الطائرات المسيّرة التركية تفجّر خلافاً عميقاً بين أنقرة وموسكو

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اجتماع في سوتشي -  22 أكتوبر 2019 - VIA REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اجتماع في سوتشي - 22 أكتوبر 2019 - VIA REUTERS
دبي -الشرق

تشهد العلاقات التركية الروسية مرحلة من الخلافات الشديدة، وصفتها صحيفة "لوموند" الفرنسية برياح جليدية تهب على علاقة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، والتي تميزت دائماً بـ"التعاون العدائي"، فتارة حلفاء وطوراً خصوم.

وتشعر موسكو بالقلق من تجدد التعاون العسكري بين أوكرانيا وتركيا، وسط توتر كبير على الحدود الروسية الأوكرانية، وما زاد الخلافات بين موسكو وأنقرة، هو الطائرات المسيّرة التركية التي يتم تزويد الجيش الأوكراني بها.

تعاون عسكري

في شرق أوكرانيا، أدى صراع الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا، والقوات الأوكرانية إلى مقتل ما يقرب من 14 ألف شخص، وتنذر التوترات الحالية بنشوب حرب جديدة. واضطربت التوازنات في المنطقة عام 2014 بسبب قرار روسيا ضم شبه جزيرة القرم، وهي شبه جزيرة أوكرانية منذ عام 1957، وهذه الخطوة تعارضها أنقرة.

ونشرت روسيا آلافاً من جنودها وأسلحة ثقيلة في الأيام الماضية على طول الحدود الروسية الأوكرانية.

وفي هذا السياق، يشكل استخدام أوكرانيا طائرات مسيّرة تركية قلقاً لدى الجيش الروسي، وترى موسكو أن هذه الطائرات سيتم استخدامها قريباً ضد الانفصاليين الموالين لها في منطقتي دونيتسك ولوهانسك شرق أوكرانيا، وفق "لوموند".

وأشارت الصحيفة إلى أن الطائرات المسيّرة التركية أعطت أذربيجان في نزاع إقليم ناجورنو قره باغ ميزة كبيرة أمام أرمينيا في خريف 2020، ولهذا السبب يريد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحصول على مزيد من هذه المسيّرات.

وفي عام 2019، اشترت أوكرانيا 6 طائرات مسيّرة تركية من طراز Bayraktar TB2، والعديد من محطات المراقبة من تركيا. في غضون ذلك، تم توقيع عقود أخرى، لا سيما شراء 48 طائرة تركية جديدة مسيّرة، بإنتاج مشترك بين البلدين.

وتضع أنقرة وكييف اللمسات الأخيرة على صناعة الطائرة المسيّرة القتالية من طراز "Akinci"، القادرة على حمل أسلحة، والتحليق على ارتفاع أعلى، والمتصلة بشبكة بيانات الأقمار الصناعية، مع عمر بطارية يصل إلى خمس ساعات.

ولتصنيع هذه الطائرة، تزود أوكرانيا شركة "Baykar" التركية المصنعة لهذه المسيّرة بمحرك دفع، من خلال ما تبقى من المجمع الصناعي العسكري السوفياتي القديم لديها. 

وتم إنشاء شركة مشتركة تحت اسم "Black Sea Shield"، بين شركة "Baykar" التركية و"Ukrspetsexport"، الرائد في صناعة الدفاع الأوكرانية. وتهدف المشاريع المشتركة الأخرى إلى تصنيع صواريخ وأنظمة رادار وتوجيه.

"رسالة إلى الحلفاء"

ووفق "لوموند"، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعزيز حضوره في المنطقة من خلال تصدير الصناعات الدفاعية، ولكنه يبعث أيضاً بإشارات إلى حلفائه في "الناتو" (حلف شمال الأطلسي) من خلال دعم أوكرانيا، على أمل تخفيف التوتر عقب شراء أنقرة أنظمة الصواريخ الروسية "إس-400" التي أثارت غضب الولايات المتحدة ودول حلف الناتو.

وتأتي تصريحات أردوغان بشأن شبه جزيرة القرم لتثير استياء أكبر لدى موسكو، إذ قال خلال استقباله نظيره الأوكراني زيلينسكي في 10 أبريل بإسطنبول، إنه يجدد تمسكه "بوحدة أراضي وسيادة أوكرانيا".

وفي بيان مشترك صدر بعد الزيارة، تعهد أردوغان وزيلينسكي بتعزيز "وحدة أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دولياً، وإنهاء احتلال شبه جزيرة القرم ومناطق دونيتسك ولوهانسك".

 الناتو والخط الأحمر

وفي موضوع آخر يثير في كل مرة غضب موسكو، أعلن أردوغان أنه يدعم ترشيح أوكرانيا لعضوية حلف شمال الأطلسي، وهو بمثابة خط أحر بالنسبة لبوتين الذي يشعر بأنه محاط بحلف شمال الأطلسي في البحر الأسود، حيث إن رومانيا وبلغاريا وتركيا أعضاء في الحلف، وجورجيا وأوكرانيا تسعيان إلى الانضمام.

وقال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، بعد يومين من زيارة الرئيس الأوكراني لإسطنبول، إنه "يجب على أي دولة ألا تغذي الميول العسكرية لأوكرانيا"، مضيفاً أن موسكو "لا تيأس من إقناع أنقرة بالطبيعة الخاطئة لموقفها من شبه جزيرة القرم".

وإذا كان أردوغان وبوتين توصلا إلى حد الآن على الاتفاق بشأن بعض القضايا الدولية، على غرار سوريا، فإنهما يجدان صعوبة في تطابق موقفيهما في البحر الأسود.

ضربة اقتصادية لتركيا

وفي خضم هذه الخلافات، أعلنت روسيا تعليق الرحلات الجوية من وإلى تركيا لمدة شهر ونصف، في خطوة أثارت استياء أنقرة، وقالت موسكو إن السبب صحي، حيث وصلت معدلات تفشي كورونا في تركيا إلى مستويات عالية بنحو 60 ألف إصابة يومياً.

وتسبب القرار الروسي الذي دخل حيز التنفيذ في 15 أبريل الجاري بتقويض معنويات العاملين في القطاع السياحي التركي، والذين يعتمدون على السياح الروس الوافدين إلى شواطئ وفنادق أنطاليا خصوصاً.

وقالت "لوموند" إن غياب السياح الروس يمثل ضربة موجعة للحكومة التركية التي تشهد أزمة نقدية كبيرة، وتعوّل على القطاع السياحي لتعزيز مداخيلها من العملات الصعبة.

وأبلغ بوتين أردوغان خلال مكالمة هاتفية في 9 أبريل الجاري بقرار تعليق الرحلات، مشيراً إلى أن السبب هو وباء كورونا، ولكن المكالمة جاءت قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تركيا، والذي جاء لتجديد صفقة شراء الطائرات المسيّرة التركية.