الهالوين.. كيف تحول عيد نهاية الحصاد ليوم رعب عالمي؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
ثمار قرع منحوتة على هيئة وجوه مرعبة احتفالاً بالهالوين - Corbis via Getty Images
ثمار قرع منحوتة على هيئة وجوه مرعبة احتفالاً بالهالوين - Corbis via Getty Images
القاهرة-آلاء عثمان

في الولايات المُتحدة وعدد من بلدان العالم، يستمتع الكبار والصغار على حد سواء بموسم الهلع في الخريف من كل عام، والذي يُعرف بعيد الهالوين في يوم 31 أكتوبر.

وعلى عكس عادة الأعياد التي تستقبلها الشعوب بالاحتفالات والأمنيات الطيبة، يمتاز الهالوين بالأزياء المرعبة وطقوس أجواء الهلع.

تمتد جذور الاحتفال الشهير في واقع الأمر للماضي البعيد، وللغرابة فالقارة الأوروبية هي التي ظهر فيها عيد الهلع لأول مرة، ثم عبر المحيط مع أفواج المهاجرين للعالم الجديد؛ فترسخ في وجدان المجتمع الأميركي كما نعهده الآن متخذاً طابعاً عصرياً متجدداً. 

إرث أوروبي 

في الأصل لم يكن هناك هالوين، أو احتفال بالرعب من أجل الرعب، أو أطفال يرتدون أقنعة وحوش أسطورية يطرقون الأبواب طلباً للحلوى، بل في الواقع احتفال بنهاية موسم الحصاد وفصل الصيف لدى الشعوب القلطية التي سكنت بعض الأجزاء من القارة الأوروبية قبل آلاف السنوات. 

تضمن الطقس القديم الذي أُطلق عليه Samhain عدداً من مظاهر الاحتفال، بينها إعداد الولائم وذبح الحيوانات وتخزين الغلال استعداداً للشتاء المُقبل، ليتقاطع بذلك مع عادات وموروثات متشابهة لدى شعوب شتى حول العالم؛ إلا أنه تضمن أيضاً بعض الإجراءات الاحترازية التي تمسك بها القلطيون للدفاع عن أنفسهم ضد عدو مجهول قام من عالم الموتى.

 وفقاً للاعتقاد القديم، نظر بعض الأوروبيين الأقدمين لتلك الفترة من الخريف باعتبارها مرحلة حساسة من العام، تضعف خلالها الحواجز الفاصلة ما بين عالمي الموتى والأحياء، فتعرضهم للأخطار وللزيارات غير المرغوب فيها من سكان العالم الآخر. 

لذا اعتاد القدماء تحضير الأطعمة المُحببة لأرواح أفراد الأسرة الراحلين والاستعداد لاستقبالهم، وكذلك توخي الحذر من الأرواح الشريرة، وفقاً لما ورد بموقع World History.

ولأغراض التخفي اعتمد القلطيون طقس ارتداء الأقنعة المصنوعة من جلود الحيوانات، أو دهن وجوههم باللون الأسود، وفي بعض الأحيان، ارتدت النساء ملابس الرجال، بتلك الطريقة ظنوا أنهم يخدعون الأرواح الشريرة ويمنعونها من الاستيلاء على أجسادهم. 

إعادة تعريف 

لاحقاً بدأت ملامح القارة الأوروبية بالتبدل تدريجياً، مع انتشار الديانة المسيحية وتفاعلها مع الثقافة الشعبية بالمنطقة، فضلاً عن معتقدات الأفراد وانتماءاتهم الدينية، فخلال القرن السابع دشنت الكنيسة احتفالاً جديداً في الأول من نوفمبر، عُرف باسم عيد جميع القديسين، والذي يحل في اليوم التالي للعيد القلطي القديم. 

وفقاً لموقع ناشونال جيوجرافيك، بدأ الماضي في الانصهار مع الحاضر تدريجياً، فاكتسب الاحتفال القلطي اسم "ليلة عيد جميع القديسين" أو All Hallows' Eve التي تطورت لاحقاً لتُصبح هالوين كما يلفظها الملايين حول العالم اليوم، وبالرغم من التعديل النسبي، استمرت الاحتفالات في التوقيت ذاته بطقوس مُشابهة. 

يُعتقد كذلك أن اختيار عدد من المناسبات المسيحية في الموسم، جاء بغرض استبدال الاحتفال القلطي بطقس آخر أكثر ملاءمة للديانة المسيحية، وفقاً لموقع History. 

العالم الجديد

على مدى عقود ظل الهالوين موجوداً بقوة في القارة الأوروبية، خاصة في القسم الغربي منها حيث السواحل الأيرلندية و الاسكتلندية، إذ تطورت طقوسه ما بين المعتقدات الدينية والأساطير الشعبية، لتشمل حفر الوجوه المرعبة على ثمار الخضراوات والفاكهة، وتنقل الأطفال في الأحياء لطلب الحلوى والهدايا من الجيران، وذلك إلى أن انتقل العيد إلى النصف الآخر من العالم خلال القرن الـ19 بالتحديد عبر وجدان المهاجرين الأيرلنديين. 

وفقاً لموقع History بدأ الطقس الجديد في الانتشار تدريجياً واكتساب جمهور جديد، خاصة خلال القرن العشرين حين أصبح من الشائع وجود مناطق خاصة للاحتفال في 31 أكتوبر، إضافة إلى ذيوع استخدام الأقنعة والملابس التنكرية.

لاحقاً وعلى مدى عقود أصبحت ملامح الاحتفال بالهالوين عالمية، تجدها في المحال التجارية والطرقات في مدن شتى حول العالم؛ كمجسمات الساحرات بمكانسهن وثمار القرع المنحوتة بملامح مخيفة، كما يتعمد الأفراد مُشاهدة الأفلام المرعبة وإقامة الاحتفالات خالقين بأنفسهم طقوساً عصرية جديدة للموسم التراثي.