إسرائيل.. "بيجاسوس" يفجّر أزمة سياسية والقضاء يحقق مع الشرطة

time reading iconدقائق القراءة - 9
موقع برنامج التجسس الإسرائيلي "بيجاسوس"  - AFP
موقع برنامج التجسس الإسرائيلي "بيجاسوس" - AFP
القدس-قاسم الخطيبأ ف ب

تتصاعد في إسرائيل الضجة التي أثارها التحقيق الذي نشرته صحيفة "كالكاليست " الاقتصادية، الثلاثاء الماضي، حول استخدام الشرطة برنامج التجسس "بيجاسوس" التابع لشركة "NSO"، لاختراق هواتف عدد من المدنيين، بما في ذلك أشخاص غير متورطين في قضايا جنائية، دون استصدار أمر من المحكمة، وفي إطار عملية تحقيق غير معلنة.

وأعلن القضاء الإسرائيلي، الخميس، فتح تحقيق في استخدام الشرطة برنامج "بيجاسوس"، بعد ورود معلومات بهذا الإطار في الصحافة المحلية. 

وطالب المدّعي العام أفيخاي ماندلبليت في رسالة بعثها إلى قائد الشرطة كوبي شبتاي بالحصول على كل أوامر عمليات التنصت والتجسس المعلوماتي التي نُفّذت في عامي 2020 و2021، من أجل "التحقق من الادعاءات المنشورة في وسائل الإعلام".

فيما طالب عضو الكنيست الإسرائيلي موسى راز حزب ميرتس باتخاذ خطوات بشأن ملف التجسس على مواطنين، وأعلن عضو آخر في الكنيست ينتمي لحزب شاس طرح مشروع قانون يبطل الأدلة الي تم الحصول عليها عن طريق استخدام برنامج بيجاسوس.

الضجة الحالية التي أشعلتها الشركة الإسرائيلية المتخصصة بما يعرف بالهجوم السيبراني أخذت أبعاداً مختلفة في سياقها الإسرائيلي، كونها قضية داخلية من جهة وكون الشرطة هي الطرف الأساسي فيها من جهة أخرى. 

"جهاز سياسي"

وبالنسبة للإسرائيليين فإن ما حدث هو عبارة عن ملاحقات شرطية لمواطنين عاديين، ما يهدد بالقضاء على الديمقراطية وتحويل الشرطة إلى جهاز سياسي وتحويل إسرائيل إلى دولة بوليسية.

وطالب أعضاء في الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لفحص هذه المعلومات، فيما قال وزير العدل إن "المستشار القضائي للحكومة بدأ بتتبع الموضوع".

والانتقادات الأساسية وجهت إلى الشرطة والقائمين عليها، حيث نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" معلومات تتحدث عن استعمال برنامج "بيجاسوس" الخاص بشركة "NSO" لملاحقة ناشط اجتماعي، وتبين خلال الملاحقة أنه صاحب "مثلية جنسية" ويستعمل تطبيقات في هاتفه الخليوي بهدف التعارف.

ووفق الصحيفة، فإن أفراداً في الشرطة حاولوا استخدام المعلومات "كرافعة (دليل)" للتحقيق معه.

ومن جهتها تردد الشرطة منذ نشر المعلومات الأولى أن "كل الخطوات كانت وفق ما ينص عليه القانون".

ردّ الشرطة

وردّ قائد الشرطة الإسرائيلية على ما نشرته صحيفة "كلكاليست"، مؤكداً أن "الشرطة لم تجد أي عنصر يدعم هذه المعلومات". 

وقال شبتاي في بيان إن "الشرطة الإسرائيلية تحارب الجريمة بكل الوسائل القانونية المتاحة لها"، مشيراً إلى أنه طلب من المدّعي العام "التحقق من أن كل عمليات التنصت تمّت وفق القانون". 

وقالت المحامية عنات ميساد كنعان للصحيفة "هناك غياب في كتاب القانون الإسرائيلي لتشريع يسمح للشرطة باستصدار أوامر قضائية لاستخدام البرنامج المذكور أو برامج شبيهة، كما تدّعي الشرطة في استخدامها برنامج بيجاسوس".

وأوضحت أن البرنامج "يمس بصوة قاتلة الحق في الخصوصية ويجب القيام بتحقيق شامل حول سلوكيات أجهزة التحقيق "، بحسب ما نقلته "يديعوت أحرونوت".

وفي المقابل، نقلت صحيفة "ذا ماكير" الاقتصادية التابعة لمجموعة "هارتس" عن ضابط سابق في قسم التحقيقات في شرطة إسرائيل قوله إن " الشرطة استقدمت عشرات الضباط صغار السن، من وحدة 8200 العسكرية التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية، وأغرتهم بمناصب ودرجات عالية فيها".

وأضاف: "أجلسوا هؤلاء الأشخاص معاً في منطقة معزولة وآمنة وأقاموا وحدة تكنولوجية متقدمة- تعرف بالعبرية بسيجينت أي استخبارات إلكترونية، وكل من كان عضواً فيها أراد التقدم، جاؤوا بنتائج مبهرة دون أسس قانونية، وكثيراً ما أبدى المستوى القيادي العام في الشرطة عدم رضاه عن سلوكياتهم".

وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن سلوكياتهم أدّت في الكثير من الأحيان إلى تراكم المعلومات التي حصّلوها من دون إمكانية لاستخدامها، وأن جزءاً كبيراً من المعلومات التي حصلت عليها الشرطة عبر هذه الوحدة كانت غير قابلة للاستخدام أمام المحاكم.

أزمات عالمية

واستطاعت شركة "NSO" أن توتر العلاقات مع فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى، ففي يوليو الماضي هاتف الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت لتوضيح موقف فرنسا من نشاطات الشركة الإسرائيلية، وأعرب عن قلقه من تعقب هاتفه باستخدام برنامج "بيجاسوس". 

وكانت وزارة العدل تعهّدت، الأربعاء، بإجراء تحقيق معمّق في مزاعم "كلكاليست" بشأن استخدام برنامج "بيجاسوس" للتجسس على مواطنين إسرائيليين، بمن فيهم أشخاص قادوا احتجاجات ضد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

ومنذ الكشف العام الماضي عن استخدام برنامج "بيجاسوس" للتجسس، الذي يخترق الهواتف الذكية، على وسائل إعلام وصحافيين وسياسيين ومعارضين في جميع أنحاء العالم، يتواصل الجدل حوله.

وبمجرد تنزيله على هاتف جوال، يتيح "بيجاسوس" التجسس على مستخدم الهاتف من خلال الاطلاع على الرسائل والبيانات والصور على الهاتف وجهات الاتصال، كما يتيح تفعيل الميكروفون والكاميرا عن بُعد.

وتحظى قوات الأمن الإسرائيلية بموافقة قضائية على نطاق واسع للمراقبة داخل إسرائيل.

كانت "إن إس أو" قد وجدت نفسها الصيف الماضي في صلب فضيحة تجسس عالمية بعد تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلامية دولية، اعتباراً من 18 يوليو، كشف أن برنامج "بيجاسوس" سمح بالتجسس على ما لا يقلّ عن 180 صحافياً و600 شخصية سياسية و85 ناشطاً حقوقياً و65 صاحب شركة في عدة دول، ثم توالت التقارير عن استخدام البرنامج للتجسس في عدة دول.

وفتحت وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي يجب أن توافق على جميع صادرات منتجات صناعة الدفاع الإسرائيلية، تحقيقاً في مبيعات بيجاسوس في الخارج.

في 3 نوفمبر أعلنت الولايات المتحدة إدراج الشركة الإسرائيلية في القائمة السوداء واعتبرت نشاطها مضراً بالأمن القومي الإسرائيلي، بعد اتهامها بالتورط في التنصت على موظفين أميركيين كبار في الخارجية.

من جهتها، سارعت الشركة لإصدار بيان قالت فيه "لقد تعهدنا سابقاً أنه في حال ظهور شك في أن أي عميل للشركة قد أساء استخدام الأنظمة المباعة له، ستفتح الشركة تحقيقاً وستفصل عنه الأنظمة إذا تبيّن أن الشك صحيح".

وأضافت: "بعد تلقي شكوى تفيد بوجود اشتباه بأن هواتف أوغندية يستخدمها ممثلو الإدارة الأميركية في البلاد قد تم اختراقها، فتحنا تحقيقاً وقمنا على الفور بفصل العملاء حتى قبل اكتمال التحقيق، وذلك نظراً لخطورة الادعاءات".

وشددت الشركة على أنه "يتم تثبيت برنامج بيجاسوس على أساس أرقام الهواتف، وهناك عائق تكنولوجي أمام العمل على الأرقام الأميركية. في هذه الحالة، لم يدر الحديث عن أرقام أميركية، ولم يكن لدى الشركة أي طريقة لمعرفة الأطراف التي تم رصدها من قبل عملائنا".

اتهامات فلسطينية

بيان الشركة لم يشفع لها أمام الإدارة الاميركية، وفتح الباب لمخاوف إسرائيلية تتعلق بالشركة وموظفيها وبكامل قطاع التجسس أو التعقب الإلكتروني في إسرائيل والذي يعتبر أحد أكثر القطاعات نجاحاً ونمواً في إسرائيل.

وسبق لمصادر أمنية أن قالت لصحيفة "هآرتس" في ديسمبر الماضي إن "هناك تخوّفاً في إسرائيل من أن تقوم شركات أجنبية بتجنيد موظفي الشركة الإسرائيلية، إذا ما تفككت نتيجة التطورات الأخيرة، وبعد استقالة مديرها عقب وضع الشركة على اللائحة الأميركية السوداء، وإنه قد يصعب متابعة وملاحقة العقول التي تغادرها".

المخاوف الإسرائيلية تحدثت عن خطر تصنيف الولايات المتحدة صناعة السايبر الإسرائيلية بالكامل والشركات العاملة فيها كطرف يجدر عدم التعامل معه.

السلطة الفلسطينية اتهمت الشركة في نوفمبر الماضي بالتجسس على موظفيها في وزارة الخارجية، وقال المستشار السياسي لوزارة الخارجية الفلسطينية، أحمد الديك، إن الوزارة تمكنت من "معرفة وتصوّر ما تحاول إسرائيل استهدافه بعد اختراق أجهزة بعض الموظفين في الوزارة عبر برنامج بيجاسوس". 

واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل باستخدام برنامج الشركة للتجسس على موظفين في 6 منظمات أهلية فلسطينية، سبق لتل أبيب منظمات إرهابية وطالبت دول العالم بوقف تمويلها.

اقرأ  أيضاً:

تصنيفات