ديفيد شينكر في حوار خاص مع "الشرق": في الغرب "أغبياء" يخدمون طهران

time reading iconدقائق القراءة - 18
نائب وزير الخارجية الأميركية الأسبق ديفيد شينكر خلال مقابلة مع "الشرق" - "الشرق"
نائب وزير الخارجية الأميركية الأسبق ديفيد شينكر خلال مقابلة مع "الشرق" - "الشرق"
واشنطن-تيما رضا

شدد مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، على "الدور الكبير للمملكة العربية السعودية كدولة رائدة في المنطقة والعالم". وقال في حوار خاص مع "الشرق" إنه "لم يعد بإمكان الإدارة الأميركية فرض إملاءات على الرياض". 

وثمّن المسؤول الأميركي "الدور الذي لعبته السعودية في التصدي لإيران"، ورأى أن ما يحصل في إيران انتفاضة جديدة على القمع المستمر من قبل النظام الإيراني، مبدياً مخاوفه من "إجرام" النظام ومن ازدياد قسوة القمع بعد عودة رئيسي (الرئيس الإيراني إبراهيم) من اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك.

أما في ما يتعلق بالعراق، فرأى شينكر أن "الوضع ذاهب إلى التأزم طالما أن إيران لن تتورع عن القتال حتى آخر شيعي عراقي". وفي لبنان، دعا شينكر المعارضة إلى "الاتحاد في مواجهة حزب الله"، مبدياً تخوفه من "تمسك الرئيس اللبناني ميشال عون بالسلطة". وتطرق إلى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، كاشفاً أن "التوقيع بات قريباً".  وفي ما يلي نص الحوار مع "الشرق":

السعودية.. الشراكة والدور

لنبدأ جولتنا في قضايا المنطقة من المملكة العربية السعودية، كيف تنظرون إلى دورها على صعيد الخارج والداخل؟
يجب ألا ننسى أن المملكة العربية السعودية هي البلد الوحيد الذي وقف في وجه إيران ودافع عن نفسه. والسعودية اليوم، هي البلد العربي الوحيد، الذي يذهب شبابه للدراسة في الخارج، ويعودون إلى وطنهم. وهذا دليل على مدى دعمهم لرؤية ولي العهد. أنا لا أقول إنه لا يوجد بعض الثغرات التي لا تزال موجودة، ولكن من يزور السعودية الآن يرى الفارق الذي أحدثه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في داخل المملكة، لقد تغيرت صورة السعودية بشكل كلي. السعوديون لم يعودوا بحاجة إلى الخروج للسياحة، إنهم يبقون في بلدهم يشاهدون مثلاً ماريا كاري تغني. ما يحصل في السعودية تغير مدهش، يجب أن تحاول المنطقة الاقتداء به.

ما رأيك بما حققته المملكة من إنجازات في السنوات الأخيرة؟ 
رؤية السعوديين تتضمن العديد من الخطط الاقتصادية، لديهم العديد من المواد الأولية، ومع ذلك يسعون إلى بناء اقتصاد لا يرتكز فقط على النفط. ومن أهم إنجازات محمد بن سلمان على الصعيد الدبلوماسي العالمي هي "أوبك بلس" +OPEC، والآن مع الحرب مع أوكرانيا لن يتخلى عن الدور. 

وأعتقد أن على الولايات المتحدة العمل على تنويع علاقتها بالمملكة العربية السعودية، لأننا لا نستطيع بعد الآن الإملاء على المملكة ما يجب فعله. نحن شركاء، وهم ليسوا شركاء صغار، بل هم ثابتون ومتقدمون داخلياً، ولاعبون دوليون أساسيون. ولن يستطع الرئيس بايدن أن يملي عليهم ما يريد، وأن يحدّد طلباته في  +OPEC وينتظر التنفيذ. 

معركة حريات إيرانية

مقتل مهسا أميني أجّج الشارع الإيراني الذي احتج سابقاً على الأوضاع الاقتصادية، هل يمكن القول إننا أمام معركة حريات تخوضها المرأة الإيرانية اليوم؟ وإلى أين تتجه الأمور؟

ما تشهده إيران اليوم هو "انتفاضة" عنوانها الحجاب، لكنها في العمق بمنزلة انتفاضة سياسية بوجه هذا النظام، الذي يمعن في قتل وتجويع شعبه. من الصعب التكهن إلى أين تتجه الأمور، لأن النظام الإيراني مجرم، ولن يتورع عن استخدام العنف المفرط والقتل، كما حصل في عام 2009 (احتجاجات الحركة الخضراء). سقط شاه إيران (عام 1979)، لأنه رفض قمع التظاهرات بقتل الشعب، وهذا هو الفرق بينه وبين هذا النظام الحالي، المستعد لقتل شعبه وارتكاب المجازر بحق المدنيين. 

هل تعتقد أن قمع التظاهرات سيأخذ منحى أكثر قسوة مع عودة الرئيس الإيراني من نيويورك؟ 
لم يكن رئيسي ليعرّض نفسه للانتقادات بين رؤساء العالم في نيويورك، إذ إنه يعلم أنه ومنذ ما قبل اندلاع التظاهرات، هناك أصوات في الولايات المتحدة نادت بحجب تأشيرة الدخول عنه، لأنه متورط بقتل نحو 5 آلاف إيراني على الأقل. وأعتقد أن القمع سيشتد، وستسوء الأمور لأن رئيسي (الرئيس الإيراني إبراهيم) لم يرِد لفت الانتباه تجاه ما يحصل، وحاول التقليل من أهميته، ويكفيه فضيحة رفض كريستيان أمانبور وضع الحجاب لمقابلته، وهي المعروفة أنها سبق أن فعلت ذلك في مقابلة الرؤساء الإيرانيين في إيران، إلاّ أنها رفضت فعل ذلك في نيويورك قائلة: "هذه ليست أرضاً إيرانية". 

"أغبياء في خدمة طهران"

رفع رئيسي صورة قاسم سليماني في الأمم المتحدة، ألا تلعب الديمقراطية الأميركية دوراً، وإن غير مباشر، بالتساهل مع النظام الايراني؟

هذه ليست فقط مشكلة الولايات المتحدة، أو إدارة معينة في البلاد. حكومة رئيسي ورجال النظام يقتلون الإيرانيات والمتظاهرين في الداخل الإيراني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيسي في نيويورك. نرى حكومات ارتكبت جرائم بحق شعبها يتم عزلها، إلا أن الحكومة الإيرانية تقتل شعبها، ويتم استقبالها عالمياً.

ما السبب في ما تقول؟
هناك ما تجوز تسميته بـ"الأغبياء في خدمة النظام الإيراني" في الغرب. وبين هؤلاء مَن يزور إيران فينبهر بما يراه، من الشعب والطعام والعادات. وبالطبع من يذهب إلى هناك، يتجنّب انتقاد النظام الإيراني، حتى لا يخسر فرصة الذهاب مرة أخرى. وهكذا يمكن القول إنه بات للنظام الإيراني "فرقة مشجعين" في الغرب، من الذين يريدون الحفاظ على الطريق إلى إيران. 

وهناك أشخاص، وهنا نستطيع وضع الرئيس الأسبق باراك أوباما في هذه المجموعة، يعتقدون "أن العرب "قبائل مع رايات"، أمّا الفرس فهم "الحضارة"، ويستحقون الفرصة في إبراز وجههم الحضاري خارج حدودهم، وسمعنا ذلك من الرئيس أوباما، قبيل توقيع الاتفاق النووي الإيراني في تلك الفترة. 

ولم ترَ هذه المجموعة في إيران نظاماً ذا مخططات توسعية يسعى للهيمنة على المنطقة. لا بل اعتقدت أنه بالحوار معه يمكن إعادته إلى أحضان المجتمع الدولي، وجعله أكثر ليونة. ولكن الحقيقة هي أنه نظام قائم على التشدد، ويحاول التمدد لتعميم هذه الثورة، ولذلك يزرع الميليشيات في المنطقة، من أجل زعزعة أو حتى السيطرة على بعض البلدان، معتبراً إياه حقه الطبيعي، وهنا نتكلم عن النظام وليس عن الشعب الإيراني. 

"تبدل المواقف"

لطالما قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إن خيار استخدام القوة ضد النظام الإيراني مطروح على الطاولة.. أما إدارة الرئيس بايدن، فتبدو أكثر ليونة مع النظام، ألا يطلق هذا التبدل بالمواقف يد إيران أكثر في المنطقة؟
إن خصوصية الأنظمة الشمولية، كالصين وإيران وتركيا، تكمن في أنه يمكن للرئيس أو المرشد أن يبقى في السلطة إلى ما لا نهاية. أما الأنظمة الديمقراطية، فقوتها أو ضعفها يكمنان في أن السلطة تتغير. وللانتخابات ثقل، الإدارات تتبدل ولكل منها قناعات ومقاربات مختلفة. وفي ما يخص العلاقة مع إيران، فقد حكم هذه العلاقة توقيع الاتفاق النووي ومن ثم الانسحاب منه والآن الجمهوريون يؤكدون أنه إذا أتت نتائج الانتخابات لمصلحتهم، فسينسحبون مجدداً من الاتفاق. 

يسعى رئيسي إلى انتزاع ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة مجدداً من الاتفاق، وهذا مستحيل لا يمكن لأي إدارة تقديم مثل هذه الضمانات، لأنها ستكون بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ. 

علماً أن التبدل في المواقف تجاه الإدارات لا ينطبق على إيران فقط، فالإدارة السابقة أدركت مدى أهمية العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وأدركت الخطر الذي واجهته المملكة من ميليشيات الحوثي التابعة لإيران في اليمن، فقدمت الدعم للمملكة في حربها على هذه الميليشيا، وأكدت حقها بالدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات. ومن ثم وصل بايدن إلى سدّة الرئاسة واختلف الوضع، وإن حاول تدارك الأمر أخيراً. وفي حال عودة الجمهوريين إلى الإدارة الأميركية، فسنشهد حتماً عودة العلاقات الجيدة والاستراتيجية مع السعودية كحلفاء، هناك أخطاء تحصل في بعض المواقف المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن لننظر إلى مصر، لا يؤثر ما يحصل هناك في موضوع حقوق الإنسان، في المساعدات التي تحصل عليها من الولايات المتحدة، والتي تصل 1,3 مليار دولار في السنة.

بديل خامنئي وأذرع طهران

لم يستطع قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" اسماعيل قآني أن يملأ الفراغ الذي خلفه اغتيال قاسم سليماني. هل تعتقد أنه بوفاة خامنئي سيتكرر المشهد؟ 
لست متخصصاً بالشأن الإيراني، ولكني أتابع عن كثب. نظام ولاية الفقيه لن يتغير. وهناك رأي يقول إن خامنئي هو "المعتدل"، وفي حال وفاته فإن "الحرس الثوري" سيستلم السلطة، وسيكون له تأثير أكبر في السياسة الإيرانية. ومن غير الواضح ما إذا كان خامنئي سيتمكن من تسليم ابنه ليخلفه. قد يكون خلف خامنئي أسوأ أو أفضل منه، ولكن لا أرى أن هناك أي تأثير في النظام كنظام.

هل يشمل الاتفاق النووي الإيراني أي تعديلات للحد من تمدد النظام في المنطقة، وتقييد أذرعها في العراق واليمن وفي لبنان؟
لا لن يشمل الاتفاق أي بند من خارج الكلام عن السلاح النووي. ولا يوجد أي تطرق إلى أذرع إيران في المنطقة، وهذا الأمر يعود إلى تاريخ توقيع الاتفاق النووي منذ البداية مع إدارة الرئيس أوباما.

للأسف، التوقيع يعني إعطاء الضوء الأخضر لإطلاق أذرع إيران في المنطقة، فمن غير الطبيعي توقيع الاتفاق في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني نقوم باستهداف حلفائهم في المنطقة. وأعتقد أن أوباما لم يقم بأي خطوات تجاه هذه الأذرع خوفاً على الاتفاق. والمضي قدماً في هذا الاتفاق، برأيي سيكرر الأمر، وعندما تقوم القوات المدعومة من إيران باستهداف الجنود الأميركيين بأسلحة إيرانية، سترد القوات الأميركية باستهداف هذه المجموعات. ويجب ألا ننسى إن إيران مستعدة للقتال في العراق حتى آخر عراقي شيعي. 

"مشهد عراقي قاتم"

كيف تقرأ الوضع العراقي، في ظل تعذر تشكيل حكومة؟ وهل هناك تخوف من تأزم الوضع أمنياً في الأيام المقبلة؟
لن أقوم بالتكهن. ولكن المشهد العام يبدو قاتماً. الشعب العراقي قال كلمته في الانتخابات النيابية، وانتخب التغيير. 

قد يكون طموح مقتدى الصدر أن يصبح "آية الله" العراقي، ولا يهمني إن كان يتكلم ضد الوجود الأميركي في العراق، فإن التعاون مع الولايات المتحدة باقٍ بأشكال مختلفة. ومقتدى الصدر هو مَن أمر الحشد الشعبي بالتوقف عن استهداف القواعد الأميركية في العراق، لأنه من دون القواعد الأميركية هناك، سيكون العراق عرضة لعودة داعش.

الشعب العراقي صوّت لسيادة العراق، والإيرانيون لم يتقبلوا الأمر واعتبروه خطاً أحمر، وعطلوا تشكيل الأكثرية للحكومة، وحاولوا الطعن بنتائج الانتخابات. 

برأيي تمت سرقة الانتخابات، في وقت كانت الإدارة الأميركية مشتتة الانتباه عن العراق، وفي حين يزور إسماعيل قآني العراق أسبوعياً، فإن مسؤولَين اميركيَين اثنين فقط زارا العراق في الأشهر الـ11 الأخيرة. 

ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

يعاني لبنان تقريباً ما يعانيه العراق. وأنت شخصياً، وبالاسم، متهم بأنك تتآمر ضد الشعب اللبناني. وتتصدر بعض عناوين وسائل الإعلام في لبنان، ما المؤامرة التي تحيكها الولايات المتحدة ضد لبنان؟

(ضاحكاً) يسمونني Schenker banker. قرأت لأعوام عن جيفري فيلتمان (سفير واشنطن الأسبق في بيروت)، الآن أخذت دوره كرأس المؤامرة الأميركية في لبنان بنظر حزب الله وجبران باسيل وغيرهم. 

أعتقد أن الوقت حان للعديد من الفرقاء في لبنان لتحمل مسؤولية فشلهم، والكف عن لوم الخارج بكونه مسؤولاً عن فشلهم. 

جبران باسيل على سبيل المثال، لامني على خسارته بعض المقاعد في الانتخابات النيابية، واتهمني بأنني موّلت مرشحي المعارضة. ما الذي يقوله هذا الشخص؟ لقد تركتُ الإدارة الأميركية قبل عام من الانتخابات النيابية في لبنان.

أين أصبح ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية؟ 
خطاب نصرالله الأخير أعطى الضوء الأخضر للحكومة اللبنانية بتوقيع الاتفاق. وبحسب معلوماتي فإن لبنان نال مكاسب في الاتفاق، تقريباً نال مئة في المئة من كل ما طلبه لبنان، هناك نقاط خلافية صغيرة يمكن تخطيها بسهولة. 

هل يمكن اعتبار هذا التوقيع بمنزلة انتصار لحزب الله؟
(ساخراً) حتماً حزب الله سيعلنه الانتصار الإلهي الثاني. لا نعلم ما الذي يوجد في البلوكين 9 و 10 ولا نعلم ما الذي يوجد في حقل قانا. ولكني أعتقد أن حزب الله لم يرِد أن يظهر بمظهر المعطِّل للاتفاق في ظل كل ما يعانيه الشعب.  

هل يمكن القول إن إسرائيل خضعت لمطالب لبنان خوفاً من تهديدات نصرالله؟
لا، أعتقد أن إسرائيل لم تقم بأي عمل يمكن أن يضيف تعقيدات لا طائل منها، وأعطت الموضوع بعض الوقت لإفساح المجال أمام الدبلوماسية. وإسرائيل ستنتفع من حقل قانا، وإن عبر الشركة المنقبة. وقد أرادت أن تتخلص من إحدى مشكلات ترسيم الحدود مع لبنان، في خطوة تفرغ سلاح حزب الله من قيمته وذريعة وجوده، بما يلقي بثقل هذا السلاح على الداخل اللبناني.

هل بات توقيع الاتفاق قريباً؟
أجل، أعتقد أن التوقيع بات قريباً. ما يؤسفني أن لبنان سيوقع هذا الاتفاق، من دون أن يكون هناك أي تغيير بالمشهد اللبناني. وفي ظلّ غياب الإصلاحات الاقتصادية، من المؤسف رؤية أن الطبقة المسؤولة عن انهيار البلد، ستقوم بإدارة هذه العملية التي يمكنها مساعدة لبنان اقتصادياً بشكل كبير. 

هل استيراد الفيول من إيران قد يتسبب بعقوبات على لبنان؟
لا أظن أن إدارة بايدن ستعاقب لبنان، لقد وصلت سفينتَيْ فيول من إيران، ونقلت تلك المادة من سوريا عن طريق البر. والجميع تناول الموضوع على أنه أمر عظيم وحدث ضخم، ونصرالله أعلن أنه ينقذ لبنان، وقد دامت الكمية لثلاثة أيام. (ضاحكاً) إن هذا الأمر مثير للشفقة والسخرية. ما الذي يمكن لإيران أن تقدمه، إيران بلد مفلس وشعبه جائع.

"لا نثق بحكومة لبنان"

لكن الإدارة الاميركية متهمة بالتضييق على لبنان والمساهمة في الانهيار الحاصل؟
الشعب اللبناني يعاني بشكل حقيقي، لقد خسر أمواله، ويهاجر بالآلاف، ويعيش في ظل أزمة اقتصادية خانقة. ويظهر نصرالله وباسيل ليلقيا باللوم عليّ شخصياً بذلك. حاولوا اتهام الولايات المتحدة بأنها وراء انهيار المصارف بسبب فرضها للعقوبات، ونحن لم نعاقب إلاّ مصرفاً واحداً، وهو جمّال ترست بنك، وأتى ذلك بعد تخفيضه الائتماني في مؤشر موديز. 

لا دخل للإدارة الأميركية بالانهيار الحاصل في لبنان، إذا قرأتِ تقرير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فستجدين أنه يصف ما جرى بـأنه "أكبر كارثة اقتصادية من صنع بشر في العالم".

هل المسؤول عن الانهيار في لبنان هو الحكومة، أم حزب الله، أم الفساد؟
الكل مسؤول، الحكومة لا تتخذ أي قرارات حاسمة، تتواطأ في تلزيمات يطبعها الفساد، ولا يوجد أي رقابة على مرافقها، والكهرباء أكبر دليل. وحزب الله مستفيد من الفساد وغياب الدولة ومن النظام المصرفي لأنه يقوم بتبييض الأموال عبر بعض المصارف، وتصريف وتمويل صناعة الكبتاجون. والفساد المستشري الذي يتغذى بالتسويات وتوزيع الحصص. يجب تغيير القيادات، لأنها جزء لا يتجزأ من الفساد.

من أين يبدأ الحل في لبنان؟ من الداخل أو من المجتمع الدولي أو من إيران؟
نقدم المساعدات بشكل دوري إلى لبنان، ولكن ليس للحكومة، لأنه لا أحد يثق بالحكومة. ولا أحد يريد مساعدة لبنان، ولن يساعد أحد لبنان ما لم يساعد لبنان نفسه. ومن دون أدنى شك الدولة ضمن الدولة التي يديرها حزب الله علامة صارخة بأن لا ثقة بهذا البلد.

حزب الله جزء من النسيج اللبناني، كيف يمكن التعامل معه من دون إلحاق الأذى باللبنانيين؟ 
لا جواب عندي لهذا السؤال. دعوني أقول إذا نجح الشعب الإيراني بمواجهة النظام في الداخل، فإن ذلك سيؤثر في حزب الله المعتمد بشكل شبه كلي على إيران. لأنه عندما ضاق به التمويل الإيراني، لجأ إلى الاتجار بالمخدرات من الكوكايين والحشيش والآن الكبتاجون.

هل للعقوبات أي فاعلية حقيقية في تقييد المعاقبين؟
العقوبات أساسية، وتساعد، ولكنها غير كافية. هذه منظمة إرهابية اسمها المقاومة الإسلامية في لبنان، وليس المقاومة الإسلامية اللبنانية، إذا هي تابعة لإيران، ولكن مقرها في لبنان.

ما الذي يحصل إذا تم انتخاب جبران باسيل، المدرج في لوائح العقوبات الأميركية، رئيساً للجمهورية؟
يمكن للبنان أن ينتخب جبران باسيل، تماماً كما انتخب الإيرانيون رئيسي الذي قتل آلاف المدنيين، هذا خيار اللبنانيين. وسيكون هذا رئيسهم الثاني على التوالي الحليف لحزب الله.وهناك العديد من الأصوات في الولايات المتحدة تعارض مساعدة لبنان. على اعتبار أن لبنان هو حزب الله، وإذا قام البرلمان بانتخابات كهذه فسيكون مؤشراً لمشكلات أعمق، وستكون مؤشراً خطيراً. 

من تسمي لرئاسة الجمهورية في لبنان؟
منذ كنت في الإدارة لم أسمِ يوماً أحداً، ولن أفعل اليوم. ولكني أعتقد أن هناك قلقاً حقيقياً من ألاّ يترك عون (الرئيس الحالي ميشال) القصر ، وأن يبقى بالقوة، وهذه ستكون صورة سيئة جداً للبنان.

هل من علاقة تربطك بـ"النواب التغييرين" الـ13 الذين فازوا بالانتخابات الأخيرة؟
(ضاحكاً) يسمونهم بكتلة "شينكر". ولا علاقة لي بهم حتى إنني وصفتهم بالنرجسيين. لا لم ألتقِِ بأي منهم ولا تواصل بيني وبينهم، كنت أزور لبنان عندما كنت في الإدارة ثلاث مرات سنوياً، ولدي العديد من الأصدقاء، إلاّ أنني لم ألتقِ نواب التغيير، ولم أموّلهم والإدارة الأميركية لم تمولهم، وترويج مثل هذه الاتهامات استهتار بعقول الناس.

لكن مثل هذه الاتهامات تصل إلى حد الاغتيالات كما حصل مع الناشط المعارض لقمان سليم؟
لقمان سليم كان يحصل على تمويل من مؤسسات دولية، ليدير بها مؤسسة غير ربحية وغير حكومية، كان يقوم بتعليم النساء الشيعيات اللغة الإنجليزية، ويدير مشروعه الثقافي التوثيقي. لقمان سليم لم يكن يوماً مرشحاً للانتخابات، ولم يموِّل مرشحين. وهو خسارة كبيرة. المتهم الأول في اغتياله حزب الله، لأنه لا قدرة لأحد على تنفيذ مثل هذه العملية في مناطقه. لكن للأسف لن يُصار إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الاغتيال، تماماً كما حصل في اغتيال رفيق الحريري (رئيس الحكومة الأسبق)، ومحمد شطح (وزير مالية سابق) وكل الذين تم اغتيالهم.

تصنيفات