مذكرات الأمير هاري تهدد العائلة المالكة في بريطانيا بـ"تداعيات كارثية"

time reading iconدقائق القراءة - 10
ملك بريطانيا تشارلز الثالث وشقيقته الأميرة آن ونجليه الأميرين وليام وهاري خلال مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية في لندن. 19 سبتمبر 2022 - AFP
ملك بريطانيا تشارلز الثالث وشقيقته الأميرة آن ونجليه الأميرين وليام وهاري خلال مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية في لندن. 19 سبتمبر 2022 - AFP
دبي - أحمد هاشم

اعتبر خبراء ومحللون أنه تقع على عاتق الملك تشارلز الثالث مسؤولية التدخل، ومحاولة تسوية الخلاف بين نجليه، أمير ويلز وليام، ودوق ساسكس الأمير هاري، بعد نشر مذكرات للأخير تضمنت تفاصيل شخصية، وصفتها وسائل إعلام بأنها "كارثية".

ولا يكتفي كتاب الأمير هاري "سبير" (الاحتياطي)، الذي طرح للبيع في إسبانيا، الخميس، أي قبل 5 أيام من موعد إصداره الرسمي في بريطانيا، بعرض تفاصيل شخصية دقيقة مثل تعاطي الأمير هاري للمخدرات، وأمثلة أخرى بشأن التنافر الأسري داخل العائلة، بحسب "رويترز".

ويشير الكتاب إلى أن الأمير وليام أمير ويلز ووريث العرش وشقيق هاري الأكبر، أوقع أخاه أرضاً في شجار، وإن الشقيقين توسلا إلى والدهما الملك تشارلز ألا يتزوج كاميلا التي أصبحت الملكة.

وقال ناقدون إن الكتاب أدخل العائلة المالكة في أكبر أزماتها منذ مسلسل عُرض في التسعينات، وتناول انهيار زواج تشارلز من الأميرة الراحلة ديانا والدة وليام وهاري. ويأتي كل هذا بعد 4 أشهر فقط من وفاة الملكة إليزابيث، وتولي تشارلز العرش.

"مسؤولية الأب"

وفي تعليق على الوضع الراهن لعلاقة الأخوين، قال طبيب نفسي لصحيفة "إندبندنت": "ليس بالضرورة أن يكون الصراع أمراً سيئاً. يمكن أن يكون أمراً جيداً إذا تم التعامل معه بشكل صحيح. لكن ينبغي توخي الحذر بشأن نشر الغسيل المتسخ على الملأ".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الأمور، ربما، لا يفهمها أحد أفضل من أفراد العائلة المالكة، الذين اشتهروا بتربيتهم على فلسفة "لا تتذمر أبداً، ولا تفسر أبداً"، وهذا ما يجعل الأمور الشخصية التي كشف عنها الأمير هاري في مذكراته مفاجئة للغاية. 

من جانبها، حذّرت إيما سيترون، استشارية علم النفس الإكلينيكي من أن "العداء بين الأشقاء يمكن أن يكون مدمراً بشكل كبير للعائلات"، مضيفة: "كلنا نعرف عائلات انقسمت تماماً بسبب جدل أو موقف أو سلوك".

وقالت إن "الوسيلة النموذجية للمصالحة في مثل هذه الحالات هي العلاج الأسري". وأضافت: "كنت سأقترح محاولة الجلوس، وتلقي علاج للأشقاء، في وجود أو غياب الأب، وعلى الأغلب معه".

ووفقاً للصحيفة، يوصي العديد من علماء النفس بمشاركة أحد الوالدين في وقف العداء بين الأشقاء. علماً أن مذكرات الأمير هاري تكشف عن محاولة للتقارب نوعاً ما، ربما سعى إليها بالفعل الملك تشارلز.

ففي مذكراته، كشف الدوق أن الملك ناشده وشقيقه حتى لا يجعلا سنواته الأخيرة "بائسة" بعد جنازة الأمير فيليب في عام 2021، وانتقد هاري والده لعدم معانقته عندما أخبره بوفاة والدته الأميرة الراحلة ديانا.

ورجحت الصحيفة أن الملك المستقبلي آنذاك (تشارلز)، ربما كان يحاول تهدئة الأجواء بين نجليه، اللذين وقفا على جانبيه "بوجوه محمرة من الغضب"، بحسب الأمير هاري في مراسم جنازة الملكة إليزابيث.

"تداعيات كارثية"

من جانبها، حذرت محللة شؤون الأسرة المالكة، وكاتبة السيرة الذاتية للملك تشارلز "تشارلز: قلب ملك"، من تجاهل "التداعيات الكارثية تماماً" للهجمات على سلوك العائلة المالكة في المذكرات الجديدة لدوق ساسكس.

وفي حديث لصحيفة "الجارديان"، أعربت عن اعتقادها بأن النشر المبكر للطبعة الإسبانية من مذكرات "سبير" ركز على خلافات شخصية، بعضها سببه آلة الدعاية الملكية، وهذا "يمكن أن يهدد الملكية الدستورية"، سواء كان الشعب البريطاني يدعو إلى مثل هذا التغيير أم لا.

ورجحت أن "هذا الأمر يمثل بداية نهاية النظام الملكي، وهذا ما ينبغي علينا مناقشته. إنه أمر مهم، بالنظر إلى ضعف الثقة في الدولة في الوقت الراهن، وتصاعد السياسات اليمينية. تحول أفراد العائلة المالكة إلى متنفس للغضب من العنصرية وكراهية النساء والثروة. هذه، في نهاية المطاف، مؤسسة تدافع عن عدم المساواة، لذلك ثمة أمور كبيرة على المحك".

واعتبرت أن المسائل الجوهرية التي طرحها الأمير هاري في سلسلته على "نتفليكس"، وكتابه الجديد، بالإضافة إلى مقابلات أجراها مع الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري، وقناة "آي تي في" البريطانية، يجري التهرب منها.

وتوقعت أن الاتهامات بـ"التنمر والعنصرية وكراهية النساء، فضلاً عن التمييز الطبقي الذي يدعمه النظام الملكي سوف تتجمع في نهاية المطاف، لتقويض أساس القبول (الشعبي) الذي تحكم بموجبه الأسرة المالكة، إذا لم يتم، إذا لم يتم التصدي لها".

وتابعت: "هناك سوء فهم عام أن هذه قصة خفيفة عن معلم سياحي بريطاني. الاستقطاب على جانبي الخلاف يصاغ على أنه دفاع عن الملكية، لكن الأمر ليس كذلك". 

وأردفت: "هذه ليست مجرد قصة عن المشاهير. ما نتحدث عنه هو وضع مؤسسة حكومية مهمة، تتمتع بسلطات كبيرة وتمويل كبير من دافعي الضرائب، لذلك سواء كنت مؤيداً أو مناهضاً للملكية، فإن الأمر يستحق أن يؤخذ في الاعتبار بجدية".

"اغتيال معنوي"

صحيفة "صنداي تايمز" اعتبرت أن دوق ساسكس كان يبذل قصارى جهده للحصول على رد فعل من أخيه الأكبر، فبدأ بإجراء مقابلة أوبرا وينفري، ثم فيلم وثائقي على "نتفليكس"، والآن "المعركة الفاصلة" للأخوين في صورة مذكراته التي تحمل عنوان "سبير".

وأشارت إلى "الحديث الجنس والمخدرات، وقتل عناصر طالبان"، معتبرة أن مذكرات الأمير هاري "تثير الدهشة بلا ريب"، لكنها تبدو تتضاءل بالمقارنة بـ"اغتياله المعنوي".

ونقلت عن صديق مقرب من كلا الأخوين، قوله إن ولي العهد رد على المذكرات بالتزام صمت مطبق، لأن الانتقام ليس هو ما يسعى إليه الأمير وليام.

وأضاف: "لن ينتقم، لن ينتقم أبداً، لأنه وقور ومخلص بشكل لا يصدق. وليام هدف سهل، لأن هاري يعلم أنه لن ينتقم. كم عدد الطلقات التي يمكنك أن تطلقها على هدف سهل؟".

