"القائمة العربية" في ائتلاف حكومة إسرائيل.. مساع براغماتية واتهامات بتجاوز الخطوط الحمراء

time reading iconدقائق القراءة - 6
زعيم القائمة العربية الموحدة منصور عباس يتحدث خلال تجمع سياسي في بلدة مغار بإسرائيل - 26 مارس 2021 - AFP
زعيم القائمة العربية الموحدة منصور عباس يتحدث خلال تجمع سياسي في بلدة مغار بإسرائيل - 26 مارس 2021 - AFP
دبي -الشرق

أثار انضمام القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس إلى ائتلاف حكومي في إسرائيل، جدلاً في الأوساط السياسية الفلسطينية ما بين معارض يراه تنازلاً بمنطق الصفقات، ومؤيد يعتبره "خطوة براغماتية" باتجاه حل مشاكل فلسطينيي الداخل.

وفي أول خطوة من نوعها لحزب عربي، قام منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة "الحركة الاسلامية الجنوبية" التي يمثلها أربعة نواب، بتوقيع الاتفاق لتشكيل هذا الائتلاف الذي يقوده زعيم المعارضة يائير لبيد، ويسعى لإزاحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد 12 عاماً في قيادة الحكومة الإسرائيلية.

وبموجب الاتفاق، ستحصل القائمة الموحدة على منصب نائب رئيس الكنيست ورئاسة لجنة الداخلية البرلمانية، إضافة إلى الاعتراف الحكومي بثلاثة تجمعات بدوية في النقب، وإنشاء مدينة عربية جديدة في الجنوب، مع تقديم ميزانيات إضافية.

"تجاوز للخطوط الحمراء"

واعتبر رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي في إسرائيل، جمال زحالقة، قرار القائمة العربية الموحدة بمثابة خروج على استراتيجية الأحزاب العربية المرتكزة "على انتزاع الحقوق وليس المقايضة.. والنضال للحصول على حقوق دون تقديم تنازلات سياسية".

وقال زحالقة في تصريحات لـ"الشرق" إن "القائمة الموحدة جاءت بطرح جديد يتمثل في تحويل الحقوق إلى صفقة، أي نقدم للحكومة دعماً سياسياً في مقابل أن نحصل على بعض الميزانيات أو بعض الحقوق"، معتبراً أن هذا الطرح يمثل "تجاوزاً للخطوط الحمراء، من حيث دعمه لحكومة تتبنى سياسة تهويد القدس، ودعم الاستيطان، واقتحام المسجد الأقصى، وقصف غزة، وحصارها، والاحتلال، والقوانين العنصرية".

واتهم زحالقة، القائمة الموحدة، بـ"التنازل عن جميع المبادئ في سبيل الحصول على بعض الميزانيات التي كنا سنحصل عليها في كل الأحوال، لأن هناك مصلحة اقتصادية لإسرائيل" في هذا الأمر، على حد تعبيره.

وأشار زحالقة إلى أن "أخطر ما حدث بعد انضمام القائمة الموحدة إلى الحكومة الإسرائيلية هو أنها أصبحت جزءاً من هذا الائتلاف، ومن ثم تتحمل المسؤولية المترتبة على كونها جزءاً من هذا الجسم المسمى بالائتلاف الحكومي الجديد". 

منطق الصفقات

وقال رئيس حزب التجمع الوطني إن "منطق الصفقات هو منزلق خطير جداً لأن فيه تراجعاً عما اكتسبناه حتى الآن".

وأضاف: "عندما أقمنا القائمة المشتركة، وحصلنا على 15 عضواً بالكنيسيت، زادت قوتنا البرلمانية، وكان بإمكاننا أن نفرض على الدولة التعامل معنا بشكل أفضل، لكن شق القائمة المشتركة من قبل الموحدة، والدخول في الائتلاف الحكومي، يضعفنا".

وأكد أن "الطريق الصحيح للتقدم هو التوحد، وتحقيق إنجازاتنا كتغيير في السياسات وليس مجرد صفقة تحصل عليها اليوم وغداً تخسرها".

وكانت القائمة الموحدة بزعامة منصور عباس انشقت في وقت سابق عن القائمة المشتركة التي كانت تجمع الأحزاب العربية، للترشح للانتخابات.

حلول براغماتية

على الجانب الآخر، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، عدنان وهبة قرار زعيم القائمة العربية الموحدة بالدخول في الائتلاف الحكومي، بمثابة "تحول إلى فكر براغماتي لحل المشاكل الحياتية للجماهير العربية في الداخل".

وقال وهبة في تصريحات لـ"الشرق": إن "التوجه العملي لمنصور عباس بالحضور داخل السياسة الإسرائيلية كلها، هو موقف سياسي قد يأتي بمكاسب كبيرة للصف العربي"، مشيراً إلى أن "كل تأجيل لهذا النوع من المبادرات السياسية يأتي بالضرورة على حساب الصف الفلسطيني الشامل".

وأوضح وهبة، أن عباس يسعى من خلال مشاركته في الائتلاف إلى الحصول على مكاسب سياسية من قبيل "رفض التمييز العنصري بشكل قاطع، والاعتراف بالقرى، وكذلك تجميد قانون كامينيتس المجحف للتطوير والبناء الذي كان بمثابة الأرضية لهدم بيوت الأقليات العربية في قراها"، لافتاً إلى أن هذه المكاسب "قد تكون عملية من ناحية وبراغماتية جداً دون التخلي عن المواقف الوطنية العليا".

"اتفاق تاريخي"

وتعود آخر مرة دعم فيها حزب عربي في إسرائيل الحكومة، لكن دون المشاركة فيها، إلى 1992 في عهد "حكومة السلام" برئاسة إسحاق رابين.

وكتب منصور عباس في صفحته على فيسبوك: "نوقع اتفاقاً تاريخياً لدخول الائتلاف الحكومي يوفر حلولاً لمشاكل مجتمعنا العربي الحارقة في مقابل مكاسب وإنجازات هي الأضخم والأوسع لصالح مجتمعنا العربي وميزانيات ضخمة".

ورأى عباس أن هذه الخطوة ستؤدي إلى "ترسيخ مكانة الأحزاب العربية كلاعب مؤثر وشرعي في الساحة السياسية".

ويقدَّر عدد العرب في إسرائيل بمليون و400 ألف نسمة ينحدرون من 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد إعلان قيام الدولة الإسرائيلية في عام 1948. ويشكلون 17.5% من السكان، ويشكون من التمييز ضدهم خاصة في مجالي الوظائف والإسكان.

وكان زعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، أبلغ الرئيس رؤوفين ريفلين، قبل منتصف ليل الأربعاء، بنجاحه في جمع الأصوات اللازمة لتشكيل ائتلاف حكومي، قبيل انتهاء المهلة المحددة بتوقيت القدس.

وقبل نحو ساعة من الموعد النهائي، قال حزب لبيد "هناك مستقبل"، في بيان، إنه "أبلغ رئيس دولة إسرائيل أنه نجح في تشكيل حكومة"، وأن لديه الدعم من أغلبية أعضاء الكنيست للمضي قدماً في أداء الحكومة الجديدة لليمين. 

وقال مكتب الرئيس الإسرائيلي، في بيان، إن "نفتالي بينيت زعيم حزب يامينا سيكون رئيساً لوزراء إسرائيل، بالتناوب مع يائير لبيد".

اقرأ أيضاً: