تقرير: الحرب التجارية بين أميركا والصين لن تنتهي في عهد بايدن

time reading iconدقائق القراءة - 10
رافعات بمرفأ في مدينة شنغهاي الصينية - 11 يناير 2021  - Bloomberg
رافعات بمرفأ في مدينة شنغهاي الصينية - 11 يناير 2021 - Bloomberg
بكين -وكالات

رجّحت وكالة "أسوشيتد برس" ألا تنتهي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين خلال عهد الرئيس الأميركي جو بايدن.

ونقلت عن خبراء اقتصاديين قولهم إن بايدن لن يواجه بكين فوراً، إذ يريد التركيز على معالجة فيروس كورونا، والوضع الاقتصادي، لكنه يبدو مستعداً لتجديد ضغوط أميركية بشأن شكاوى تجارية وتكنولوجية، دفعت الرئيس السابق دونالد ترمب إلى رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية في عام 2017.

ويرى الخبراء أن المفاوضين قد يخففون من حدة تركيز ترمب على تقليص الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة، ويدفعون بقوة أكبر لفتح اقتصادها الذي تهيمن عليه الدولة، وهذا أمر أكثر أهمية على المدى البعيد، لكن ليس متوقعاً إجراء تخفيضات مفاجئة في التعريفات، أو تغييرات كبرى أخرى.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن لويس كويجس، من "جامعة أكسفورد إيكونوميكس"، قوله: "أعتقد أن بايدن سيركز أكثر على محاولة انتزاع إصلاحات هيكلية، وسيستغرق الأمر وقتاً قبل أن نرى أي تحوّل أو إعلانات صريحة".

وأعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الاثنين، أن بايدن يقيّم الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الصينية، ويريد تنسيق خطواته المستقبلية مع حلفاء الولايات المتحدة.

وأضافت أن "الرئيس ملتزم بوقف الانتهاكات الاقتصادية للصين"، مشيرة إلى أنه يريد محاسبة بكين على "ممارسات غير عادلة وغير قانونية"، والتأكد من أن التكنولوجيا الأميركية لا تسهّل تعزيز ترسانتها العسكرية.

"القاعدة تغيّرت"

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن ترمب تصرّف بناءً على شكاوى، شاركتها أوروبا وتجار آخرون، ودفع الحكومة الصينية إلى التفاوض، واستدركت أنه أثار اضطراباً في التجارة العالمية، ورفع أسعار سلع على المستهلكين، وبدّد وظائف.

وتعهدت بكين، في اتفاق "المرحلة الأولى" المُبرم مع واشنطن، في يناير 2020، بشراء مزيد من فول الصويا وصادرات أميركية أخرى، وبوقف الضغط على شركات لتسليمها أسرارها التكنولوجية.

ولكن في ظلّ فيروس كورونا، اشترت الصين نحو 55% ممّا وعدت به، وبالنسبة لسياسة التكنولوجيا، يعتبر خبراء اقتصاديون أن هذه التغييرات مهمة، لكنهم يتساءلون عمّا إذا كانت تُشكّل مكسباً، إذ قد تناسب خطط بكين في أي حال.

وتواجه الصين معارضة أكثر من أي وقت في الولايات المتحدة، نتيجة سجلها التجاري، والنزاعات الإقليمية مع جيرانها، واتهامات بممارسة القمع في هونغ كونغ، وتقارير عن انتهاكات ترتكبها ضد أقلية الإيغور، واتهامها بسرقة التكنولوجيا والتجسس.

وقال ناثان شيتس، وكيل وزارة الخزانة السابق للشؤون الدولية في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما: "تغيّرت القاعدة بشكل كبير".

"صين متنامية وطموحة"

أما كاثرين تاي، التي اختارها بايدن لخلافة الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، فأبدت تشدداً، بقولها هذا الشهر: "نواجه منافسة شديدة من صين متنامية وطموحة، صين يدير اقتصادها مخططون مركزيون لا يخضعون لضغوط التعددية السياسية، أو الانتخابات الديمقراطية أو الرأي العام".

ورأى راؤول ليرينغ، وهو محلل التجارة العالمية في مؤسسة "آي إن جي" الهولندية للخدمات المالية، أن تصريحات كثيرة أدلى بها ترمب كانت "أشبه بتفاهة"، مستدركاً أنه كان محقاً في أن لدى الصين حواجز تجارية وتدخلاً رسمياً في الاقتصاد، أكثر من الولايات المتحدة.

وأضاف: "سيعتمد الأمر على الصين، وسرعتها في إصلاح سياسات وتغييرها، لمعرفة هل سيتراجع بايدن عن القيود التجارية التي فرضها سلفه".

في المقابل، أعرب وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، عن أمله في أن "تستعيد واشنطن عقلانيتها"، فيما ناشدت ناطقة باسم وزارة الخارجية في بكين، الولايات المتحدة أن تعيد علاقاتها مع الصين إلى "المسار الصحيح للتنمية، في أقرب وقت ممكن".