وتابع: "إنه أمر قاس وخسيس ومحزن للغاية بالنسبة لوليام أن يواصل تلقي اللكمات. إنه يلتزم الصمت من أجل خير عائلته ووطنه".

وأشار إلى أنه "بينما كان يفكر بهدوء في انفجار قنابل أخيه اليدوية في أكثر من 416 صفحة مسربة، على الرغم من أنه لم يناقشها إلا مع أقرب أفراد عائلته ومجموعة صغيرة من الأصدقاء، كان وليام يتألم".

 وأردف الصديق: "إنه قلق وحزين. إنه يركز على زوجته وأطفاله، هذا ما لديه. عليه أن يركز عليهم، وأن يبحث عن بقية أفراد العائلة المالكة. إنه يتعامل مع الأمور بشكل جيد من الخارج، ويحترق من الداخل".

صمت الأسرة المالكة

وعن صمت الأسر المالكة حتى الآن، قال أحد مساعدي القصر: "ما الفائدة من الانطلاق باتجاه السيارات المسرعة؟ ليس هناك شعور بأن جدران القصر تنهار من حولنا، نحن نركز فقط على المضي قدماً في العمل". 

وقال مستشار ملكي: "مثل ابنه الأكبر، سيعود الملك أيضاً إلى تحركاته الأسبوع المقبل. ماذا يريد هاري من العائلة؟ إنه يريد التصديق بنسبة 100% على صحة قصتهم، ويريد من القصر أن يقول إننا آسفون بطريقة تقول إن كل ما قلناه منذ (مقابلة) أوبرا صحيحة. هذا لن يحدث، لأنه ليس كل هذا صحيح. سوف يترفع القصر عن ذلك ويسمح للوقت بلعب دوره".

وعلى نحو مماثل، قال أحد المصادر: "إنهم بحاجة إلى بعض المصالحة، فهذا يقوض المؤسسة بأكملها".

إعادة التواصل

وقال الأمير هاري إنه يريد "إعادة التواصل" مع والده الملك تشارلز الثالث وشقيقه وليام، الذي كان يبدو في السابق قريباً جداً منه، في مقابلة تلفزيونية مع برنامج "60 دقيقة" على قناة CBS الاميركية. 

لكن العلاقة تبدو متوترة، ففي وثائقي طرحته "نتفليكس" الشهر الماضي، اتّهم هاري وميجان العائلة الملكية بالكذب وبالتقصير في حمايتهما.

كما حمل هاري على شقيقه وليام، قائلاً إنه "صرخ" في وجهه خلال لقاء عائلي عام 2020، حضرته الملكة إليزابيث الثانية.

ويتهم دوق ودوقة ساسكس، الأمير وليام وزوجته كيت بالتسبب في التغطية الصحافية السلبية، لأنهما "يسرقان الأضواء" من سائر أفراد العائلة.

وفي مارس 2021، اتهم هاري وميجان في مقابلة صادمة، العائلة الملكية بالعنصرية.

وتعيش العائلة الملكية البريطانية حالياً فترة انتقالية، بعد اعتلاء تشارلز الثالث العرش عقب وفاة إليزابيث الثانية في 8 سبتمبر الماضي.

ويأتي عنوان الكتاب المنتظر "الاحتياطي" من اقتباس كثيراً ما جرى تداوله في الدوائر الأرستقراطية البريطانية، عن الحاجة لوريث للعرش وبديل احتياطي له.

ووفقاً لـ"الجارديان"، ينسب الأمير هاري لوالده الملك تشارلز القول يوم مولده لوالدته ديانا: "رائع! الآن منحتيني وريثاً واحتياطياً.. مهمتي تمت"، وتفسر كلمة spare أيضاً بـ "قطعة غيار".

وأشارت "الجارديان" إلى أن الكتاب يروي أيضاً "مواقف ومحادثات شديدة الخصوصية"، مثل وصف لذكرياته عن والدته الراحلة وحبه لها، وعن جدته الملكة إليزابيث التي توفيت العام الماضي عن 96 عاماً.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات