ما هو الحياد الكربوني ولماذا تريد السعودية تحقيقه بحلول 2060؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال إلقاء كلمته المسجلة التي أذيعت في منتدى السعودية الخضراء، 23 أكتوبر 2021 - وكالة الأنباء السعودية
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال إلقاء كلمته المسجلة التي أذيعت في منتدى السعودية الخضراء، 23 أكتوبر 2021 - وكالة الأنباء السعودية
القاهرة - رحمة ضياء

أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، السبت، عن اعتزام المملكة العربية السعودية الوصول إلى الحياد الكربوني في عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني، بما "يتوافق مع خطط المملكة التنموية"، وذلك خلال كلمته بمنتدى "مبادرة السعودية الخضراء" المنعقد في الرياض.

فما هو الحياد الصفري الكربوني، وما أهميته، وكيف تخطط السعودية للوصول إليه؟

ما هو الحياد الكربوني؟

يُقصد بـ"الحياد الكربوني" أو "الحياد المناخي" خفض انبعاثات الكربون إلى أقصى حد، والتعويض عما لا يمكن التخلّص منه.

ويمكن تحقيق ذلك بسبل متعددة مثل استخدام السيارات النظيفة، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والمشاريع الصديقة للبيئة، بعيداً عن التصنيع كثيف الإصدار للانبعاثات، وكذلك التحوّل إلى مصادر الكهرباء الأكثر خضرة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، والتوسع في مبادرات التشجير. 

بدأت عشرات المدن والشركات والمؤسسات حول العالم هذا النهج، لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ما يخفف من آثار التغير المناخي الذي يهدد العالم بأكمله، فيما تعكف السلطات الأوروبية على إعداد تشريعات بهذا الشأن، لتصبح أول قارة تتحول للحياد الكربوني.

لماذا الحياد الصفري الكربوني؟

يُلقي خبراء المناخ باللائمة في تسريع وتيرة الاحتباس الحراري على التراكم الهائل لثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي منذ الثورة الصناعية.

ويحذّر العلماء من أن الفوز في معركة مكافحة تغيّر المناخ لن يكون ممكناً من دون اتخاذ تدابير جذرية لخفض الانبعاثات.

ويستمر ارتفاع التلوّث الناتج عن انبعاث ثاني أكسيد الكربون، إذ سجل عام 2019 رقماً قياسياً جديداً. وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإنه من غير المرجح أن يبلغ ذروته قبل عام 2040، مدفوعاً بالاستخدام المتزايد للوقود الأحفوري.

خطة السعودية للوصول إلى الحياد الصفري

قال الأمير محمد بن سلمان، في كلمته السبت، إن المملكة تتعهد بتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما يمثل "تخفيضاً طوعياً لأكثر من مستهدفاتنا المعلنة المقدرة بنحو 130 طناً سنوياً".

كما أعلن عن "انضمام المملكة للتعهد العالمي بشأن الميثان الذي يستهدف تخفيض الانبعاثات العالمية من الميثان بنسبة 30%"، والحفاظ على معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.

كما أعلنت البدء بالمرحلة الأولى من مبادرات التشجير ضمن مبادرة السعودية الخضراء  بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20% من إجمالي مساحتها، فضلاً عن خطط لتحويل الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة، والانضمام إلى مجموعة من التحالفات العالمية التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة. 

وكل هذه الخطوات، ضمن حزمة من المبادرات تمثل استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال. 

ويأتي هذا الإعلان في إطار حزمة من المبادرات الخضراء سبق أن أعلنت عنها المملكة، وهي مبادرات السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر والشباب الأخضر، وتستهدف زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة وحدها، علاوة على 40 مليار شجرة على مستوى الشرق الأوسط، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، عن طريق التشجير.

جهود مبكرة

وأكد رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة في الأردن أحمد الشريدة، لـ"الشرق" أن المملكة تقوم بجهود لتوفير الكثير من مقومات التنمية المستدامة، ترتكز على رؤيتها لعام 2030.

وأضاف أن تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060 خطة طموحة، بدأت المملكة تعد لها قبل سنوات من خلال التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، والاعتماد على الطاقات المستدامة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من الطاقات النظيفة، رغم كونها من الدول النفطية الكبرى.

وأشار إلى أن مساهمة السعودية والدول العربية مجتمعة لا تتجاوز 5% من الانبعاثات الكربونية العالمية، قائلاً إن "المملكة ليست دولة كثيفة الانبعاثات، وإنما مساهمتها محدودة جداً، إذا ما قورنت بدول مثل الصين والولايات المتحدة الأميركية، المسؤولتين عن النصيب الأكبر من الانبعاثات العالمية".

وتعهدت عشرات الدول بتخفيض انبعاثاتها من الكربون، بموجب اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغيّر المناخ، فيما التزم عدد أقل من الدول بالوصول إلى "صافي الصفر" من انبعاثات الكربون، مثل المملكة المتحدة وفرنسا، التي كانت أول الاقتصادات الكبرى التي تُصدِر تشريعات لتحقيق "صافي صفر" من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050. 

وأضاف الشريدة أن هناك عدداً من المشاريع التي يمكنها أن تساعد المملكة في تحقيق خطتها الطموحة، مثل مشروع نيوم، الذي يرتكز بشكل أساسي على المدن الذكية الخالية من الكربون والاقتصاد الأخضر وكل ما يتعلق بتخفيض الانبعاثات وهي كذلك مدينة صديقة للبيئة من حيث الاستهلاك المستدام.

مبادرات المجتمع السعودي لتحقيق الحياد الكربوني

قال الأكاديمي والناشط السعودي في مجال البيئة فيصل بن سليمان المجلي، لـ"الشرق"، إن المملكة بدأت بالفعل في التوجه نحو المشاريع الخضراء وتخفيض انبعاثات الكربون، موضحاً أن السنوات الماضية شهدت إنشاء عشرات الجمعيات والروابط البيئية بالمملكة، التي عملت على توعية المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة، وخطورة الاحتطاب والرعي الجائر والتصحر، ومشكلات التلوث والتغير المناخي.

وأضاف: "خلال هذه السنوات أقيمت العشرات من الندوات والمحاضرات التوعوية، والمئات من حملات التشجير ونثر البذور في جميع مناطق المملكة بجهود فردية في بداية الأمر، حتى تطورت إلى أن أصبح كثير منها معتمد وله برامج وخطط تنفيذية، تساهم في تحقيق مستهدفات ورؤية المملكة 2030 المتعلقة بتحسين البيئة وجودة الحياة".

وتابع أنه يوجد حالياً ما لا يقل عن 50 جمعية بيئية معتمدة من قبل الجهات الرسمية، تستهدف المساهمة في نشر الوعي بأهمية البيئة، وتشجيع الأفكار والمبادرات المرتبطة بالبيئة، بالتعاون مع المؤسسات ذات الصلة ورجال الأعمال. 

وأشار إلى أن تلك الجهود المجتمعية نتجت عنها "العشرات من حملات التشجير، التي ساهمت في زراعة أكثر من 10 ملايين شجرة خلال الفترة الماضية"، إلى جانب ظهور قوة أمنية بيئية "القوات الخاصة للأمن البيئي" التي تأسست عام 2018، وغيرها من المبادرات والتوجهات الحكومية الجادة في سبيل المحافظة على البيئة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات