أفاد رئيس الشركة التي تقف وراء خط أنابيب "نورد ستريم 2" لنقل الغاز الممتد من روسيا إلى ألمانيا أنه يتوقع انتهاء العمل بالمشروع هذا الصيف، وذلك وسط خلافات أوروبية متصاعدة بشأن التداعيات الجيوساسية للمشروع، وتردد أميركي في فرض عقوبات اقتصادية.
وقال ماتياس وارنيغ، الرئيس التنفيذي لشركة "نورد ستريم 2 آي جي"، ومقرها سويسرا، لصحيفة هاندلسبلات الألمانية المختصة بالشؤون المالية "نتوقع اكتمال أعمال البناء نهاية أغسطس".
وأضاف، بحسب وكالة "فرانس برس"، أنه على الرغم من التهديدات الأميركية بفرض عقوبات "سيكون لدينا خط أنابيب يلبي جميع متطلبات الترخيص ومعايير الصناعة الدولية"، معرباً عن أمله بأن يكون جاهزاً للعمل "قبل نهاية العام الجاري".
"حرب اقتصادية جديدة"
ويخشى وارنيغ من إصرار البعض في الكونغرس الأميركي على فرض عقوبات على نورد ستريم، بما في ذلك المشترون المحتملون للغاز الذي سينقله خط الأنابيب.
وقال رئيس شركة نورد ستريم "لم أعد أستبعد أي شيء. لكن إذا كانوا سيفرضون عقوبات على المشترين، فانهم يدخلون بذلك أحد الأبعاد الجديدة للحرب الاقتصادية".
وأحدث مشروع "نورد ستريم 2"، الذي في حال تشغيله سيضاعف إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا، انقساماً بين العواصم الأوروبية لفترة طويلة، كما غذّى التوترات مع واشنطن.
ومن المقرر أن يتجاوز المشروع البنية التحتية لخطوط الأنابيب التابعة لأوكرانيا، ما يحرم هذا البلد من رسوم عبور تتجاوز نحو مليار يورو سنوياً.
وتعارض بولندا ودول البلطيق المشروع بشدة خوفاً من اكتساب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفوذاً أكبر على الدول التي تحررت من سيطرة موسكو مع نهاية الحرب الباردة.
تراجع أميركي عن العقوبات
لكن الرئيس الأميركي جو بايدن تخلى في مايو عن فرض عقوبات رئيسية على "نورد ستريم 2"، بعد أن خلص إلى أن الوقت قد فات لوقف المشروع، مفضلاً السعي للتعاون مع ألمانيا.
وقالت الإدارة الأميركية حينها إن وقف "نورد ستريم 2" بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر حالياً، بعد أن اكتمل بناء خط الأنابيب بنسبة تزيد على 90%.
وفي تقرير مقدم إلى الكونغرس، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن شركة "نورد ستريم 2 آي جي" ورئيسها التنفيذي ماتياس وارنيغ يشاركان في نشاط خاضع للعقوبات بموجب القانون الأميركي، لكن الإدارة سترفع أو تتنازل عن العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
لكن على الرغم من هذا التراجع، فإن الإدارة الأميركية أكدت "التزامها بالاستمرار في التشاور مع أوكرانيا، كما أنها تضغط على ألمانيا لمعالجة المخاطر التي يمثلها (نورد ستريم 2) لأمن الطاقة في أوكرانيا وأوروبا"، داعية كييف إلى "الانخراط المباشر مع الحكومة الألمانية لتوضيح مخاوفها".
مباحثات ألمانية أوكرانية
وستلتقي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين، الاثنين، قبل أن تسافر للقاء بايدن في وقت لاحق من الأسبوع.
وكان الرئيس الأوكراني قد أشار في وقت سابق إلى أن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة القادرة على إيقاف خط الأنابيب الذي يسمح لموسكو بتجاوز كييف في إمدادات الغاز وعزلها.
وقال زيلينكسي: "هذا سلاح حقيقي في يد روسيا الاتحادية"، مضيفاً أنه "من غير المفهوم أن تقدم دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الرصاص لهذا السلاح".
سلاح جيوسياسي لروسيا
وتتهم أوكرانيا موسكو باستخدام خط الأنابيب سلاحاً استراتيجياً لعزلها، كما أنها تعتبره خطراً على أمنها القومي. وقالت عضو البرلمان الأوكراني إينا سوفسون إنه "من خلال تقويض مكانة أوكرانيا كطريق عبور رئيسي للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، ستنجح موسكو في تقليل الأهمية الجيوسياسية لأوكرانيا بشكل كبير"، مشيرة إلى أن هذا "قد يمهد الطريق لتصعيد كبير في التدخل العسكري الروسي المستمر في أوكرانيا"، على حد تعبيرها.
لكن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس حذر، خلال زيارته إلى بولندا الأسبوع الماضي، من أي تصعيد اقتصادي مع روسيا بسبب خط الأنابيب "نورد ستريم 2".
وقال ماس: "بشكل أساسي، أعتقد أن تعذر العلاقات الاقتصادية مع روسيا سيضع أوروبا في موقف صعب"، لافتاً إلى أن عزل روسيا اقتصادياً قد يجعلها أقرب إلى الصين، معتبراً أن هذا التقارب سيكون خطيراً على الأمن الأوروبي.