ماذا تقرأ في 2021.. مثقفون مصريون يكتبون ترشيحاتهم

time reading iconدقائق القراءة - 12
مكتبة في منطقة سور الأزبكية وسط العاصمة المصرية القاهرة - AFP
مكتبة في منطقة سور الأزبكية وسط العاصمة المصرية القاهرة - AFP
القاهرة-علا الساكتأماني السيد

لم يكن عام 2020 مثالياً للكتب، مع إلغاء معارض الكتاب العربية والدولية دوراتها، بسبب الإجراءات التي اتخذتها دول العالم لوقف تفشي فيروس كورونا، إلا أن المطابع لم تتوقف عن الدوران، مع رهان بعض الناشرين على فترة الإغلاق، باعتبارها فترة مثالية للقراءة.

واستغل البعض خدمات توصيل الكتب للمنازل، بديلاً للمكتبات المغلقة، ما ساهم في نجاة بعض الروايات والكتب من مقصلة التأجيل. 

"الشرق" سألت عدداً من النقاد والمفكرين والمثقفين المصريين، عن أهم الكتب والروايات التي يرشحونها للقراءة في عام 2021، فجاءت إجاباتهم متنوعة ما بين روايات وشعر ودراسات وثقافة عامة.

شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق:

أرشح كتاب "بنت شيخ العربان" للكاتبة ميرال الطحاوي، لأنه كتاب مهم لموضوعه المتميز، ولأنه مكتوب بأسلوب شيّق يجمع بين السرد الروائي والتاريخي، ويرصد تاريخ دخول العرب إلى مصر، وعلاقة جماعة البدو بالفلاحين المقيمين، وهي ثنائية قلما نراها بهذا الوضوح.

الكتاب يتتبع تاريخ هذه الجماعة عبر حقب تاريخية مختلفة، ليقدم رؤية مكتوبة بشكل متماسك في علاقة البدو بالفلاحين، وكيف يشعر البدو بتفوقهم العرقي، وكيف استقبل الفلاحون ذلك. ويقدم الكتاب أيضاً صورة درامية لفترات صعودهم وهبوطهم، من خلال الاستعانة بمراجع كثيرة مهمة.

صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية:

القارئ يختار العمل الذي يروق له لقراءته، مع إعادة قراءة بعض دواوين الشعر العربي مع الروايات، لأن الروايات ممتعة ومشبعة، والشعر مقرب للمشاعر والوجدان، فقراءة الأدب تعد مسألة جوهرية في حياة الإنسان، لأنها تنمي ثروته اللغوية، وتُنّشط خياله، وتجعله أكثر جمالاً ووعياً، أما تحديد أعمال بأنها الأفضل فيكون على حسب ظروف وميول كل قارئ.

محمد أبوالغار، طبيب ومفكر:

"في أثر عنايات الزيات" للشاعرة إيمان مرسال، لأنه كتاب يجمع بين الفن والإنسانية والحكي والتاريخ، وهي رحلة للبحث عن عنايات الزيات، وحكاية الرواية التي كتبتها وفشلت في نشرها، وفي النهاية انتحرت عام 1963".

وتغوص المؤلفة في تاريخ مصر الحديث، والتغيّرات الهائلة التي حدثت منذ الخمسينيات بحثاً عن الحقيقة لتكتشف خبايا خاصة وعامة مذهلة.

أنور مغيث، أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان:

رواية "العابرة" للكاتب إبراهيم عبدالمجيد، فهى رواية مهمة مكتوبة بجمال وخيال لأنها تناقش بجرأة لكن بخيال أدبي جميل فكرة المتحولين جنسياً، ودعوة إنسانية لقبول المختلفين.

وأرشح أيضاً رواية "الطاعون والكوليرا"، للكاتب الفرنسي باتريك دوفيل، ترجمة منى طلبة، عن المركز القومي للترجمة، وهي سيرة حياة الطبيب السويسري يرسين، الذي اكتشف مصل الطاعون وقضى على المرض، وهي مكتوبة بصيغة رواية تُبرز الكفاح ضد الأوبئة.

وشخصية يرسين، الذي درس الطب لكنه المهتم بنفسه فقط وغير معني بحياة الآخرين، كانت كل أحلامه أن يكون بحاراً وأن يجمع ثروة طائلة، وقد حقق هذا الحلم فعلاً، إلّا أن الظروف وضعته في قلب وباء الطاعون، فاضطر أن يؤسس معملاً وأن يعود لرسالته في الطب، ونكتشف في سيرته أن نداء الواجب ليس فطرة، إنما لحظة يأتي فيها الإلهام أو ومضة تأتي ويأتي معها الشعور بالمسؤولية.

منى أنيس، ناقدة ومترجمة:

"صيرورة بوفوار: سيرة حياة"، تأليف كات كيركباتريك، من دار بلومسبري للنشر. وتعد سيمون دو بوفوار، هي وكتابها العمدة الجنس الثاني، واحدة من أهم الكاتبات والكتّاب في القرن العشرين.

وفي هذه السيرة الممتعة لأستاذة الفلسفة بجامعة أكسفورد، كات كيركباتريك، تتناول سيرة بوفوار من ميلادها حتي الوفاة، وتكشف عن الكثير من المنعطفات الحادة في حياتها، وأثرها الكبير على فكر رفيق حياتها جان بول سارتر، وكيف سبقته في العديد من الأطروحات الفلسفية، والمراحل التي مرت بها علاقتهما العاطفية المعقدة. 

ومؤلفة هذا الكتاب مؤهلة للتصدي لحياة كل من بوفوار وسارتر، وسبق أن أصدرت أكثر من كتاب ودراسة عن فلسفة سارتر، وبالتالي فهي تعرف عما تكتب عندما ترد الاعتبار لبوفوار كفيلسوفة تقف على قدم المساواة مع سارتر، إن لم تسبقه في بعض أطروحاتها الفلسفية.

شريف يونس، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان:

"النظام العالمي"، لهنري كيسنجر، صادر عن دار الكتاب العربي 2015، كتاب قديم لكنّه في غاية الأهمية، لأنه يشرح تطور النظام العالمي، وكيف ترسخ مبدأ سيادة الدولة، وكيف تطور هذا المفهوم من وجهة نظر أميركية عبر التاريخ وحتى الوقت الراهن، وأي شخص مهتم بالسياسة يجب أن يقرأه.

من خلال الكتاب نفهم ماذا يحكم السياسة حقيقة، تعقيدات شبكة المصالح التي تتخطى بكثير فكرة الأطماع الشخصية التي كثيراً ما يستند إليها البعض في فهم الأحداث السياسية، مكتفين بتوجيه اتهامات مرسلة وضحلة، متناسين أن السياسة الدولية لا تتحرك وفق هذه التفسيرات المباشرة، التي لا تفسر التوازنات الدولية، وكيف يصدر قرار ما، ويقدم الكتاب رؤية بانورامية للنظام العالمي وتطوره ونفهم من خلاله موقعنا في هذا النظام شديد التعقيد.

الكتاب الثاني "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، وهي الرواية التي طالما قرأت في ظلال الأزمة التي ثارت حولها، بداية من تكفير نجيب محفوظ وحتى محاولة قتله. الكل اهتم بتأويل الرواية، هل يتناول محفوظ الأنبياء، أم يناقش الاستبداد السياسي، لكن في خضم هذه الأزمة لم تأخذ الأفكار العميقة التي تطرحها الرواية حقها من الاهتمام الفكري والأدبي.

وهذه الرواية في تقديري واحدة من أهم الكتب التي تناولت ثقافة المنطقة العربية الروحانية في صورتها الأساسية والمثالية، قدمت المثل الأخلاقية التي تحكمها، وفي حقيقة الأمر حتى وإن فسرناها باعتبارها رواية دينية، فهي أيضاً ليست رواية نقد للدين أو الديكتاتورية، إنما هي رواية تنقل الإحساس بشكل العالم الروحي للمنطقة من وجهة نظر إسلامية خالصة.

هذه المعارك عن الكتاب، مجرد عرض جانبي، لكن موضوع الرواية نفسه، لم يتم قراءته، كرواية عظيمة تقدم رؤيتنا عن العدل على الأرض والحياة الروحية لهذه المنطقة.

نبيل عبد الفتاح، باحث بمركز الأهرام للدراسات:

من أهم ما صدر هذا العام كتاب "دفاع عن العقلانية"، للدكتور جابر عصفور، يمثل الكتاب ذروة ثلاثية عصفور: "الثقافة" و"الحرية"، و"نقد ثقافة التخلّف" في الدفاع عن العقلانية والحداثة.

 يتميز الكتاب بتأصيل العقلانية في تاريخ تطور الأفكار سواء في إطارها الحداثي، وإلى جذور العقلانية الإسلامية، وارتباطها بالتجريب، فضلاً عن طلائع التنويريين الإسلاميين من الطهطاوي، إلى محمد عبده، وعبدالمتعال الصعيدي، ومحمود شلتوت، خصوصاً أن محمد عبده اعتبر أن الأصل الرابع من أصول الإسلام هو عدم التكفير، وهو ما ناهضته التيارات السياسية والسلفيّة التي رفعت التكفير كسلاح في مواجهة المخالفين لها، ثم تركيزه على الميراث التحرري السياسي والدستوري بعد ثورة 1919، ودستور 1923، ودور الجامعة وثورة العقل الجامعي ابن الانفتاح على الغرب وحركة البعثات لأوروبا على نحو ما قام به طه حسين في الشعر الجاهلي، إلى ضرورة عقلنة الدولة. 

ومن أهم أقسام الكتاب تحولات عقد السبعينيات في القرن الماضي، وتوظيف الرئيس الراحل أنور السادات، للحركة الإسلامية سياسياً كسند للشرعية وأداة للتبرير، وللتعبئة الاجتماعية، ثم التناول الرصين لقضية نصر حامد أبو زيد، ودلالاتها، ورمزيتها على هيمنة العقل النقلي السلفي، واستخدام سلاح التكفير ضد سلطان العقل الناقد الذي أدّى إلى تراجع الفكر الإبداعي، ووصل ما انقطع علمياً وفكرياً مع مدارس الفكر الكوني وعوالمه الأكثر تطوراً، فهو كتاب هام يمثل مرافعة عميقة في الدفاع عن العقلانية باعتبارها مركز الحداثة.

حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة: 

"غيوم فرنسية"، لضحى عاصي، هذه الرواية من أفضل ما قرأت العام الماضي، تتناول تجربة تحيط بالحملة الفرنسية على مصر وما أعقبها، عالمها يمثل ساحة لتقاطعات بين شخصيات وقائع كبرى وصغرى، ونقلات مكانية واسعة، واعتماد لرؤى متعددة، كلها ترصد عالماً كبيراً من وجهات نظر شتّى في أحداث كبيرة.

 الرواية تتأسس على طريق بحث طويل، وتنجح في إدراك العلاقة المعقدة بين ما هو تاريخي وما هو روائي، وتبني تجربتها بناءً روائياً مركّباً وبسيطاً ومتقناً في الوقت نفسه.

وليد الخشاب، أستاذ الدراسات العربية، جامعة يورك، كندا:

أرشح كتاب محمد الشاهد "القاهرة منذ 1900.. دليل معماري"، وهو كتاب مهم يبدأ به القارئ عام 2021. الكتاب صادر باللغة الإنجليزية عن دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة، ويستعرض فيه الباحث بعضاً من ملامح التراث المعماري الحديث لأحياء القاهرة المختلفة خلال القرن العشرين موثّقة بعشرات الصور الفوتوغرافية.

 وشدني إلى الكتاب، أنه يثبت تواثق السمات الجمالية لمختلف المدارس المعمارية المصرية مع مثيلاتها في العالم من الأرت ديكو إلى المعمار الوظيفي المعاصر.

محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم:

في تقديري الشخصي، رواية "بساتين البصرة"، للروائية المصرية منصورة عز الدين، هي واحدة من أهم إصدارات 2020، وذلك على المستويين الجمالي والفكري.

 وتتصدى الرواية لسؤال أزلي ومتجدد عن خطايا الإنسان، وامتزاج الخير والشر بداخله إلى حد بعيد وغريب من التماهي، وتستند إلى المقاربة العربية التراثية كما هو رأي المعتزلة في صاحب الكبيرة.

كما أنها رواية أصوات مهمة ومكثفة وثرية وحافلة بالجماليات والتشويق، ولغتها أدبية مغايرة لأنها تصنع هويتها وموقفها الخاص بين اللغة التداولية واللغة المجازية التصويرية ذات المساحات التعبيرية.

صلاح السروي، أستاذ النقد والأدب بجامعة حلوان:

من الصعب تحديد عمل واحد، هناك العديد من الأعمال مثل رواية "صلاة خاصة"، للكاتب صبحي موسى، ورواية "باب الدنيا"، للكاتب محمد إبراهيم طه، ورواية "كتيبة سوداء"، للكاتب محمد المنسي قنديل، ورواية "محالة الإيقاع بشبح" للكاتب هاني عبد المريد، ورواية "البرنيكه"، للكاتب طلال سيف.

كما أن هناك أعمال على قدر استثنائي من الأهمية وهي رواية "سقوط الصمت" للكاتب عمار علي حسن، ورواية "الأفعى" للكاتب مصطفى الشيمي، وكتاب "منعطف ما بعد الحداثة" لإيهاب حسن عن أفكار العصر الحالي، وكذلك كتاب "نقد وثقافة التخلف" لجابر عصفور عن اضطهاد الأنثى وأصولها في التراث العربي والهوس بالماضي، وثقافة المرأة وخطاب العنف. 

شيرين أبوالنجا، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس:

أنا متحفظة على وصف عمل أدبي بأنه الأفضل، ولكن أنا أشجّع على القراءة لأعمال الجيل الصاعد، وكأمثلة ليس إلّا، هناك "أطياف كاميليا"، لنورا ناجي، و"لون مثالي للغرق" لضحى صلاح، و"بوجارت اعزف لي لحناً كلاسيكياً"، لجيلان صلاح.