبار مسؤولي البنتاجون في وقت سابق من هذا الشهر، واحدة من سلسلة التقييمات، المعروفة باسم تقارير ما بعد العمليات، التي تجريها كل الإدارات لتشكيل سجل للدور الأميركي في أفغانستان. ولكن حتى الآن، لم تُنشر أي من التقارير، ما يمنع المحاسبة العامة للإدارة على عمليات صنع القرارات وتنفيذها، لا سيما في الأيام الأخيرة من الحرب.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول في وزارة الدفاع (لم تذكر اسمه)، قوله إن تقرير البنتاجون "أرسل في وقت سابق من هذا العام لإجراء مراجعات لتوسيع نطاقه".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مسودة أولية لتقييم البنتاجون، أعدها مؤلفون ينتمون إلى "جامعة الدفاع الوطني"، وهي مؤسسة للتعليم العالي تموّلها الوزارة، قُدمت في مارس الماضي. وكان هذا التقييم ينتقد بعض قيادات البنتاجون، وفقاً لأفراد مطلعين على تلك النسخة من التقرير، الذي ركز فقط على فترة الأشهر الـ18 الأخيرة من حرب أفغانستان.
وبعد ذلك طلب كبار المسؤولين، مراجعة التقرير لإظهار أحجام المعلومات والبيانات الإضافية، وتوسيع نطاق التقرير بعد إجراء التقييم الأولي، حسبما ذكر مسؤول كبير بالوزارة. وأعيد تقديم مسودة جديدة في الأيام الأخيرة، لكن المسؤولين قالوا إنه لم يتضح متى سيكتمل التقرير.
وقال المسؤول: "اعتقد مسؤولو الدفاع وهيئة الأركان المشتركة أن المسودة التي رأوها كانت محدودة النطاق للغاية ولم تقدم المراجعة الشاملة التي اعتقدوا أنها ضرورية. لذا أرجعوها".
وأوضح أن مشكلة التقرير المقدم في مارس لم تكن أنه شديد النقد، مضيفاً: "لم يكن من الممكن إعادة مسودة الوثيقة لأن الاعتقاد السائد هو أنها تتسم بشدة النقد. لن تحصل على أي شيء من التحليل بعد العمليات إذا لم يكن منتقداً بدرجة كافية. الشواغل الحقيقية كانت موضوعية".
ولم يعلق المسؤولون على ما كان ينقص المسودة الأولية أو كيف تم توسيعها، باستثناء القول إنها كانت على نطاق ضيق للغاية.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن في الأول من سبتمبر، بعد يوم من انسحاب جميع القوات الأميركية من أفغانستان، أن البنتاجون سيجري تقييماً كاملاً بعد العملية.
وقال أوستن: "نريد أن نتأكد من أننا نتعلم كل درس يمكن تعلمه من هذه التجربة. لكني أريد أن أستغل الوقت للقيام بذلك بالطريقة الصحيحة، ولذا سنفعل ذلك خلال الأيام المقبلة".
ولم تسلم أي إدارة أو وكالة من الانتقادات العلنية الأولية لتنفيذ عملية الإجلاء، وقال بعض المسؤولين إن البنتاجون كان ينبغي أن يقوم بتخطيط أفضل لإخراج الأفغان الذين ساعدوا الجيش على مر السنين بأمان؛ لكن وزارة الخارجية واجهت انتقادات شديدة لتأخير الإجلاء.
تقارير الخارجية والاستخبارات
وعلى نحو مماثل، تجمع وزارة الخارجية ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية تقارير حول دور كل منهما في الأشهر الأخيرة من الصراع، لكن المسؤولين رفضوا التعليق على التفاصيل. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم الإفراج عن هذه التقارير في أي وقت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: "ليس لدينا حالياً معلومات جديدة لتقديمها، ولكن كما قلنا، سنتوخى الشفافية قدر الإمكان مع إصدار التقرير النهائي، بما يتفق مع قواعد تصنيف المعلومات السرية والاعتبارات الأخرى"، في حين امتنع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، ومجلس الأمن القومي عن التعليق.
وبشكل منفصل، تجري وكالات الاستخبارات الأميركية مراجعة داخلية لكيفية تقييم "الرغبة في القتال" لدى الجيوش الأجنبية بعد الانهيار الأسرع من المتوقع لقوات الأمن المدعومة من الولايات المتحدة في أفغانستان العام الماضي، و"صمود أوكرانيا غير المتوقع في صد الغزو الروسي" ربيع هذا العام.
في هذا السياق، قال الجنرال المتقاعد بالقوات الجوية جيمس كلابر هذا الأسبوع، إن مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز طلبت منه العمل مع الفريق الذي يدرس المسألة، ولكنهم "لم يحققوا نجاحاً كبيراً".
وأضاف الجنرال كلابر خلال فعالية عامة في واشنطن: "لم نتمكن أبداً من قياس الرغبة في القتال بدقة".
والعام الماضي، أصدر الكونجرس تفويضاً بتشكيل لجنة حرب أفغانستان المكونة من 16 عضواً، التي ستستغرق 3 سنوات ومن المفترض أن يكتب رواية كاملة للصراع، بدءاً من الغزو الأميركي في عام 2001.
من جهته، قال أحد موظفي مجلس الشيوخ، إنه لا يوجد إلزام قانوني للوكالات لتسليم تقاريرها الداخلية إلى اللجنة، لكن يحدونا الأمل في أن تتعاون الإدارة.
وقال مسؤولون إن اللجنة لم تجتمع رسمياً حتى الآن لأن الزعماء الجمهوريين لم يعينوا مفوضاً مشاركاً بعد.
وأضاف الموظف: "نريد نظرة شاملة، نهج سجل نظيف، لنرى حقاً ما الخطأ الذي حدث، إذ لدينا أخطاء استراتيجية ومن الصعب القيام بذلك بشكل منعزل. نأمل بالتأكيد أن تتعاون الأجهزة الحكومية التي كان لها دور في الحرب وتقدم المعلومات".
مخاوف سياسية
وربما تثير نتائج هذه المراجعات الداخلية مخاوف سياسية مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن واجه انتقادات من مشرعي الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس وكذلك من داخل دوائر الأمن القومي، بما في ذلك بعض العاملين في الجيش على خلفية قراره الانسحاب من أفغانستان.
لكن الأيام الأخيرة لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان التي اتسمت بالفوضى أثارت أكبر أشد إدانة. وعلى الرغم من إجلاء أكثر من 120 ألف أفغاني، كان تنفيذ قرار بايدن مليئاً بالعثرات، وفقاً لمنتقدين.
وفي 30 أغسطس 2021، سحبت الولايات المتحدة جميع قواتها من أفغانستان، ما أدى إلى نهاية مضطربة للحرب المستمرة منذ 20 عاماً. وتوافد آلاف الأفغان وغيرهم ممن ساعدوا الولايات المتحدة على مر السنين على مطار كابول، وبينما غادر الآلاف، تُرك الكثيرون بعد سقوط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة بشكل أسرع مما كان يعتقد أي مسؤول غربي.
اقرأ أيضاً: