لاحتواء التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل.. بلينكن ومدير CIA في الضفة وتحركات مصرية

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلتقي مدير جهاز المخابرات العامة الأميركية ويليام بيرنز في مقر الرئاسة بمدينة رام الله- 29 يناير 2023 - وكالة وفا
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلتقي مدير جهاز المخابرات العامة الأميركية ويليام بيرنز في مقر الرئاسة بمدينة رام الله- 29 يناير 2023 - وكالة وفا
القاهرة- محمود أبو بكر

تشهد رام والله والقدس زيارات أميركية من مسؤولين رفيعي المستوى، وسط دعوات دولية وتحركات مصرية لتهدئة التوتر خوفاً من انفجار الوضع، عقب تدهور المشهد الأمني عقب اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم جنين، الخميس، وما تلاه من إطلاق صواريخ على إسرائيل، وغارات مضادة، وعمليات في الداخل الإسرائيلي أسقطت عدة ضحايا.

واستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأحد، مدير جهاز المخابرات العامة الأميركية ويليام بيرنز، الذي وصل رام الله قادماً من تل أبيب، حسب ما ذكرت وكالة "وفا" للأنباء، لبحث التصعيد الأخير، فيما يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى القدس ورام الله يومي الاثنين والثلاثاء، قادماً من مصر التي وصلها الأحد.

وأشارت "وفا" إلى أن عباس وضع مدير المخابرات الأميركية، "في صورة التطورات الخطيرة والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وأهمية التدخل العاجل للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لوقف إجراءاتها أحادية الجانب، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة".

وأكد الرئيس الفلسطيني "ضرورة عودة الأفق السياسي على أساس الشرعية الدولية، بما يحقق الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967".

وعقد بيرنز خلال الزيارة اجتماعات مع مسؤولين في الأمن الفلسطيني.

جولة بلينكن

واستهل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولته في الشرق الأوسط بزيارة مصر، الأحد، ساعياً لاستخدام نفوذ الولايات المتحدة لمحاولة خفض حدّة التوتر.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس على "تويتر" إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وصل إلى القاهرة سعياً لـ"تعزيز العلاقات" بين البلدين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن خلال زيارته، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره المصري سامح شكري لبحث آخر تطورات النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، قبل أن يتجه بلينكن بعدها إلى الضفة الغربية وإسرائيل.

موسكو تحذر

بدوره، دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الإسرائيليين والفلسطينيين إلى "أكبر قدر من المسؤولية" وتجنب أي تدهور جديد للوضع، وذلك خلال اتصالين هاتفيين بنظيريه الإسرائيلي والفلسطيني.

وبحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس"، قالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف "دعا الشريكين الإسرائيلي والفلسطيني إلى إظهار أكبر قدر من المسؤولية والامتناع عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى تدهور جديد للوضع".

وتشاور لافروف هاتفياً مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيره الفلسطيني رياض المالكي.

وأضافت الخارجية الروسية، في بيان، أنه خلال الاتصالين، "شدد الجانب الروسي على أن موسكو تشعر بقلق بالغ حيال دوامة العنف الجديدة" في المنطقة.

وسبق أن دعت الخارجية الروسية، في بيان، جميع الأطراف الى "أكبر قدر من ضبط النفس"، بعد هجومي الجمعة والسبت في القدس الشرقية إثر عملية عسكرية إسرائيلية دامية، الخميس، في الضفة الغربية المحتلة، أعقبها إطلاق صواريخ من قطاع غزة على إسرائيل وغارات جوية إسرائيلية رداً على ذلك.

"تصعيد خطير"

وتثير تطورات الأيام الأخيرة مخاوف من تنامي التصعيد بعد أن نفذت إسرائيل، الخميس، عملية عسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة لقي فيها 9 فلسطينيين حتفهم، وهو العدد الأكبر من الضحايا في عملية واحدة منذ سنوات طويلة.

وأدى هجوم قرب كنيس في القدس الشرقية، الجمعة، إلى سقوط 7 أشخاص، فيما شن الجيش الإسرائيلي غارات في اليوم ذاته على غزة، رداً على إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ في اتجاه إسرائيل من القطاع المحاصر.

وشهدت القدس الشرقية، السبت، هجوماً جديداً، حين فتح فتى فلسطيني عمره 13 عاماً النار وأصاب رجلاً وابنه بجروح، قبل أن يصاب بدوره ويتم توقيفه على أيدي إسرائيليين مسلحين.

وأحرق مستوطنون، ليلة السبت، مركبة ومنزلاً لفلسطينيين في قرية ترمسعيا شمال مدينة رام الله، وفقاً لما أفادبه سكان المنطقة، بينما قتل حراس مستوطنة كدوميم الإسرائيلية، صباح الأحد، فلسطينياً، قال الجيش الإسرائيلي إنه كان "مسلحاً بمسدس".

"مسؤولية إسرائيل"

وحملت السلطة الفلسطينية حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن "التصعيد الخطير" في الأوضاع الميدانية، فيما حذّر مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى من أن رد تل أبيب على هجومين نفذهما فلسطينيان استهدفا إسرائيليين بالقدس، سيكون "سريعاً وقاسياً".

وقالت السلطة الفلسطينية في بيان صادر عن اجتماع برئاسة الرئيس محمود عباس إنها تحمل حكومة إسرائيل "المسؤولية الكاملة على التصعيد الخطير الذي وصلت إليه الأوضاع بسبب جرائمها التي وصلت إلى 31 ضحية خلال الشهر الجاري، واستمرارها في ممارساتها الاستيطانية الاستعمارية".

ودعا بيان السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأميركية إلى "إلزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوقف أعمالها الأحادية الجانب، الأمر الذي يشكل المدخل العملي لإعادة الاعتبار للمسار السياسي".

وأعلنت السلطة الفلسطينية، التي لها صلاحيات حكم محدودة في الضفة الغربية، إنهاء التنسيق الأمني مع إسرائيل، في أعقاب اقتحام الجيش الإسرائيلي لمدينة جنين. 

وتصاعد العنف في الضفة الغربية بعد سلسلة من الهجمات في إسرائيل العام الماضي. وبدأت السلسلة الأحدث من العنف خلال ولاية الحكومة الائتلافية السابقة، واستمرت بعد انتقال السلطة إلى حكومة نتنياهو اليمينية، والتي تضم أحزاباً ترغب في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية. وقبل إطلاق النار، الجمعة، قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 30 فلسطينياً هذا العام 2023.

تحركات مصرية

ووصل بلينكن إلى القاهرة، الأحد، في جولة شرق أوسطية كانت مقررة سلفاً، وتحول هدفها لتهدئة التوتر في المشهد الذي تغير منذ الخميس.

واستبقت القاهرة زيارة الوزير الأميركي بإجراء اتصالاتها لوقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية.

وقالت مصادر لـ"الشرق" الأحد، إن القاهرة أجرت اتصالاتها مع الجانب الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية للتهدئة بعد أحداث مخيم جنين. 

وتهدف القاهرة من خلال الاتصالات إلي "وقف أي خطوات لتصعيد قد يؤدي إلى تعقيد الموقف في الضفة الغربية".

"رسائل أساسية"

ورأى الأكاديمي المصري طارق فهمي أن زيارة بلينكن إلي القاهرة تحمل رسائل أساسية حول الملف الإقليمي، فيما سيتم التطرق أيضاً إلي وجهات نظر اخري حول ملفات أخرى "ليست إقليمية". 

وشرح فهمي، خلال حديثه لـ"الشرق"، أن زيارة بلينكن، تأتي كالضلع الثالث لمثلث التحركات الأميركية، إذ تأتي في أعقاب جولة لمستشار الأمن القومي جايك سوليفان، ثم زيارة رئيس جهاز المخابرات الأميركية لمصر والأراضي والفلسطينية، وتل أبيب، ثم زيارة المسؤول السياسي بلينكن. 

واعتبر فهمي أن اختيار بلينكن مصر لبداية رحلته يرجع إلى "مصداقية الدور المصري، وكذلك قدرته على التواصل مع كل الفصائل الفلسطينية من جانب، وكذلك الجانب الإسرائيلي والعربي من جانب آخر". 

وأشار فهمي إلى أن التدرج الأميركي في المسئولين من مستشار الأمن القومي، إلي وزير الخارجية، مروراً برئيس المخابرات، "يعكس رغبة أميركية في دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر مقاربة عربية مقابل الإجراءات التصعيدية التي يقوم بها وزراء إسرائيليين من اقتحام المسجد الأقصى".

موضحاً أنه يتم النظر حالياً إلي نتنياهو كـ"داعي سلام". 

"قمة إقليمية"

ولفت فهمي إلى أن قمة إقليمية "قد تعقد قريباً" وتضم الأطراف المعينة، بجانب دولة الإمارات العربية المتحدة، للنظر في الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية ودعم حل الدولتين.

وأوضح أن القمة المزمعة هي "مقترح أميركي بالأساس، ويتم تداوله بشكل كبير حالياً في الإعلام الأميركي". 

ولفت فهمي إلى أن إسرائيل تركز على موضوعات وملفات أهمها "توفير عنصر الأمن وتوفير المعلومات"، وهو ما ترفضه السلطة الفلسطينية، فيما تركز الإدارة الأميركية على إشكالية أمن إسرائيل أولاً وأخيراً، وسيطلب وزير الخارجية الأميركي من الجانب المصري "ضبط الفصائل الفلسطينية خاصة حركة حماس". 

وبخلاف الملف الإقليمي، يتوقع أن تشهد المباحثات الأميركية المصرية الملف الليبي، حيث سيستمع الجانب الأميركي إلي وجهة النظر المصرية تجاه الأوضاع في ليبيا، وأبرز نتائج المباحثات الليبية - الليبية بالقاهرة، وكذلك الاستماع إلي الملاحظات الأميركية حول الملف. 

وتشترك القاهرة وواشنطن في علاقات سياسية واقتصادية متينة، وقامت القاهرة بدور الوساطة بين الفصائل الفلسطينية والأطراف الأخرى، كان آخرها إعلان القاهرة في أغسطس الماضي هدنة بين الفصائل الفلسطينية، وإسرائيل، وقبل ذلك بعام أيضاً، قامت القاهرة بالوساطة بين الفصائل وتل أبيب للالتزام بهدنة مماثلة. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات