لخفض إيرادات موسكو.. خطة أوروبية أميركية لتقييد أسعار النفط العالمية

time reading iconدقائق القراءة - 8
شاحنة بنزين متوقفة في منشأة إنتاج فولودارسكايا إل بي دي إس التي يملكها مشغل خط أنابيب النفط "ترانسنيفت" في منطقة موسكو. 8 يونيو 2022 - REUTERS
شاحنة بنزين متوقفة في منشأة إنتاج فولودارسكايا إل بي دي إس التي يملكها مشغل خط أنابيب النفط "ترانسنيفت" في منطقة موسكو. 8 يونيو 2022 - REUTERS
دبي/ واشنطن-الشرق

تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها البحث عن سبل للحد من أي ارتفاع إضافي في أسعار النفط العالمية، إذ تحاول الموازنة بين الجهود الرامية لخفض الإيرادات الروسية من مبيعات الطاقة من جانب، وحماية الاقتصاد العالمي من ركود محتمل من جانب آخر. 

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، قولها، هذا الأسبوع، إن الولايات المتحدة شاركت في ما وصفته بـ "محادثات إيجابية للغاية" مع حلفائها الأوربيين حول الجهود المبذولة من أجل إنشاء "تكتل مشترين"، و"وضع سقف لأسعار النفط الروسي".  

وفي هذا الصدد تسعى وزيرة الخزانة لوضع خطة لحظر الشركات الأوروبية والبريطانية من التأمين على ناقلات النفط الروسي، ما من شأنها الحد من عائدات موسكو من الطاقة.

وأضافت يلين في حدث نظمته صحيفة "نيويورك تايمز" الخميس: "من المرجح جداً أن توافق المملكة المتحدة على مثل هذا الحظر، وقد يكون لذلك أثر في حبس قدر كبير من النفط الروسي".

ولفتت إلى أنه يتم ترتيب نحو 95% من تغطية مسؤولية الناقلات في العالم من خلال "المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض" ومقرها لندن.

وتابعت: "ستكون هناك حاجة إلى مجموعة كبيرة من الدول التي ستوافق على ذلك، وسيكون من الضروري إنشاء مثل هذا التحالف"، وفق ما أوردته وكالة "بلومبرغ".

"آلية"موازنة 

يلين قالت الثلاثاء الماضي، خلال جلسة للجنة المالية بمجلس الشيوخ، إن المحادثات بشأن إنشاء كتلة للمشترين، "نشطة للغاية"، وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وأضافت: "ما نريد القيام به هو استمرار تدفق النفط الروسي إلى السوق العالمية لخفض الأسعار ومحاولة تجنب ارتفاع يتسبب في ركود عالمي".

وتهدف المحادثات إلى إبقاء النفط الروسي "متاحاً" في الأسواق العالمية لمشترين مثل الهند والصين، ما قد يساعد على استقرار الأسعار التي تتجه بالفعل إلى الوصول إلى ضعف ما كانت عليه تقريباً قبل تفشي جائحة كورونا، و"إنشاء آلية" يمكن للدول الغربية استخدامها للحد من الإيرادات الروسية من مبيعات الطاقة.  

وقالت يلين: "أعتقد أن ما نريد إنجازه هو المحافظة على تدفق النفط الروسي إلى السوق لخفض الأسعار العالمية، ومحاولة تجنب زيادة حادة تتسبب في ركود عالمي وارتفاع أسعار النفط، فضلاً عن الحد من عائدات روسيا".  

وأشارت إلى أن تحركات الاتحاد الأوروبي يمكن أن ترفع أسعار النفط العالمية بدرجة كبيرة، ما يؤكد  الصعوبات التي يواجهها صناع السياسات العالمية في محاولتهم معاقبة روسيا، والحد، من الأضرار التي قد تلحق بالاقتصاد العالمي.  

وحظرت الولايات المتحدة واردات النفط الروسي، فيما وافق الاتحاد الأوروبي على حظر الواردات المنقولة بحراً من الخام الروسي في غضون 6 أشهر، فضلاً عن ذلك، عملت الكتلة على التنسيق مع بعض أعضاء مجموعة السبع بشأن حظر خدمات التأمين اللازمة لشحن النفط الروسي إلى أي مكان في العالم.

عوائد مرتفعة

في السياق، أفادت وكالة رويترز بأن مبعوث أمن الطاقة الأميركي آموس هوكشتاين، قال للمشرعين خلال جلسة الخميس، إن عوائد روسيا من الوقود الأحفوري "ربما تزيد حالياً" عما كانت قبل فترة وجيزة من غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، إذ عوضت الزيادات في الأسعار العالمية تأثير الجهود الغربية للحد من مبيعاتها.

وأضاف في رد على سؤال باللجنة الفرعية لمجلس الشيوخ بشأن أوروبا والتعاون الأمني الإقليمي، عما إذا كانت موسكو تجني الآن أموالاً من مبيعاتها من النفط الخام والغاز أكثر مما كانت تحققه قبل شهرين من بدء الحرب: "لا يمكنني إنكار ذلك".

وأشار هوكشتاين إلى أن زيادة الطلب العالمي على النفط من الدول المستهلكة مع رفع قيود جائحة كورونا كانت "أكبر بكثير وأقوى مما توقعه أي شخص".

ولفت إلى أنه في حين أن المبيعات الروسية للصين والهند كانت بأسعار أقل مقارنة بأسعار الإمدادات من البلدان الأخرى، فإن ارتفاع أسعار السوق العالمية يعني أن عوائد روسيا من المرجح أن تكون أعلى الآن.

وقالت وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي، إن عوائد النفط الروسية ارتفعت 50 % منذ بداية العام لتصل إلى 20 مليار دولار شهرياً، مع حصول الاتحاد الأوروبي على الحصة الكبرى من صادراتها.

ومن المتوقع أن يسري حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي بشكل كامل في نهاية العام، ويمكن أن يخفض ذلك من العوائد.

"عقبات لوجيستية"

وقال محللون لـ"وول ستريت جورنال"، إن الروس يواجهون "عقبات لوجستية" بالغة التعقيد، لبيع كميات كبيرة من النفط في أماكن أخرى، وسيجدون أنفسهم مضطرين في نهاية المطاف إلى "إغلاق الآبار" بعد نفاد مخزونهم.

من جانبه، أفاد مركز أبحاث "بروجيل" بأن روسيا، التي قال المحللون إنها تبيع نفطها بنحو 30 دولاراً للبرميل، تحصل على نحو 10 مليارات دولار شهرياً من الاتحاد الأوروبي مقابل النفط الخام والمنتجات النفطية، إذ إن روسيا كانت تصدر "ما يقرب من 2.5 مليون برميل نفط خام يومياً إلى الاتحاد الأوروبي قبل اندلاع الأزمة". 

في حين، قال بوب مكنالي رئيس مجموعة "رابيدان إنيرجي"، والذي عمل في ملف سياسة الطاقة في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش للصحيفة: "نعتقد أن الأمر محصور نوعاً ما في كمية النفط التي تستطيع روسيا وضعها في مكان آخر".  

وأضاف أن "الصادرات الروسية يمكن أن تنخفض بما يصل إلى 3 ملايين برميل يومياً، ما يمثل نقصاً فادحاً في الإنتاج العالمي للنفط".  

وقال كلوديو جاليمبرتي، النائب الأول لرئيس قسم التحليل في "ريستاد إينرجي" للصحيفة، إن خفض الإنتاج الروسي بدرجة أكبر "يمكن أن يرفع سعر النفط عالمياً إلى 200 دولار للبرميل"، في قفزة قد تدفع معظم دول العالم إلى السقوط في نفق الركود. 

وأوضح أن خفض الإنتاج الروسي بسرعة كبيرة "يمكن أن يكون له عواقب وخيمة"، ومن ثم "يجب أن نكون حذرين تماماً بهذا الشأن". 

ويتوقع آخرون أن تتكيف روسيا مع الخطوات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي، وتتمكن من الاستمرار في بيع كميات مشابهة من النفط في الأسواق غير الأوربية، ما يعني عدم فاعلية حظرها في خفض تدفقات النقد الروسي.  

وقد يهدد نظام العقوبات الثانوية المحتمل بعض الدول، وبخاصة الهند والصين، بفقد آلية الوصول إلى المؤسسات المالية الأميركية في حال شرائها النفط الروسي بأسعار خارج المعايير التي وضعتها الولايات المتحدة.  

ولكن هذه الخطوة تنطوي على مخاطر دبلوماسية على واشنطن، سواء في ما يتعلق بالهند والصين، أو حتى في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي الذي سبق له مقاومة فرض العقوبات الثانوية الأميركية.  

اقرأ أيضاً:

تصنيفات