إبراهيم أبو بكر كيتا.. نهاية هادئة لحياة سياسية حافلة

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيس مالي السابق إبراهيم أبو بكر كيتا، خلال زيارة إلى باريس، 20 أكتوبر 2015 - AFP
رئيس مالي السابق إبراهيم أبو بكر كيتا، خلال زيارة إلى باريس، 20 أكتوبر 2015 - AFP
دبي-الشرق

بوفاة رئيس مالي السابق إبراهيم أبو بكر كيتا، الأحد، تطوى صفحة مهمة في تاريخ الدولة الغرب إفريقية، إذ كان لكيتا أدوار سياسية مهمة في بلاده طوال نحو 4 عقود، اختتمت بانقلاب عسكري أجبره على الاستقالة في عام 2020.

ولد كيتا عام 1945 في مدينة كوتيالا الواقعة حالياً في جنوب مالي، لأب يعمل موظفاً حكومياً، وكان جده جندياً في الجيش الفرنسي حينما كانت فرنسا تستعمر مالي، وقتل في إحدى معارك الحرب العالمية الأولى.

درس كيتا في مالي، وأكمل الدراسات العليا في السنغال وفرنسا، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في التاريخ والعلوم السياسية والعلاقات الدولية، ثم أصبح باحثاً في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ودرّس مقررات عن السياسات في العالم الثالث في جامعة باريس "السوربون".

في الثمانينيات من القرن الماضي، عاد كيتا إلى بلاده ليعمل مستشاراً لبرنامج دعم ممول من الاتحاد الأوروبي، وسرعان ما بدأت مناصبه الحكومية، إذ عيّن سفيراً لبلاده في كوت ديفوار المجاورة.

عارض كيتا الجنرال موسى تراوري، الرئيس الأسبق الذي أطاح به انقلاب عسكري عام 1991، لكنه برز خلال ولاية الفا عمر كوناري، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مالي، والذي اختار كيتا مستشاراً دبلوماسياً له، قبل أن يعيّنه رئيساً للوزراء بين عامي 1994 و2000، حين استقال بعد خلافات داخل الحزب الحاكم آنذاك "التحالف من أجل الديمقراطية".

وأسس الرئيس السابق حزبه "RPM" عام 2001، واستطاع دخول الجمعية الوطنية (البرلمان) وانتخب رئيساً لها حتى عام 2007.

قيادي صارم

واكتسب كيتا صورة القيادي الصارم، خلال فترة رئاسته للحكومة في النصف الثاني من منتصف التسعينيات، بعد إحباطه إضرابات عمالية. وكان ذلك أحد العوامل التي ساعدته على تحقيق فوز ساحق بأكثر من 77% في الانتخابات الرئاسية عام 2013، بعد خسارته في الانتخابات عامي 2002 و2007.

ارتفعت الآمال بوصول كيتا إلى السلطة في سبتمبر 2013، بعد عام من الانقلاب الذي أطاح بسلفه أمادو توماني توري، خاصة أنه تعهد بمكافحة الفساد الذي كان أحد أكبر الانتقادات لإدارة توري. لكن عهد الرئيس السابق واجه تحدياً كبيراً مع تصاعد المواجهات في شمال البلاد بين الجيش وقوات مسلحة مرتبطة بـ"القاعدة"، وفق وكالة "فرانس برس"، وفشلت محاولات الحكومة للسيطرة على الوضع، رغم التدخل العسكري الفرنسي في مطلع 2013.

وتمتع كيتا في بداية حكمه بدعم واسع من فرنسا المستعمرة السابقة وحلفاء غربيين آخرين، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

كما لاحقت تهم الفساد رئاسة كيتا منذ البداية، ففي عام 2014، جمد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمويلاً بنحو 70 مليون دولار، بعد أن أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه بشأن شراء طائرة رئاسية بقيمة 40 مليون دولار وقرض منفصل للإمدادات العسكرية، بحسب "رويترز".

احتجاجات وانقلاب

فاز كيتا بولاية ثانية عام 2017 بعد حصوله على 67% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية. وفي يونيو 2020، واجه احتجاجات شعبية واسعة على طريقة تعامله مع تمرد المسلحين، بعد عدم تنفيذ اتفاق للسلام وقعه الرئيس السابق مع قادة المتمردين، إلى جانب الفشل في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي المتعثر، إلى جانب بطء الإصلاحات السياسية وتردي الخدمات العامة وتفشي الفساد.

مع تصاعد الاستياء من قيادته، حاول كيتا تقديم تنازلات لمنتقديه، قائلاً إنه منفتح حتى على إعادة انتخابات تشريعية قوبلت بانتقادات، لكن سرعان ما رفض قادة المعارضة تلك المبادرات، وقالوا إنهم لن يتوقفوا حتى رحيل كيتا.

وفي 18 أغسطس 2020 أجبرت مجموعة من العسكريين كيتا على التخلي عن منصبه، بعد احتجازه وعدد من قادة الدولة في قاعدة عسكرية قرب باماكو. 

قال كيتا في ذلك الوقت: "لا أتمنى إراقة دماء لإبقائي في السلطة. لقد قررت التنحي من منصبي".

وبضغط من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، أطلق المجلس العسكري الذي انبثق من التمرد سراح كيتا بعد نحو 10 أيام من احتجازه، وسمح له بالعودة إلى مقر إقامته حيث وضع تحت المراقبة.

وأصيب في الشهر التالي بجلطة دماغية صغيرة تلقى على إثرها العلاج في دولة الإمارات، وظل في حالة صحية سيئة منذ ذلك الحين، حتى وفاته في منزله، الأحد، عن عمر ناهز 76 عاماً، من دون أن يكشف عن سبب الوفاة. 

جاء رحيل كيتا، في الوقت الذي تشهد فيه بلاده اضطراباً سياسياً، بعدما وافقت "إيكواس" هذا الشهر على فرض عقوبات على مالي، بعد اقتراح ببقاء المجلس العسكري في السلطة لمدة قد تصل إلى خمس سنوات قبل إجراء انتخابات، رغم المطالبة الدولية بأن يحترم المجلس تعهداً سابقاً بإجراء الانتخابات في فبراير.

تصنيفات