هل يمكن محاكمة بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
مسؤولون أوكرانيون يتحدثون أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث اشتكت أوكرانيا روسيا أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، هولندا. 7 مارس 2022. - REUTERS
مسؤولون أوكرانيون يتحدثون أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث اشتكت أوكرانيا روسيا أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، هولندا. 7 مارس 2022. - REUTERS
دبي - رويترز

اتهمت ألمانيا وفرنسا ودول أخرى روسيا التي تغزو أوكرانيا بارتكاب جرائم حرب في بلدة بوتشا، الواقعة خارج العاصمة كييف.

وقال خبراء في مجال القانون، إن محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو غيره من القادة الروس ستواجه عقبات كبيرة، وقد تستغرق سنوات.

وجرائم الحرب حسب تعريف "المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي هي "انتهاكات جسيمة" لاتفاقيات جنيف التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، والتي تحدد القوانين الإنسانية الدولية الواجب اتباعها في زمن الحرب.

ونفت روسيا وما زالت تنفي استهداف المدنيين، ورفضت مزاعم بارتكابها جرائم حرب في حملتها، التي وصفتها بأنها "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.

وحتى قبل "بوتشا"، اتهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون القوات الروسية باستهداف المدنيين "بشكل عشوائي"، واستشهدوا على ذلك بقصف مستشفى للولادة في مدينة ماريوبل الساحلية الجنوبية، ومسرح كان مكتوباً عليه أنه مخصص لإيواء أطفال.

تحقيق في "جرائم حرب"

وقال خبراء في مجال القانون إن الانتهاكات تشمل استهداف المدنيين عمداً وحدوث خسائر "جسيمة" في صفوف المدنيين عند مهاجمة أهداف عسكرية مشروعة.

وصدّق الاتحاد السوفيتي السابق على اتفاقية جنيف في عام 1954.

وفي عام 2019، ألغت روسيا اعترافها بأحد البروتوكولات، لكنها ظلت مع الدول الموقعة على بقية الاتفاقيات.

قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الشهر الماضي، إنه فتح تحقيقاً في جرائم حرب محتملة في أوكرانيا.

وروسيا وأوكرانيا ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وموسكو لا تعترف بالمحكمة. إلا أن أوكرانيا أعطت موافقتها على التحقيق في الأحداث المزعومة على أراضيها، والتي تعود إلى وقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.

وقد تقرر روسيا عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وسيتم تأجيل أي محاكمة حتى يتم القبض على المدعى عليه.

وستصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف إذا استطاع المدعون تقديم "أسباب معقولة للاعتقاد" بارتكاب جرائم حرب. 

وقال خبراء إنه من أجل إصدار حكم بالإدانة، يتعين على المدعي العام إثبات التهمة على المتهم بما لا يدع مجالاً للشك.

صعوبة الإدانة

وبالنسبة لمعظم الاتهامات، يتطلب ذلك إثبات أن المتهم عقد العزم وبيت النية. وإحدى الطرق للقيام بذلك هي أن يثبت المدعي العام عدم وجود أهداف عسكرية في منطقة الهجوم، وأن ذلك لم يكن مجرد حادث.

وقال أليكس ويتينج الأستاذ الزائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد: "إذا استمر حدوث ذلك مراراً وتكراراً وبدا أن الاستراتيجية تستهدف المدنيين في المناطق الحضرية، فقد يكون ذلك دليلاً قوياً على وجود نية للقيام بذلك".

وقال خبراء إن التحقيق في جرائم الحرب يمكن أن يركز على الجنود والقادة الميدانيين وحتى رؤساء الدول.

ويمكن للمدعي العام تقديم دليل على أن بوتين أو زعيماً آخر ارتكب جريمة حرب، من خلال إصدار أمر مباشر بشن هجوم غير قانوني أو علم أنه تم ارتكاب جرائم وتقاعس عن منعها.

وقال خبراء قانونيون إن قصف المسرح ومستشفى الولادة في ماريوبل يندرج على ما يبدو ضمن تعريف جرائم الحرب. لكن إصدار أمر إدانة قد يكون صعباً.

وفضلاً عن التحديات التي يواجهونها في إثبات النية في العديد من القضايا وربط القادة مباشرة بهجمات محددة، يمكن أن يواجه المدعون صعوبة في الحصول على أدلة من منطقة حرب، ومنها ما يتعلق بالمقابلات مع الشهود الذين ربما يتعرضون للترهيب أو لا يرغبون في الحديث.

وفي حالة أوكرانيا، سيعكف المدعون العامون بالمحكمة الجنائية الدولية على فحص أدلة الفيديو والصور الفوتوغرافية المتاحة للجمهور.

وربما يكون تقديم المتهمين للمحاكمة أمراً صعباً أيضاً. إذ يكاد يكون من المؤكد أن موسكو سترفض الامتثال لأوامر الاعتقال. وسيتعين على المحكمة الجنائية الدولية تعقب المتهمين المحتملين لمعرفة ما إذا كانوا يسافرون إلى دول يمكن اعتقالهم فيها.

ملاحقات سابقة

منذ تشكيل المحكمة الجنائية الدولية، أشرفت على 30 قضية، بعضها شمل أكثر من متهم، بحسب موقعها على الإنترنت.

وأدان قضاة المحكمة الجنائية الدولية 5 متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، في حين برؤوا 4 آخرين. وجرت إدانة توماس لوبانجا دييلو، وهو أحد أمراء الحرب في الكونجو، في عام 2012.

وأنشأت الأمم المتحدة في عام 1993 محكمة جنائية دولية منفصلة ليوجوسلافيا السابقة للنظر في الجرائم التي وقعت خلال حروب البلقان، وأصدرت 161 لائحة اتهام وحكمت على 90 فرداً.

وبعد عام، أنشأت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا لمحاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم التي ارتُكبت هناك وفي الدول المجاورة في عام 1994. ووجهت الاتهام إلى 93 شخصاً وحكمت على 62.

وأثار خبراء قانونيون إمكانية إنشاء محكمة منفصلة لفحص جرائم الحرب المحتملة في أوكرانيا، والتي يمكن أن تتم من خلال الأمم المتحدة أو من خلال معاهدة.

تصنيفات