
عقب ما اعتبرته "دليلاً" على تقريرها السابق الذي يفيد بأن روسيا عرضت سراً مكافآت على عناصر مرتبطة بحركة "طالبان" لقتل قوات أميركية في أفغانستان، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" ، اليوم الأربعاء، أن مسؤولين أميركيين اعترضوا بيانات إلكترونية تظهر تحويلات مالية كبيرة من حساب مصرفي تابع لوكالة الاستخبارات العسكرية الروسية إلى حساب مرتبط بـ"طالبان".
ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين مقرّبين من الاستخبارات، تحدثوا شرط عدم كشف هويتهم بسبب البلبلة التي أحدثها تقريرها السابق، أن "محلّلي معلومات استخبارية خلصوا إلى أن عمليات التحويل كانت على الأرجح جزءاً من برنامج مكافآت، أفاد به معتقلون أفغان أثناء استجوابهم".
نتائج تدحض إدارة ترامب
واعتبرت الصحيفة أن اعتراض البيانات الإلكترونية "عزز النتائج التي جُمعت من الاستجوابات، وأدى إلى إضعاف ادعاءات مسؤولي البيت الأبيض أن التقارير الاستخبارية كانت غير مؤكدة لإطلاع الرئيس (الأميركي) دونالد ترامب عليها".
وكان البيت الأبيض قال بعد نشر المقال الأول قبل أيام إن ترامب لم يعلم بهذه التقارير لأنها لم تُرفع إليه بسبب "عدم توافق دوائر المخابرات على صحتها"، مضيفاً أنها تستند إلى "تسريب انتقائي".
دحضت "نيويورك تايمز" هذا التبرير في مقالها الجديد، معتمدة على قول "اثنين من المسؤولين" إن هذه "المعلومات رُفعت إلى ترامب في التقارير اليومية أواخر فبراير"؛ بل ذهبت أبعد من ذلك بنقل قولهما إن "العديد من المسؤولين اعتبروا المعلومات صلبة بما يكفي لتوزيعها على مجتمع المخابرات الأوسع، في مقال بتاريخ 4 مايو، في مجلة المخابرات العالمية التابعة لوكالة المخابرات المركزية، والتي تُسمى عادة The Wire".
ودعّمت الصحيفة مقالها بالقول إن "مسؤولين أفغاناً أفادوا هذا الأسبوع بسلسلة أحداث تتوافق مع رواية المخابرات". ونقلت عنهم قولهم إن العديد من رجال الأعمال الذين يحوّلون الأموال من خلال نظام غير رسمي "حوالة" اعتُقلوا في أفغانستان على مدى الأشهر الستة الماضية، ويشتبه بأنهم جزء من عصابة وسطاء بين وكالة المخابرات الروسية المعروفة باسمGRU، والمسلحين المرتبطين بـ "طالبان".
شبكات محلية مأجورة
أما بشأن نفي "طالبان" قبولها تلك المكافآت الروسية المزعومة، فنقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله إن التركيز كان على "مجرمين" مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بـ"طالبان".
ونقلت أيضاً عن مسؤولَين أفغانيين سابقين قولهما، الاثنين، إن أعضاء الشبكات الإجرامية المحلية نفذوا هجمات لـ"طالبان" في الماضي، ليس لأنهم شاركوا الحركة أيديولوجيتها أو أهدافها، بل مقابل المال، وأنهم كانوا مجرمين مأجورين "ليس براتب شهري، بل مقابل العمل الذي يؤدونه عندما تحتاجهم طالبان". وقال أحد المسؤولَين إن واحداً من هؤلاء المأجورين كان "أحد أقاربه البعيدين"، بحسب "نيويورك تايمز".
وختمت الصحيفة بالتلميح إلى زيادة حصيلة ضحايا الجنود الأميركيين بسبب هذه العمليات المأجورة، إذ قالت إن "20 من أفراد الخدمة الأميركية قُتلوا في عمليات متصلة بالحرب في أفغانستان العام الماضي، وهو أكبر عدد منذ عام 2014".
ترامب يتحدّى "الإعلام الكاذب"
مقابل هذا "الهجوم الإعلامي"، ردّ الرئيس الأميركي بتغريدة أصرّ فيها على أن القضية "مجرد خدعة أخرى" مفبركة بهدف إيذائه وحزبه قبيل الانتخابات المرتقبة في 3 نوفمبر.
وكتب ترامب على "تويتر" أن "قصة المكافآت الروسية هي مجرد قصة أخرى من روايات الأخبار الكاذبة التي تهدف فقط إلى إيذائي والحزب الجمهوري"، قبل 4 أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها مع الديموقراطي جو بايدن.
وأضاف ترامب أن "المصدر السري (الذي سرّب القصة المفترضة) غير موجود، على الأرجح، تماماً كالقصة نفسها". وتحدّى الصحيفة بالقول: "إذا كان لدى نيويورك تايمز الفاقدة للصدقية مصدر، فلتكشفه!".
ويأتي ردّ ترامب أيضاً بعدما اتهمه رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس، الديموقراطي آدم شيف، بأنه "لم يخرج أمام الأميركيين ليقول لهم إنه سيفتح تحقيقاً لمعرفة إذا كان الروس يضعون مكافآت على رؤوس عسكريين أميركيين".
قولبة الرأي العام
وبدأت القضية تحرّك الرأي العام من خلال مطالبة والدة جندي أميركي من بين ضحايا هجوم في أفغانستان بإجراء تحقيق في المعلومات المسرّبة.
وبحسب "نيويورك تايمز"، قالت والدة العريف روبرت أ. هندريكس (25 عاماً) لشبكة "سي إن بي سي"، إنها "مستاءة لعلمها من تقارير إخبارية بشأن شكوك في وفاة ابنها بعملية ناجمة عن مكافأة روسية"، مضيفة "يجب محاسبة الأطراف المسؤولة، إذا كان ذلك ممكناً".