أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أنَّ الولايات المتّحدة ستفرض هذا الأسبوع، عقوبات جديدة على إيران ردّاً على ما وصفه بـ"قمعها لمتظاهرين سلميين".
ويأتي ذلك في إطار تنديد غربي برد السلطات الإيرانية على الاحتجاجات الشعبية التي أثارتها وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً)، التي تنتمي إلى منطقة كردستان الإيرانية، والتي توفيت بعد أن احتجزتها "شرطة الأخلاق".
وقال بايدن في بيان إنَّ "الولايات المتحدة ستفرض هذا الأسبوع أكلافاً إضافية على مرتكبي أعمال العنف ضدّ المتظاهرين السلميين. سنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حقوق الإيرانيين في التظاهر بحريّة".
وأضاف أنَّ الولايات المتّحدة "قلقة بشدّة إزاء التقارير الواردة عن استمرار العنف المتزايد ضدّ متظاهرين في إيران، بما في ذلك ضدّ طلاب ونساء"، مؤكداً أنَّ "الولايات المتّحدة تقف إلى جانب الإيرانيات، وكل المواطنين الإيرانيين الذين شكّلت شجاعتهم مصدر إلهام للعالم أجمع".
"مقلقة ومروعة"
واعتبرت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار في تصريح على متن الطائرة الرئاسية الأميركية "إير فورس وان"، أنَّ الحملة الأمنية للسلطات الإيرانية "مقلقة ومروّعة"، مشيرة إلى "تقارير تفيد برد السلطات الأمنية على تظاهرات الطلاب الجامعيين السلمية، بالعنف وعمليات توقيف واسعة النطاق".
وأضافت أنَّ الطلبة "يحق لهم الرد على طريقة تعامل الحكومة مع النساء والفتيات، والحملة الأمنية العنيفة المتواصلة ضد التظاهرات السلمية"، لافتة إلى أن "حملات القمع التي نُفّذت نهاية الأسبوع هي تماماً السلوكيات التي تدفع الإيرانيين، من شباب موهوبين لمغادرة البلاد بالآلاف، بحثاً عن الكرامة والفرص في أماكن أخرى".
لكن رغم التوتر، أوضحت المتحدثة أن الإدارة الأميركية تفصل بين ما يجري على الأرض في إيران، والمفاوضات الرامية لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015.
وقالت "لدينا قلق حيال إيران"، لكن خطة العمل الشاملة المشتركة (أي الاتفاق النووي باسمه الرسمي) الرامية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها "هي الطريق الأمثل لنا للتعامل مع مشكلة (البرنامج) النووي".
عقوبات كندية
وكشفت الحكومة الكندية أنَّها فرضت عقوبات جديدة على إيران، بسبب "انتهاكات لحقوق الإنسان"، بما في ذلك ما يتعلق بوفاة الشابة مهسا أميني.
وقالت الحكومة الكندية في بيان: "(تأتي) هذه العقوبات رداً على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في إيران، ومن بينها قمعها الممنهج للنساء، وخاصة الأفعال الشائنة المُرتكبة من قبل ما يسمى شرطة الأخلاق في إيران، والتي أدت إلى وفاة مهسا أميني بينما كانت في الحجز لديهم".
ومضت قائلة إن هذه الإجراءات الجديدة أُضيفت إلى العقوبات السارية ضد إيران، وإنها أدرجت على قائمة العقوبات 25 شخصاً وتسعة كيانات من بينهم مسؤولون في "الحرس الثوري" الإيراني ووزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية.
وفرضت كندا عقوبات أيضاً على وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب، وقناة "برس تي في" التلفزيونية، و"شرطة الأخلاق" التي تطبق القيود الصارمة على ملبس النساء.
وقالت وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي: "لا بد أن يتوقف القمع المستمر والممنهج للنساء الإيرانيات". وأضافت: "تُثني كندا على شجاعة الإيرانيين وأفعالهم (الاحتجاجية) وستقف إلى جانبهم وهم يناضلون من أجل حقوقهم وكرامتهم".
بريطانيا تستدعي السفير الإيراني
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية، الاثنين، أنها استدعت القائم بالأعمال الإيراني بشأن قمع الاحتجاجات في بلاده.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي "العنف الذي يتعرض له المحتجون في إيران على يد قوات الأمن صادم حقاً".
وتابع قائلاً: "اليوم أوضحنا وجهة نظرنا للسلطات الإيرانية، بدلاً من إلقاء مسؤولية الاضطرابات على عناصر خارجية، يتعين عليها تحمل مسؤولية أفعالها والاستماع لمخاوف شعبها".
وقدمت 6 دول أوروبية، الاثنين، مقترحاً يقضي بفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران، لقمعها الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثالث، في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني بعدما احتجزتها "شرطة الأخلاق" الشهر الماضي.
وأفادت مصادر دبلوماسية لمجلة "دير شبيجل" الألمانية، بأن الدول الست التي قدمت المقترح هي: ألمانيا وفرنسا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا والتشيك، وينص المقترح على فرض عقوبات تستهدف 16 شخصاً ومنظمة، فضلاً عن مؤسسات مسؤولة عن "حملة قمع الاحتجاجات" التي أشعلتها وفاة أميني.
ولفتت المصادر إلى أن العقوبات المقدمة طُرحت تمهيداً لمناقشتها من قبل وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم المقرر 17 أكتوبر الجاري، مرجحةً عدم ممانعتهم فرض العقوبات.
وتشهد مدن إيرانية منذ نحو ثلاثة أسابيع، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة أميني في 16 سبتمبر بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل "شرطة الأخلاق".
ووفق "منظمة حقوق الإنسان في إيران" (غير حكومية)، أسفرت الاحتجاجات عن سقوط 92 شخصاً حتى الآن، في وقت قالت "منظمة العفو الدولية" في وقت سابق إنها أكدت سقوط 53 شخصاً، بعدما أشارت وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية الأسبوع الماضي، إلى سقوط زهاء ستين شخصاً.
اتهام أميركا وإسرائيل
من جهته، اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ أسابيع كان "مخططاً لها مسبقاً"، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل، بالوقوف خلفها.
وقال خامنئي في تصريحات نقلها موقعه الرسمي: "أقول بوضوح إن أعمال الشغب هذه والاضطرابات تم التخطيط لها من الولايات المتحدة والنظام الصهيوني الغاصب والمزيّف، ومأجوريهم وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهما".
وتنفي السلطات أيّ ضلوع للشرطة في وفاة الشابة، وتصف المتظاهرين بأنهم "مثيرون للشغب" و"إرهابيون" وأعلنت توقيف مئات منهم.
وشدد خامنئي وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، على أن الشرطة "ملزمة بمواجهة المجرمين وضمان أمن المجتمع".
وأكد أن "حادثة وفاة الفتاة الشابّة كانت مريرة وأحرقت قلبي"، لكنه اعتبر أن "رد الفعل دون أي تحقيق كان غير طبيعي".
وفي حين جدد تأكيد متابعة التحقيق في مقتل أميني، دعا السلطة القضائية الى التعامل "مع مثيري الشغب بشكل متسق مع مستوى مشاركتهم" في تدمير الممتلكات وتقويض الأمن.
وأضاف "المسألة ليست حول قضيّة الحجاب في إيران. كثيرات هنّ النساء الإيرانيّات اللواتي لا يرتدين حجاباً كاملاً وهنّ من الأنصار الحقيقيين لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة".
تمدد الاحتجاجات
وبعد أن امتدت التظاهرات الاحتجاجية في إيران إلى الجامعات خلال الأيام الأخيرة، أوردت وسائل إعلام محلية أن شرطة مكافحة الشغب تواجهت مع مئات الطلبة في جامعة شريف للتكنولوجيا بطهران، التي تعد أهم جامعة علمية في ايران، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع.
وعُلّقت الدروس الحضورية اعتباراً من الاثنين في الجامعة، وفقاً لما أفادت به وكالة "مهر" للأنباء، مشيرة إلى أن "كل الدروس ستتم افتراضياً اعتباراً من الاثنين (..) نظراً إلى أحداث سجلت مؤخراً، وضرورة حماية الطلاب".
وقالت الوكالة إن مئتي طالب تجمعوا بعد ظهر الأحد في جامعة شريف للتكنولوجيا ورددوا شعارات مناهضة للنظام القائم في إيران، فضلاً عن شعار "امرأة حياة حرية" و"الطلاب يفضلون الموت على الذل".
وحمل عناصر الشرطة بنادق خردق لمكافحة الشغب، فضلاً عن إطلاق الغاز المسيل للدموع. وانتشر عناصر من قوات الأمن بلباس مدني وعناصر من الشرطة مساء الأحد أمام المدخل الشمالي للجامعة، على ما أوضحت الوكالة.
وفي محاولة لتهدئة الوضع، زار وزير العلوم الجامعة للحديث إلى الطلاب وتكلم إلى القوى الأمنية المنتشرة حول الجامعة، بحسب المصدر نفسه.
توقيف أجانب
وبعدما أعلنت طهران الأسبوع الماضي توقيف تسعة أجانب، أكدت مسافرة إيطالية أنها موقوفة في إيران وطلبت المساعدة، وفق ما نقلت الصحافة الإيطالية عن عائلتها الاثنين.
وبحسب صحيفة "إل ميساجيرو"، قالت أليسيا بيبيرنو خلال اتصال هاتفي مقتضب مع أهلها الأحد: "أوقفوني وأنا في سجن في طهران. ساعدوني أرجوكم..."، مضيفة "أنا بخير، ولكن يقول أشخاص أنهم هنا منذ أشهر وبدون سبب، أخشى ألا أخرج أبداً، ساعدوني".