بعد ثقة البرلمان.. ما أبرز ملفات الحكومة اللبنانية الجديدة؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث للصحافيين في القصر الرئاسي في بعبدا، لبنان. 10 سبتمبر 2021. - REUTERS
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث للصحافيين في القصر الرئاسي في بعبدا، لبنان. 10 سبتمبر 2021. - REUTERS
بيروت-أ ف ب

تقع على عاتق الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، التي منحها مجلس النواب الثقة، الاثنين، مهمة انتشال البلاد من انهيار اقتصادي غير مسبوق، يشلها منذ أكثر من عامين.

وتشكلت الحكومة اللبنانية في العاشر من سبتمبر الجاري، بتوافق صعب بين الأفرقاء السياسيين، وتتألف من 24 عضواً، بينهم اختصاصيون وامرأة واحدة فقط.

"أولويات الحكومة"

ومنذ صيف عام 2019، يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً، صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، إذ فقدت الليرة اللبنانية نحو 90% من قيمتها أمام الدولار، وبات 78% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بحسب مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، بنسبة 700%.

وقالت مها يحيى، مديرة "مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط"، إن "أولوية الحكومة هي في احتواء الانهيار". ولهذه الغاية، أفاد المحللون بأن الأولوية تكمن في استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وبعد إعلان لبنان التخلف عن سداد ديونه في مايو عام 2020، بدأت الحكومة السابقة، برئاسة حسان دياب، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعقدت جلسات عدة، ما لبثت أن عُلقت بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.

وتشمل لائحة التحديات الطويلة، تحقيق استقرار العملة الوطنية، ومكافحة التضخم المفرط والشحّ الذي يطال مواد رئيسة.

ومع تراجع احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية، شرعت السلطات برفع الدعم تدريجياً عن مواد أساسية، أبرزها الوقود والأدوية.

ولم تخفف سياسة رفع الدعم من أزمة شح حادة، في المحروقات والأدوية. فما زال المواطنون ينتظرون ساعات طويلة أمام محطات البنزين، كما يطلب كُثر من معارفهم في الخارج شراء الأدوية لهم.

وقال ميقاتي، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، الجمعة، إن الدعم يجب أن يتوقف تماماً، مشيراً إلى أن حكومته ستكتفي فقط بدعم أدوية، وخصوصاً تلك الضرورية للأمراض المزمنة.

مهمات صعبة

وسيكون على الحكومة اللبنانية أيضاً استعادة ثقة المجتمع الدولي، الذي يشترط القيام بإصلاحات ضرورية، من أجل حصول لبنان على دعم مالي، يساعده على الخروج من الأزمة. 

وكانت الحكومة السابقة قد وضعت خطة اقتصادية كاملة، تضمنت إصلاح قطاعات عدة، بينها قطاع الكهرباء المهترئ، والقطاع المصرفي، إلى جانب إجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان، إلا أن الخطة لم تخرج إلى النور، جراء اعتراض أطراف عدة عليها، ومع توقف المفاوضات مع صندوق النقد.

وبعد أشهر من المماطلة والجدل بين الأطراف المعنية، وقع وزير المالية الجديد يوسف الخليل، الجمعة، عقد التدقيق الجنائي مع شركة "ألفاريز ومارسال"، الذي عُلق في خريف عام 2020، بعد تعذر حصول الشركة على كافة المستندات المطلوبة من المصرف المركزي.

ويعد تنفيذ التدقيق الجنائي خطوة أساسية، لكونه ورد ضمن بنود خريطة الطريق، التي وضعتها فرنسا، لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي، كما يطالب به صندوق النقد الدولي.

ويرى الخبير الاقتصادي مايك عازار، أنّ الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي يعني "إصلاحين رئيسيين: إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمصرف المركزي، وأيضاً القطاع العام، ولا سيما ديونه".

أما في ما يتعلق بتحقيق استقرار العملة والأسعار "فلا شيء يمكن القيام به" من دون عمليتي إعادة الهيكلة، إذ إن هبوط التضخم وسعر الصرف يعتمدان عليهما إلى حد كبير، وفق عازار الذي يضيف أن الإجراءات لن تسفر إلا عن "تحويل التأثير والتكلفة إلى مكان آخر" داخل الاقتصاد.

وترى مها يحيى، أنّ إحدى العقبات الرئيسة أمام الإصلاح تكمن في "عقلية تقاسم الحصص بين الأحزاب الحاكمة، التي أخرت تشكيل الحكومة، وهيمنت مرة جديدة عليها".

وقالت "يمكنهم استخدام الوزراء في الحكومة لعرقلة أي إصلاح، يرون أنه يقوّض مصالحهم".

الانتخابات التشريعية

وسيكون على عاتق الحكومة الجديدة تنظيم الانتخابات التشريعية المرتقبة، والتي التزم ميقاتي إجراءها في موعدها في مايو المقبل.

وشهد خريف عام 2019 احتجاجات شعبية غير مسبوقة، ضد الطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد والهدر، يأمل كثر أن تُشكل الانتخابات خطوة، وإن صغيرة، على طريق تجديد النخبة السياسية، التي تحكم البلاد منذ عقود ولم تتغيّر تقريباً منذ الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي (1975-1990). 

إلا أن الباحث في العلوم السياسية ميشال دويهي يرى أن الطبقة الحاكمة مستعدة للقيام بأي شيء، على ألا تخسر شيئاً من سلطتها.

وقال "تسعى هذه المنظومة من خلال الحكومة لالتقاط النفس مجدداً"، مضيفاً بشأن الانتخابات "قد يؤجلونها في اللحظة الأخيرة حفاظاً على أنفسهم".

اقرأ أيضاً: