تسرب "نورد ستريم".. الاتحاد الأوروبي يتهم روسيا والناتو يتوعد بـ"رد حازم"

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة من الأقمار الصناعية تظهر غازاً من خط أنابيب نورد ستريم يتدفق في الماء في بحر البلطيق، 29 سبتمبر 2022. - REUTERS
صورة من الأقمار الصناعية تظهر غازاً من خط أنابيب نورد ستريم يتدفق في الماء في بحر البلطيق، 29 سبتمبر 2022. - REUTERS
دبي/ بروكسل/ موسكو/ واشنطن -الشرقوكالات

قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، إن وزراء الاتحاد سيناقشون، الجمعة، تداعيات تسرب الغاز من خطي "نورد ستريم" في بحر البلطيق فضلاً عن وضع سقف لأسعار الغاز الروسي، في حين توعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرج، الخميس، بـ"رد حازم" على أي هجوم متعمد يستهدف البنية التحتية للحلفاء، في أعقاب ما وصفها بـ"أعمال تخريب" استهدفت "نورد ستريم".
              
وذكر حلف الناتو في بيان: "تشير كافة المعلومات المتاحة حالياً إلى أن هذا (التسريب في خطوط غاز) حدث نتيجة أعمال تخريب متعمدة ومتهورة وغير مسؤولة".

وأضاف: "نحن، كحلفاء، ملتزمون بالاستعداد والردع والدفاع في مواجهة الأساليب القسرية في استخدام الطاقة.. من جانب جهات حكومية وغير حكومية. وأي هجوم متعمد ضد البنية التحتية الحيوية للحلفاء
سيقابل برد موحد وحازم".

تسرّب رابع

ورُصد تسرّب للغاز في موقع رابع من خط أنابيب "نورد ستريم" في بحر البلطيق، الخميس، المُستهدف بعمليات تخريب "غير مسؤولة" وفق حلف شمال الأطلسي، في حين دعت موسكو إلى إجراء "تحقيق".

وكشف خفر السواحل السويدي عن التسرّب الرابع في الجانب السويدي ليضاف إلى تسربات في 3 مواقع أخرى سبق أن كُشف عنها في البلطيق أحدها في الجانب السويدي أيضاً واثنان منها في موقعين في الجانب الدنماركي.

ولم يتمكن خفر السواحل السويدي على الفور من تحديد سبب الإبلاغ عن التسرب الجديد بشكل متأخر. لكنهم أشاروا إلى أن التسرّبين في الجانب السويدي حصلا في المنطقة نفسها.

اتهامات متبادلة

من جانبه شدد الكرملين، على لسان المتحدث باسمه ديميتري بيسكوف، الخميس، على أن منطقة تسرب الغاز تشهد تواجداً لسفن "الناتو"، وذلك في معرض حديثه عن التقارير الأوروبية التي رصدت وجود سفن روسية بالقرب من مواقع التسرب. 

ودعا متحدث الكرملين إلى إجراء تحقيق دولي في حادث التسرب لمعرفة أسبابه، مشيراً إلى أن موسكو "تشتبه في ضروع دولة أجنبية في الحادث" لكن دون تسمية دولة بعينها.

وقال بيسكوف للصحافيين: "من الصعب جداً تصوّر أن يحدث عمل إرهابي كهذا دون ضلوع دولة ما"، داعياً من جديد إلى إجراء "تحقيق عاجل".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، في وقت سابق الخميس، إن منطقة التسرب تخضع لسيطرة الاستخبارات الأميركية. 

ورصدت مصادر أمنية أوروبية في وقت سابق من الأسبوع الجاري، سفن دعم تابعة للبحرية الروسية، وذلك على مقربة من مواقع التسريب في خطي أنابيب "نورد ستريم"، التي يُحتمل أن تكون ناجمة من انفجارات تحت الماء

ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصدرين استخباراتيين غربيين قولهما، إنه "من غير الواضح ما إذا كان ثمة علاقة بين تواجد هذه السفن ووقوع الانفجارات، لكن يبقى هذا من بين عدة عوامل سيبحث فيها المحققون".   

وقال أحد المسؤولين، إنه "تم أيضاً رصد غواصات روسية غير بعيدة عن مناطق التسريب الأسبوع الماضي"، فيما أكد 3 مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة "ليس لديها تفسير شامل حتى الآن لما حدث"، بعد مرور أيام من وقوع 3 تسريبات منفصلة ومتزامنة في خطي الأنابيب، فضلاً عن تسريب رابع، أعلنته السويد، الخميس. 

من جانبه، أوضح مسؤول عسكري دنماركي للشبكة أن السفن الروسية "تعمل بشكل روتيني في المنطقة"، مشدداً على أن وجود هذه السفن "لا يشير بالضرورة إلى أن روسيا تقف خلف الأضرار التي لحقت بخطي الأنابيب". 

وأضاف: "نرى (هذه السفن) أسبوعياً"، مؤكداً أن "الأنشطة الروسية في بحر البلطيق زادت في السنوات الأخيرة (...) لأنهم يختبرون في كثير من الأحيان مدى وعينا، سواء في البحر أو في الجو".  

ورغم ذلك، اعتبرت "سي إن إن" أن "ما تم رصده لا يزال يلقي بظلال من الشك على روسيا، التي لفتت بقوة انتباه المسؤولين الأوروبيين والأميركيين باعتبارها الجهة الفاعلة الوحيدة في المنطقة التي يُعتقد أن لديها القدرة والدافع لإلحاق أضرار متعمدة بخطي الأنابيب".   

"أعمال تخريبية" 

وبدأت كل من الدنمارك والسويد إجراء تحقيقات بهذا الشأن، ولكن لم يتم بعد معاينة الموقع، ومن ثم تبقى التفاصيل الخاصة بأسباب الانفجارات "غامضة".  

وفي هذا الإطار، قال مسؤول أوروبي إن الحكومة الدنماركية "تعد تقييماً"، موضحاً أن الأمر قد يستغرق أسبوعين "لبدء تحقيق على نحو مناسب، لأن الضغط في خطوط الأنابيب يجعل من الصعب الاقتراب من مواقع التسريب"، فيما كشف مصدر آخر مطلع أن التحقيق "يمكن أن يبدأ الأحد".  

وكان رئيسا وزراء الدنمارك والسويد، قالا، الثلاثاء، إن التسريبات نجمت على الأرجح عن "أعمال متعمدة"، فيما قال جهاز الأمن السويدي في بيان، الأربعاء، إنه لا يستبعد "وجود قوة أجنبية وراء هذا العمل".  

ووصف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان عبر "تويتر" التسريبات بأنها "عمل تخريبي واضح"، كما أشار حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي إلى أنه بمثابة "عمل تخريبي".

تحقيقات

وتتولى الحكومة الدنماركية الآن التحقيق، وأقامت منطقة حظر بحري بطول 5 أميال بحرية، ومنطقة حظر طيران بطول 1 كيلومتر، وفقاً لما قالته مصادر أوروبية مطلعة لـ "سي إن إن".  

وأشارت الشبكة الأميركية إلى أنه "بخلاف سوليفان، التزم المسؤولون الأميركيون الحذر التام مقارنة بنظرائهم الأوروبيين في التوصل إلى استنتاجات بشأن التسريبات".  

وقال مسؤول عسكري أميركي رفيع، الأربعاء: "أعتقد أن العديد من شركائنا قرروا، أو هكذا يعتقدون على أقل تقدير، أنه عمل تخريبي، ولكنني لم أبلغ بعد المرحلة التي يمكنني أن أتحدث معكم فيها عن أي تفاصيل بطريقة أو بأخرى".             

وأضاف: "الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أننا نعتقد أن عمق الماء في المنطقة التي يمتد فيها خط الأنابيب بين 80 و100 متر. وبخلاف ذلك، ليس لدي أي معلومات أخرى".    

على الجانب الآخر، قال مسؤولان أميركيان، أحدهما عسكري، إن روسيا لا تزال "المشتبه به الرئيسي"، على افتراض أنه تم تأكيد التقييم الأوروبي للتخريب المتعمد، "لأنه لا يوجد مشتبه بهم آخرون لديهم القدرة والدافع لتنفيذ هكذا عملية".  

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بناء على طلب روسيا، لبحث مسألة تسرب الغاز، الذي يستمر لليوم الثالث على التوالي، فيما أعلنت السويد اكتشاف تسرب رابع جديد.

"خطوة ثمينة"

ورأت "سي إن إن" أنه، حال كانت روسيا هي من نفذت الانفجارات، فإنها "تدمر فعلياً خطوط الأنابيب التي تملكها، إذ تمتلك شركة غازبروم النصيب الأكبر من نورد ستريم 1، فيما تنفرد بامتلاك نورد ستريم 2".   

ولكن المسؤولين المطلعين على آخر المعلومات الاستخباراتية قالوا إن "موسكو ستنظر على الأرجح إلى هذه الخطوة باعتبارها جديرة بالثمن الذي تكلفته، إذا ساعدت في رفع كلفة دعم أوروبا لأوكرانيا". 

ويعتقد المسؤولون الاستخباراتيون الأميركيون والغربيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يقامر" على أنه في ظل ارتفاع تكاليف الكهرباء، ومع اقتراب فصل الشتاء، قد تنقلب الشعوب الأوروبية ضد الاستراتيجيات الغربية القائمة على عزل روسيا اقتصادياً.  

وخفضت موسكو إمدادات الغاز لأوروبا عبر خط "نورد ستريم 1" قبل تعليق تدفقها بشكل كامل في أغسطس، ملقية باللائمة على "العقوبات الغربية" في التسبب بـ"صعوبات فنية"، ما اعتبره السياسيون الأوروبيون "ذريعة" لوقف إمدادات الغاز. 

ولم يدخل خط "نورد ستريم 2" بعد العمليات التجارية، بعدما ألغت ألمانيا خطة استخدامه قبيل أيام من غزو القوات الروسية لأوكرانيا، في أواخر فبراير. 

وعلى مدى أشهر، حذر مسؤولون أميركيون وأوربيون وأوكرانيون من احتمالية استهداف البنية التحتية الحيوية، ليس فقط في أوكرانيا، وإنما أيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا من قبل روسيا، كجزء من حربها في أوكرانيا.  

كما حذرت الولايات المتحدة العديد من حلفاءها الأوروبيين، وبينهم ألمانيا، من أن خطي "نورد ستريم 1و 2" قد يواجهان تهديدات، وربما يتعرضان لهجوم، وفقاً لما قاله شخصان مطلعان على المعلومات الاستخباراتية والتحذيرات.

واستندت التحذيرات على تقييمات استخباراتية أميركية، إلا أنها "اتسمت بالغموض"، وفق "سي إن إن"، إذ لم توضح هوية من قد يكون مسؤولاً عن أي هجوم على خطي الأنابيب، أو توقيت حدوثه.  

اقرأ أيضاً:

تصنيفات