نموذج التنمية الصيني

وبعد سنتين ونصف السنة و13 جولة من المحادثات الصينية – الأميركية، ما زال على المفاوضين معالجة أحد أبرز مسبّبات الإزعاج للشركاء التجاريين لبكين، وهو وضع الشركات الحكومية التي تحظى بمحاباة سياسية، وتهيمن على الصناعات، من المصارف إلى النفط والاتصالات، وفق "أسوشيتد برس".

وانتقدت أوروبا واليابان وحكومات أخرى، تكتيكات ترمب، لكنها شكت من أن بكين تسرق التكنولوجيا وتخالف وعوداً بفتح السوق، من خلال دعمها شركات وحمايتها من المنافسة.

وهذه الشكاوى تمسّ جوهر نموذج التنمية الذي تقوده الدولة، ويعتبره قادة الحزب الشيوعي أساساً لنجاح الصين، التي أسّست "بتروتشاينا"، أبرز منتج للنفط في آسيا، و"تشاينا موبايل"، أبرز شركة للاتصالات الهاتفية في العالم من حيث عدد المشتركين، وأعلن الحزب في عام 2013 أن الصناعة المملوكة للدولة هي "جوهر الاقتصاد".

وخارج قطاع الدولة، يرعى الحزب شركات صناعية رائدة، في الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية ومجالات أخرى.

الاقتصاد النامي 

وذكر ليرينغ أن بكين قد تعرض التخلّي عن زعمها بأنها اقتصاد نام، وهذا وضع تصرّ عليه، رغم أنها باتت واحدة من أبرز الدول المصنّعة ومجتمعاً لمتوسّطي ​​الدخل.

وبموجب قواعد "منظمة التجارة العالمية"، يتيح ذلك للسلطة حماية الصناعات، والتدخل بشكل أكبر في الاقتصاد، وقال ليرينغ إن التخلّي عن ذلك "سيكون بادرة مهمة جداً".

وانطلقت الحرب التجارية، في عام 2017، برفع ترمب الرسوم الجمركية على واردات صينية قيمتها 360 مليار دولار، وردّت بكين برفع رسوم جمركية، وتجميد واردات فول الصويا، في خطوة مسّت ولايات زراعية صوّتت لترمب في انتخابات 2016.

وتقلّص العجز التجاري الأميركي مع الصين بنسبة 19% عام 2019، مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 15% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020.

لكن ذلك فشل في تحقيق هدف ترمب بنقل الوظائف إلى الولايات المتحدة، إذ إن الشركات المورّدة انتقلت إلى تايوان والمكسيك ودول أخرى، وانخفض إجمالي العجز التجاري الأميركي بشكل طفيف في عام 2019، ثم ارتفع بنحو 14% حتى نوفمبر 2020.

ويقدّر مكتب الموازنة في الكونغرس، أن رفع الرسوم الجمركية كبّد كل أسرة أميركية نحو 1300 دولار في 2020، وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن شركات أرجأت استثماراتها، ملغية بذلك بعض مزايا خفض ضريبي على الشركات، أقرّه ترمب في عام 2017.

وأظهرت دراسة أعدّها "مجلس الأعمال الأميركي – الصيني" و"أكسفورد إيكونوميكس"، أن الاقتصاد الأميركي خسر 245 ألف وظيفة بسبب الرسوم الجمركية، وأن خفضاً محدوداً في الرسوم سيوجد 145 ألف وظيفة، بحلول عام 2025.

بكين والتكنولوجيا الأميركية

وكثف ترمب ضغطه على بكين، وحرم شركة "هواوي" العملاقة ومؤسسات أخرى من الحصول على التكنولوجيا الأميركية، إذ رأى مسؤولون أميركيون في ذلك أخطاراً أمنية محتملة، وتهديداً للقيادة الصناعية للولايات المتحدة، وتلقى أميركيون أوامر ببيع أسهمهم في شركات صينية، تشتبه واشنطن في صلتها بالجيش الصيني.

وردّ الحزب الشيوعي متعهداً بتسريع حملته المستمرة منذ عقدين، لجعل الصين "قوة تكنولوجية" تعتمد على نفسها.

واستبعد تو شينكوان، مدير "معهد دراسات منظمة التجارة العالمية" في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولية في بكين، تخفيف القيود التكنولوجية، لأن واشنطن "تعتبر الصين منافساً".

ورأى أن تخفيضات الرسوم الجمركية تبدو الخيار الوحيد قصير المدى، لافتاً إلى أن بايدن يمكن أن يدافع عن إسقاط الضرائب التي تعتبر "منظمة التجارة العالمية" أنها فُرضت بشكل غير صحيح، وزاد: "في هذه الحالة لن يخسر ماء وجهه".

اقرأ أيضاً: